خبر اهدأوا، فهم يطمسون- يديعوت

الساعة 08:57 ص|15 يونيو 2010

اهدأوا، فهم يطمسون- يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

تستطيع لجنة تيركل ان تفاجئنا بطبيعة الأمر. فكل شيء ممكن في عالمنا. لكن احتمالات ذلك غير كثيرة. فتكوين اللجنة والسلطة التي منحتها تشهدان كألف شاهد على ما يتوقع منها. إن ما يتوقع من اللجنة هو اصدار وثيقة تبرىء دولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي وتساعد الدعاية الاسرائيلية في نضالها لمنتقدي اسرائيل الذين أخذوا يكثرون. ستبحث اللجنة مسألة الحصار ومسألة السيطرة على السفينة على أنهما مشكلتنا نظريتان، وستبدع تأملات مدروسة، وتثير تساؤلات وتجيب عليها اجابات طويلة. وفي نهاية الأمر ستسوغ ما يجب تسويغه.

إن شيئا واحدا واضح وهو ان رئيس الحكومة ووزير الدفاع غير معنيين باستيضاح حقيقة اخفاق العملية، التصوري والسياسي الذي حدث في البحر المتوسط خارج مياهنا الاقليمية. انهما معنيان في الحقيقة بالطمس على الحقيقة؛ لانه ينبغي الاعتراف ان الحقيقة فيها شيء ما من النفاق. ليست تكشف عن المرونة المطلوبة والاستعداد للمهادنة اللذين يصعب من غيرهما على الساسة (وبخاصة الساسة الفاشلين) تدبير شؤوننا. الحقيقة ببساطة موجودة هناك، لا تتعاون ولا تزداد مرونة – فالحقيقة قبيحة وغير مريحة وتثير الغضب. فمن ذا يستطيع الحقيقة؟

يحسن تجميل هذه السيدة القبيحة بتبرج ثقيل من التسويغ، الى ان يصبح الواقع شيئا تصبح معايشتنا له أسهل. اليكم الواقع الذي نحبه – نحن نعمل بطيبة قلب ونجوع، وبحضارية وانسانية، في داخل عالم معاد للسامية ومتلون يريد القضاء علينا. اعترفوا بأن هذا الواقع أجمل كثيرا من الواقع الآخر، بغير الزينة، الذي يطلب الينا ان نعترف بأنه حتى لو كان يوجد في العالم تلون ومعاداة للسامية، فلا يجعلنا هذا أبرارا خلصا على نحو آلي. ولنعترف أن عددا يزداد من نشاطاتنا يشهد على عدم التفكير، وقصر الرؤية وعدم الاكتراث الخالص بالثمن (لا سيما الثمن الذي سيضطر الاخرون الى دفعه).

يوجد غير قليل من التعبيرات عن الواقع القبيح المغضب الذي يعرضنا على نحو أقل جمالا وأقل حكمة مما يسهل علينا اعتقاده – ابتداء بأمور هامشية نسبيا، مثل الحماقة المتصلة في قضية المبحوح، ثم انتقالا الى شؤون أثقل وزنا، مثل اللين الفاضح الذي تعالج به الدولة العنصرية في الوسط الحريدي ثم انتقالا الى الاصرار على تغريب المواطنين من أصل عربي وانتهاء الى كسوف مثل قضية الرحلة البحرية وفي ضمن ذلك اقامة لجنة تيركل العجيبة.

وكل ذلك من غير ان نأخذ في الحساب الأخطاء والاختلالات والحماقة التي تعالج بها القضية الذرية الايرانية.

اعترفوا بأن هذا الواقع أقل جذبا من السابق: لأنه يوجد في الشعور بأن "العالم كله ضدنا نحن الأبرار الابرياء" وفي الانعكاس الشرطي لـ "الاحترام كله للجيش الاسرائيلي" و "الشعب مع الوحدة البحرية 13" شيء معروف و مسل، مثل لحاف ثخين من كليشيهات تحمينا من الحاجة الى مواجهة مبدأ الواقع. لأنه من يملك القوة على مواجهة مبدأ الواقع؟ الواقع قبيح فنريد واقعا مختلفا.

يوجد الكثير من التسلية في تجاهل الحقيقة القبيحة. ويوجد شيء ما لذيذ في التوجه الذي ليس فيه أي مكان لانتقاد الذات (ألا يكفي أن يعيب علينا آخرون  لنحتاج الى زيادة شيء منا؟) لكن مشكلة جميع هذه اللذة هي أنها لا تمكن من استخلاص دروس والتعلم من الاخطاء. انها تعرض وجودنا للخطر.

إن من يريد ان يواجه الواقع وألا يستبدل به واقعا متخيلا، ومن يريد ان يمنع الكارثة، يجب ان يكف عن طمس الحقائق. قد لا  تكون الحقيقة لذيذة لكن معرفتها قد تنقذنا.