خبر كان يمكن اعتقال جولاني بدلاً من قتله.. هآرتس

الساعة 08:16 ص|16 يونيو 2010

 

كان يمكن اعتقال جولاني بدلاً من قتله.. هآرتس

بقلم: عميرة هاس

أطلقت النار على وجه زياد الجيلاني، من سكان شرقي القدس الذي داس وجرح أربعة من أفراد شرطة حرس الحدود في حي وادي الجوز في يوم الجمعة الماضي، أطلقت مرتين من مدى قصير جدا، في حين كان مستلقيا على الارض، كما يزعم شهود عيان. وقالوا إن شرطي حرس الحدود أمسك سلاحه على نحو عمودي، قريبا جدا من رأسه وأطلق النار. جاء عن شرطة التحقيق السرية ان الحادثة يحقق فيها وسيقرر في الأيام القريبة هل يبدأ تحقيق.

صدق شهود العيان بصحيفة "هآرتس" أن الجيلاني أصاب بسيارته مجموعة من رجال الشرطة ساروا في صَعود الشارع  الرئيس في الحي، لكنهم على قناعة كأبناء عائلته بأن الحديث عن حادثة لا عن نية عمد بتنفيذ عملية في اسرائيليين، كما أظهرت الأنباء الرسمية. بحسب أقوال الجيران، اطلقت الطلقات القاتلة على رأسه في حين لم يكن سبب يدعو الجنود للخوف على حياتهم وحينما كانوا يستطيعون اعتقاله بلا أي عائق.

كان الجيلاني وهو في الـ 39 وأب لثلاثة بنات، رجل أعمال مستقلا. زوجته تحمل جنسية الولايات المتحدة، وعاش هو نفسه سنين طويلة في سويسرا والولايات المتحدة. في يوم الجمعة الأخير، بحوالي الساعة الثانية، كان في طريقه عائدا من صلاة يوم الجمعة الى بيته في حي شعفاط. وقد ركب سيارته في الشارع الرئيس من وادي الجوز.

قبل الحادثة بدقائق معدودة، ظهر في المكان شرطيون يركبون خيولا، حضروا نحو المنطقة الصناعية في الحي. وانتشر رجال شرطة من حرس الحدود كثيرون آخرون عند منحدر الشارع، وعلا بعضهم في اتجاه سور البلدة القديمة. تحرك صف السيارات المزدحم وفيه سيارة الجيلاني ببطء شديد، وبحسب أقوال شهود العيان لم تكن حركة سيارات في الاتجاه المعاكس قط. بدأ الحي يمتلىء في تلك الساعة بمصلين عادوا سيرا على الأقدام من المساجد وبدأ عدد من الحوانيت يفتح.

بحسب رواية اثنين من شهود العيان، وقفا عند مدخل حانوتين في الشارع، رميت مجموعة رجال الشرطة بعدد من الحجارة، وأصاب حجر سيارة الجيلاني. وقد انحرف يسارا نتيجة ذلك خارج صف السيارات وأصاب مجموعة الشرطيين. وقال أحد شهود العيان هؤلاء لصحيفة "هآرتس" إنه سمع اطلاق نار بعد ذلك من الفور. وقد رأى شرطيا يسقط على الأرض وشرطيين يحملانه ويسندانه الى حائط حتى وصول سيارة الاسعاف. وبدأ رجال الشرطة الاخرون كما قال يسرعون نحو الجيلاني الذي استمر يسافر في سيارته.

قال شاهد عيان آخر، عاد هو أيضا سيرا من الصلاة إنه لم ينتبه الى رمي حجارة وقدر ان الجيلاني انحرف عن مسار السيارات لانه اعتقد انه يستطيع تجاوز صف السيارات. وقال عدد  من شهود العيان الاخرين انهم لحظوا بعد ذلك أن واجهة سيارته الأمامية كانت مهشمة لكنهم لا يستطيعون ان يقولوا بيقين هل الحديث عن اصابة رصاصة او حجر. مهما يكن الأمر أصاب بعض الرصاص سيارات أخر. جلست في احداها بنت في الخامسة انتظرت أباها الذي دخل ملحمة مجاورة. جرحت بالشظايا وعولجت في مشفى المقاصد في القدس.

استمر الجيلاني على السير برغم اطلاق افراد الشرطة، وعدل يمينا الى زقاق بلا مخرج عرفه جيدا لأن عمه يسكن فيه. طارده بعض أفراد الشرطة وهم يطلقون النار. وانضم اليهم أفراد شرطة آخرون أتوا من منطقة كراجات وادي الجوز. البعد بين المكان الذي أصيب فيه الشرطيون وبين المكان الذي وقف فيه الجيلاني سيارته نحو من 80 مترا.

رأت أم وابنتها كانتا في المكان الجيلاني يخرج من السيارة. وروت البنت وهي في العشرين من عمرها أول من أمس لصحيفة "هآرتس" ما يلي: "كنت في أعلى الزقاق، في الطريق الى أسفل. سمعت اطلاق نار. وقفت وعدت قليلا الى أعلى لأرى ماذا يحدث، ورأيت سيارة تجري ووراءها شرطيون كثير. وقفت السيارة قربي تماما وخرج بعضهم منها. رأيته عندما كان قرب باب السيارة، نظر الي نظرة لم أفهمها حقا ولا أستطيع نسيانها. كان اطلاق نار وبدأت أصرخ جرت أمي نحوي ودفعتني. حدث كل ذلك في ثوان. لحظت أنه لا يمشي على نحو معتاد ولحظت أن واجهة السيارة الامامية مهشمة. جرى الى ان سقط. نزل من السيارة وهم وراءه، ولم يطلق النار واحد فقط بل أطلقها كثيرون، وآنذاك بدأوا يصرخون بالعبرية أن ندخل البيوت". البعد بين السيارة الواقفة والمكان الذي سقط فيه الجيلاني نحو من عشرة أمتار.

روت الأم لصحيفة "هآرتس" ان البنت بدأت تصرخ، ودفعتها ردا على ذلك واستقلت فوقها، على الارض في حين كان افراد الشرطة يطلقون النار ويتقدمون. نظرت كلتاهما ولحظت أن الجيلاني مستلق على بطنه وحوله عدد من أفراد الشرطة. تقول البنت ان احد الشرطيين ركله في رأسه. والأم من جهتها رأت شرطيا يسدد سلاحه قريبا جدا من رأس الجيلاني. غطتا رأسيهما وسمعتا اطلاق نار. وعندما وقف ذلك دعاهما الجيران الى دخول بيتهما.

سد أفراد الشرطة مدخل الزقاق من قبل الشارع الرئيس. سمع جار يسكن منحدر الشارع اطلاق النار، وظن في البدء ان الحديث مفرقعات. قال لصحيفة "هآرتس" انه قال بالعبرية لأحد أفراد شرطة حرس الحدود ان عليه ان ينقذ حياته. وقال ان الشرطي – وهو ضخم الجسم، أبيض اللون أصلع ذو عينين خضراوين – أجابه بالعبرية "ليس هذا شأنك انصرف". وقال له أيضا آنذاك: "أنا قتلته انا قتلته". وقال له شرطي آخر في زعمه بالعربية "اذهب الى البيت".

عاد الجار الى بيته واستدعى فريقا طبيا. عندما عاد الى المكان التقى محمود الجيلاني ابن عم القتيل زياد الجيلاني الذي يسكن الزقاق نفسه. وقال ان نفس الشرطي الذي افتخر بأنه قتل الجيلاني سدد بندقية الى رأس محمود. قال الجار إن ابن العم أمسك بالبندقية ورفعها الى أعلى كي لا يطلق الشرطي عليه النار وأن شرطيين أمسكا به بقوة آنذاك.

على حسب قوله محمود الجيلاني، أدرك من المكالمة الهاتفية التي تلقاها أن شيئا وقع لابن عمه. خرج من بيته الذي يقع على مبعدة نحو من عشرة أمتار من المكان الذي اطلقت فيه النار على زياد الجيلاني. وعندما خرج من الفور أحدق به رجال شرطة ومنعوه التقدم. وقال إنه عندما قال لهم ان هذا ابن عمه انقضوا عليه وضربوه ثم سدد احدهم بندقية الى رأسه أيضا. خيطت جروحه بعد ذلك لكنه احتاج الى فحوص طبية أخرى.

في نهاية الأمر وصل المكان فريق انقاذ من الهلال الأحمر. وقبل ان ينقل زياد الجيلاني، لاحظ شهود عيان ثقبين لاطلاق النار في الحنك وصفحة وجهه اليمنى. وعندما أدار فريق الانقاذ رأسه تبين الجانب الأيسر من وجهه حيث فتح ثقبان كبيران بين الحنك المهشم والصدغ. كذلك وجد أنه كان جريحا في رجله وبطنه ويده. في هذه المرحلة كان الجيلاني ما زال يتنفس كما قال أفراد الفريق الطبي للعائلة.

فضل شهود العيان ألا تذكر اسماؤهم خوف التنكيل بهم. لم يتناول متحدث حرس  الحدود موشيه بنتسي المزاعم التي فصلتها صحيفة "هآرتس" في سؤالها. وكتب المتحدث في رده: "قتل مدنيون وجرح عشرات في حوادث دوس حدثت في أثناء 2008 – 2009. وأنقذت حياة مواطنين آخرين أبرياء بفضل تدخل رجال الشرطة من حرس الحدود الذين أحبطوا العمليات ومنعوا قتلا آخر. جميع تلك العمليات نفذها سكان من شرقي القدس، وفي جميع الحالات زعم أقرباء منفذي عمليات الدوس أن الحديث عن حادثة".

في حادثة الدوس الأخيرة في وادي الجوز جرح أربعة من محاربي حرس الحدود "نقلوا الى المستشفى للحصول على العلاج"، كما جاء، "في هذه الحالة ايضا احبط منفذ العملية بعد أن حاول الهروب من المكان خلافا للقانون. لا أنوي التطرق الى تفصيلات أخرى يجري تحقيقها".

جاء عن شرطة التحقيق أن الحادثة يجري التحقيق فيها وأنه سيقرر في الأيام القريبة هل يبدأ تحقيق في سلوك أفراد الشرطة من حرس الحدود فيها.