خبر المفاحم في محافظة جنين...آفة بيئية ومصدر لانبعاث غازية خطيرة

الساعة 05:19 م|14 يونيو 2010

المفاحم في محافظة جنين...آفة بيئية ومصدر لانبعاث غازية خطيرة

فلسطين اليوم: وكالات

تشكل عشرات المفاحم المنتشرة في محافظة جنين، آفة بيئية ومصدرا لانبعاثات غازية خطيرة، وعاملا مدمرا للغطاء النباتي، لدرجة أنها حولت حياة المواطنين الفلسطينيين في القرى المجاورة لها إلى كابوس لا يطاق.  فالكثيرون من أطفال المنطقة يعانون من الربو والروائح الكريهة.  ومن نوافذ منازلهم التي تبعد مئات الأمتار هوائيا عن المفاحم، يشاهد المواطنون غيوما سوداء تتحرك نحوهم.

وتنبعث من المفاحم إلى الهواء كميات كبيرة من الجسيمات الضارة، وأول وثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، ومركبات عضوية متطايرة.  ومن المعروف أن التعرض المتواصل للجسيمات الدقيقة القابلة للاستنشاق قد يخل بعمل الرئتين لدى الناس الأصحاء، ويزيد الوضع الصحي سوءا لدى الذين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة كالربو؛ مما قد يستلزم إدخال المريض إلى المستشفى، وفي بعض الحالات، قد يتسبب الأمر بالوفاة.  ويعد تراجع العمل الطبيعي للرئتين، والسعال وصعوبات التنفس، من أبرز الأعراض الناجمة عن الاستنشاق المتواصل للجسيمات الدقيقة الضارة.

ويلاحظ كل من يلتقي بالعاملين في المفاحم حالة النحول والشحوب الشديدين التي يعانون منها، ومع ذلك، ونظرا لانعدام مصادر الرزق البديلة، فهم يواصلون عملهم في تلك المنشآت التي تفتقر كليا لإجراءات السلامة (كمامات وفلاتر وغيرها).  

وفي ظل غياب عمليات التفتيش والرقابة، تنتشر "صناعة" الفحم النباتي بكثرة في المناطق الزراعية، وبجوار البيوت في بعض قرى منطقة جنين، مثل يعبد وخربة طورة الشرقية وخربة نزلة زيد وغيرها.  وتشكل أخشاب أشجار الزيتون والحمضيات والبلوط وغيرها، فضلا عن القش والتراب، المواد الخام لهذه "الصناعة" التي تُسْتَخدم فيها أساليب بدائية تولد انبعاثات خطيرة في هواء الضفة الغربية، فضلا عن تسببها في تغطية الأراضي الخصبة بالبقع السوداء الناتجة عن مخلفات الفحم.  وبالنتيجة، يتم تدمير الأشجار المثمرة وبخاصة الزيتون ومحاصيل القمح. 

وتشكل  أشجار الحمضيات المواد الخام "الأكثر جودة" لهذه الصناعة، وهذا يعني اجتثاث البيارات؛ وما ينتج عن ذلك من تأثير سلبي على الصحة العامة والناس والشوارع، وتأثير ملوث للهواء وزيادة نسبة الغبار، وتدمير للتراث الطبيعي والغطاء النباتي الأخضر، والغابات التي كثيرا ما تقطع أشجارها بهدف المتاجرة بها.

واللافت للنظر أن معظم منتجات الفحم النهائية تباع في السوق الإسرائيلية.  بل، وعشية الاحتفالات الإسرائيلية الأخيرة بما يسمى "استقلال إسرائيل"، تَسارَع العمل في المفاحم بشكل جنوني، لتلبية الطلب الإسرائيلي الكبير على الفحم الذي يستخدم للمشاوي والنراجيل في الرحلات والجلسات الاجتماعية.

وفي كلا الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، يوجد مستفيدون من هذه "الصناعة"؛ إذ إن الشاحنات الإسرائيلية تنقل الأشجار ومخلفات التقليم من البيارات والبساتين الإسرائيلية إلى الفلسطينيين الذين يشغلون المفاحم.  بينما تنقل الشاحنات الفلسطينية الأشجار التي اجتثت من المناطق الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية.  ولتحويلها إلى فحم، تحرق الأشجار تحت الشمس، بشكل متحكم به؛ فتنبعث غيوم من المواد المسرطنة، مثل البِنْزِن والفورمألدهيد والديوكسينات.

وبالرغم من معاناة المواطنين من هذا القطاع الملوِّث للهواء، إلا أن معالجته بيئيا وصحيا تتسم بشيء من الحساسية، نظرا لأهميته الاقتصادية في منطقة جنين؛ إذ إنه يشكل مصدر رزق وحيدا بالنسبة للكثير من العائلات الفلسطينية.  لكن، ومع ذلك، بإمكان الجهات المعنية المسئولة، وفي مقدمتها سلطة جودة البيئة، العمل على تقليل تلوث الهواء بوسائل تكنولوجية وهندسية.