خبر العالم يملي ونتنياهو يرد..هآرتس

الساعة 08:23 م|22 يونيو 2010

بقلم: أمير اورن

عندما عاد بنيامين نتنياهو الى رئاسة الحكومة، بعد عشر سنين في الجلاء، عرضه أنصاره الحمقى الذين أخذوا يقلون على أنه مثال الصديق الذي سقط وقام؛  ورجع الى مزاولة المهنة. مرت سنة وربع سنة ولم يكن رجوع بل رجوع موهوم. فريق ردود شخص واحد. فالعالم يعمل ونتنياهو يثرثر. لا توجد مبادرات، وهناك الكثير من الجري  اليائس للامساك بذنب الواقع.

        هذا صحيح فيما يتعلق بالمسيرة السياسية وبحصار غزة وتحقيق قضية الرحلة البحرية الذي جر نتنياهو الى فرضه على لجنة تيركل – روزان – حوريف. ويعود هذا ايضا في قضية عمانوئيل. والمشترك هو رغبة المستوى السياسي في التهرب من المسؤولية. قبيل الامتحانات الكبرى التي أخذت تقترب في مواجهة المستوطنين وأنصارهم، تكون هذه وصفة للفوضى، وفي ظروف متطرفة، اذا استمر ضعف قيادة النظام، فهي وصفة أيضا لادارة الدولة على يدي جماعة عسكرية في واقع الأمر. فهي قانونية وديمقراطية ومطيعة للمحاكم ولا تتدخل في السياسة، لكنها ما تزال مجموعة عسكرية فنية وليست قيادة منتخبة.

        عندما أصيب الساسة بالبكم في قضية عمانوئيل، عملت شرطة اسرائيل على أنها منفذة لأمر محكمة العدل العليا بموافقة المستشار القانوني وقد أحسنت الصنع. تولى القائد العام للشرطة، دودي كوهين، قيادة العملية المتجاوزة للمحافظات بنفسه: فالقدس، ويهودا والسامرة وتل أبيب، وشعبة النقليات، وحرس الحدود، وشعبة العمليات، ولواء الاستخبارات – عشرة آلاف شرطي في مواجهة 100 ألف وأكثر من المتظاهرين في مواقع مختلفة. كانت الحادثة السابقة التي تولى القائد العام للشرطة قيادتها على نحو مباشر هي زيارة البابا بنديكت السادس عشر في العام الماضي.

        استعدت الشرطة على عجل في أنحاء البلاد للهبة الحريدية – أي اخلال بالنظام في الوسط الحريدي الذي يقرب من عُشر سكان اسرائيل أي أكثر من نصف مليون، في حين كانت في الخلفية مظاهرات الحريديين في يافا بدعوى تدنيس قبور، وقرار محكمة العدل العليا على وقف دفع ضمان الدخل الى طلاب المدارس الدينية.

        ليس ذلك عمانوئيل فقط؛ بل أيضا الغلاف الواقي لـ "الأم المجوعة" والأب الذي قتل طفله. "من استطلاعات للرأي تمت في المدة الأخيرة في وزارة الأمن الداخلي وفي الشرطة يتبين أنه توجد مشكلة في استعداد الوسط الحريدي للتعاون مع سلطات فرض القانون"، في علاج الجنايات التي تتم فيه، كما حذرت في المدة الأخيرة صحيفة الشرطة. تم البلاغ هناك عن "بحث للفحص عن مقدار الجريمة في الوسط الحريدي"، انحصر في المدينة الحريدية الشابة "العاد"، قياسا بالشريكة غير الحريدية في محطة الشرطة تلك، رأس العين التي تشبه العاد في عددها.

        وجد الباحثون أنه في العقد الأخير "حدث في العاد زيادة ملحوظة على جميع الجنايات التي تم الفحص عنها"، وبخاصة جنايات الهجوم (أحد عشر ضعفا)، والعنف بين الزوجين (عشرون ضعفا) والجنايات على العاجزين (18 ضعفا). وكذلك الأمر ايضا في جنايات الأحداث (18 ضعفا) والجنس (ثمانية أضعاف). كان في رأس العين انخفاض لأكثر الجنايات. وكانت نسبة الجنايات لكل ألف من السكان أعلى كثيرا في البلدة الحريدية.

        تحمي الجماعة وحاخاماتها هناك الجناة. ولماذا لا يفعلون ذلك، ونتنياهو ووزير التربية جدعون ساعر يخافان اقالة نائب الوزير مئير بروش، الذي يحمي محقري المحكمة في عمانوئيل؟

        تتغلغل رسالة مشابهة الى الجنود تقول أنتم وحدكم. كما في "مرمرة"، وكما في الشريط المسجل الذي يقضي على نفسه بـ "مهمة غير مهمة"، سيتحلل الوزراء من المسؤولية وينكرون. يعبر بحث لضباط قسم علوم السلوك في هيئة القيادة العامة، نشر في "معرخوت" وحلل أزمات التيلينا في 1948 واخلاء يميت في 1982 واخلاء غزة وشمالي السامرة في 2005 عن خوف من التخلي عن القيادة المنخفضة ومستوى الجنود وتركهم لأنفسهم. يبين الدرس المتراكم أنه في اخلاء المستوطنات اذا أتى يحسن أن "يحقق قادة الكتائب والسرايا مجال قيادتهم"، ويتوصلوا الى تسويات اعفاء غير رسمية مع جنودهم الذين يعارضون المشاركة في المهمة، لمنع الرفض الجماعي وانهيار الوحدات. "الحرب الأهلية هي واقع لا يطاق لكن الجيش الاسرائيلي قد يجد نفسه في المستقبل ايضا مهددا بعناصر في الداخل وأن يرد على ذلك على حسب ذلك. المسؤولية عن اتخاذا القرارات هي للمستوى السياسي"، يحذر الضباط.

        السلطة في اسرائيل تنحل عراها، وانه ما ظل رؤوسها صامتين عاجزين، فلن يصد الانزلاق الى الفوضى والى تمرد حقيقي.