خبر من أشد ضرراً من الطالب الديني.. هآرتس

الساعة 09:52 ص|17 يونيو 2010

من أشد ضرراً من الطالب الديني.. هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

الشبه أكبر من الاختلاف: فثمة مجموعتان من السكان منغلقتان متكبرتان، مختلفتان عجيبتان أحيانا، ذواتا قيادتين ذواتي سلطة ومجموعات أقلية عظيمة القوة، ولكليهما أجهزة قانون ومعايير تخصهما. المستوطنون والحريديون، نحو من 300 ألف في المجموعة الاولى من غير مستوطني القدس، ونحو من 700 ألف في المجموعة الثانية، مع المستوطنين الحريديين. في اسرائيل 2010 هاتان هما المجموعتان الأشد نشاطا وتصميما في المجتمع اليهودي، الوادع الغافي. وكلتاهما تحدث فيه أضرارا مصيرية، وكلتاهما تكلفه مالا جما. ومن العجب أنه في حين أن الحملة على الحريديين في ذروتها، وهي حملة عادلة في أساسها يصحبها كشف عن الكراهية والعنصرية القبيحة، تراوح النظرة للمستوطنين بين عدم الاكتراث، والمشايعة بل الشفقة.

الشفقة؟. لقد عرفهم عضو لجنة تحقيق علاج المجلين في الانفصال، البروفسور يديديا شتيرن، أول من أمس بأنهم ضحايا "المس الأشد بحقوق الانسان بتاريخ دولة اسرائيل" لا أقل من ذلك. فلا فقراء اسرائيل ولا المهاجرون الذين رموا في بلدات التطوير، ولا الشبان المعرضون للخطر ولا أبناء العمال الاجانب، ولا العرب الذين طردوا في 1948 و 1967 ولا الفلسطينيون الواقعون تحت الاحتلال – بل المستوطنون الذين أجلوا وعوضوا، على حسب العيار الاخلاقي المدهش لشتيرن.

الحريديون خلافا للمستوطنين هدف سهل. فلا يوجد اجماع في المجتمع العلماني اكبر من الاجماع على كراهيتهم. إن انتقاد المستوطنين مختلف فيه، ويجبي ثمنا ويقتضي شجاعة. إن الساسة الغوغائين يصنعون حياتهم المهنية بنشر كراهية الحريديين، لكن تغيير المعايير المتعلقة بهم يفضي الآن الى المحكمة بدل قيادة الدولة. وبغير أي محاولة للتقرب منهم في البدء، تقع عليهم مرة بعد أخرى قضايا المحكمة والقرارات. قررت محكمة العدل العليا أن ضمان الدخل للطلاب المتدينين لا يدعو الى المساواة؛ وقررت محكمة العدل العليا ان العنصرية في عمانوئيل لا تطاق؛ ويقول الجيش الاسرائيلي إنه ينبغي تجنيد آلاف آخرين من طلاب المدارس الدينية. كل ذلك قرارات صحيحة غير ممتنعة، لكن ماذا عن المجموعة العاصية الثانية؟

العنصرية؟ المستوطنون أشد عنصرية. العنف؟ المستوطنون أكثر عنفا. أتجاهل واضح للقانون ووجود نظام قوانين مستقل؟ هذا عند المستوطنين أكثر. أخطر على الديمقراطية؟ إنه أشد تربصا بنا من قبل المستوطنين. أميزانيات ضخمة؟ المستوطنون يكلفوننا أكثر والحريديون أفقر. أإضرار بالمجتمع والدولة؟ إضرار المستوطنين مصيري أكثر وبكاء لأجيال.

إن انطواء الحريديين في عالمهم على حساب الدولة شيء ينبغي تغييره. ويجب أيضا اقتلاع مظاهر عنصريتهم. لكن أين الرأي العام، والدولة ومحكمتها عندما يبلغ الأمر المستوطنين؟ يمص الحريديون "ضرع الميزانية" كما اعتدنا أن نقول، افلا يفعل المستوطنون ذلك؟

على حسب ما تزعم "السلام الان" يكلفوننا 2.5 مليار شيكل كل سنة. ولماذا؟ لجهد احباط أي محاولة سلام. أليسوا أكثر ضررا من الطلاب المتدينين؟ أليسوا أكثر خطرا من طلاب المدارس الدينية؟ إن الحريديين من الغربيين يسلكون سلوكا يثير امتعاض الشرقيين. أهذه عنصرية؟ لكنها على الأقل ليست عنيفة كعنصرية المستوطنين الموجهة الى الفلسطينيين. يجلس الحريديون نساءهم في الحافلات في الخلف؛ أما المستوطنون ففضلا عن أنهم لا يدعون الفلسطينيين يركبون حافلاتهم، يكون الشارع كله لهم فقط أحيانا.

الحريديون ينشئون حاجزا بين الغربيين والشرقيين في مدارسهم؛ أما المستوطنون فيجرون تطهيرا عرقيا بحماية من الدولة، كما يقع لـ 25 ألفا من سكان الخليل. فمن هو العنصري الحقيقي هنا اذن؟ اذا اردنا الموازنة بين شبان التلال وشبان المدارس الدينية، فان المجموعة الثانية تبدو قدوة أخلاقية. وعلى من يثور الغضب؟ على الحريديين بطبيعة الأمر. فمتى تثور المحكمة على عنصرية المستوطنين كما فعلت بالثورة على عنصرية الحريديين؟ إنها هي نفسها تقيم نظم عقاب تختلف بين العرب واليهود. متى سمعنا بالوظائف المختلقة لآلاف المستوطنين في جهاز الدولة كما نسمع بـ "تطفل الحريديين"؟ وماذا عن آلاف الجنود الذين يضطرون الى حماية المستوطنين، والشوارع الباطلة التي شقت من أجلهم، والكهرباء والماء لبؤرهم الاستيطانية غير القانونية؟ كل ذلك على حسابنا، أكثر من توراة الحريديين التي هي شغلهم الشاغل.

لهذا هلم نسم الولد السيء باسمه: الاخلاقية المزدوجة ويمكن أن نسميه أيضا الخوف.