خبر علي بابا على بؤرة الاستهداف- يديعوت

الساعة 08:25 ص|13 يونيو 2010

علي بابا على بؤرة الاستهداف- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

ما الذي يوجد في قصص "الف ليلة وليلة"، الكلاسيكية الرائعة في الادب العربي، والتي في كل مناسبة بغير الصدفة تمتشق كي تحتل العناوين السياسية الرئيسة؟ وها هو، في تزامن مشوق مع احداث اسبوع الكتاب عندنا، تأتي قضية جديدة في مصر وتنتهي برسالة غير بسيطة. كيفما فحصنا الامر، فان له علاقة بنا.

قبل شهرين، بتشجيع كبير من وزارة الثقافة في القاهرة، ارسلت الى محلات بيع الكتب نسخ عن الطبعة الجديدة لـ "الف ليلة وليلة". مجلدان فاخران، بسعر يتناسب مع كل جيب، بهدف تشجيع الجيل الشاب على معرفة التراث. في غضون يومين كان بوسع المستثمرين ان يفرقوا ايديهم بهجة: دون ضجيج كبير ودون جلبة نفدت الاف النسخ وسارع الناشرون الى طباعة المزيد.

هذه هي المرة الثالثة التي تكلف فيها المؤسسة الثقافية نفسها تحديث كلاسيك علي بابا والاربعين حرامي، حكايات سندباد البحرية، علاء الدين والمصباح السحري ومئات اخرى من القصص التي جمعت من فارس عبر الهند، امارات الخليج الفارسي والصحراء الافريقية. بعد القرآن، حظيت اساطير "الف ليلة وليلة" على مدى مئات السنين بالرواج الاكبر في العالم الاسلامي، وذكرت باحترام في الادب العالمي وجدالات صاخبة لا حصر لها في الحركات النسوية، التي ركزت على قصة الغلاف: حكاية السلطان الفارسي شهريار، الذي كان مستعدا لان يقسم بانه أمسك بزوجته تخونه، وارسل بها الى عامود الشنق واصر بان يستعيد كبريائه بثأر وحشي – كل ليلة طلب ان يأتوا اليه بفتاة عذراء، وفي الصباح كان يبعث البائسة الى مصيرها المر، في اعقاب عقيلته الخائنة. الى أن جاء دور شهرزاد الحسناء التي قررت انقاذ جلدتها من خلال سلسلة قصص مشوقة. في بهائها عمدت على ان تهمس بالقصص في اذن السلطان حتى الصباح، دون ان تنهيها، وذلك كي تضمن حياتها.

نقابة المحامين "بلا حدود" في مصر، من مدرسة حركة الاخوان المسلمين انقضت على الصيغة الحديثة لـ "الف ليلة وليلة" كلقية سياسية. وقد صاغ رجالها التماسا معللا مدعين بمس وقح لمبادىء الدين والاستخفاف بالاخلاق، وامتشقوا براهين على جنس منفلت العقال ينشأ عن كل القصة بل وتلميحات بالتشجيع على تناول الكحول وتعاطي المخدرات. وطلب الملتمسون مصادرة النسخة الجديدة ومحاسبة اصحاب المبادرة على التبذير السائب للاموال العامة.

ولكن مثلما هو الحال دوما في العالم العربي، بين الاسطر تختبىء دراما اكبر من الحياة: قضية "الف ليلة وليلة" (التي حظيت هذه المرة بـ "نهاية سعيدة" حين قرر النائب العام بان الف قصة وقصة "بريئة") هي انعكاس لما يجري اليوم بين السلطة والمؤسسة في العالم العربي وبين الشارع الذي يقوده المتطرفون الاسلاميون. ذات مرة السلطة هي التي كانت تراقب – وليس الشارع. وعندما يصر الشارع على أن يملي على الزعيم اجندة متطرفة، فان اساطير "الف ليلة وليلة" هي مجرد حلقة في سلسلة.

الاتحادات المهنية، مثلا، تطالب باغلاق السفارة الاسرائيلية ولا تفوت فرصة لاحراق علمها وشتم "العدو الصهيوني". بالمقابل، فان السلطة لا تمنع معاقبة من يمسك به "مطبعا مع العدو"، والكاريكاتورات تعود لتكون لاسامية. جماهير الشارع هي التي أجبرت السلطات المصرية على أن تفتح معبر الحدود في رفح. ولو لم تفتحه، لهجم الشارع بعنف.

دفعة واحدة يخرج الدكتاتوريون الى حروب البقاء من نوع جديد. هنا وهناك يتنازلون للجماهير، هنا وهناك سيبذلون جهودا لارضاء الجماهير. السلطة لم تعد وحدها في عملية اتخاذ القرارات. من جهة يوجد معسكر علماني في القيادة، ومن جهة اخرى المعسكر الذي يتضخم الى حجوم مفزعة لمتزمتي الاسلام، ممن هو مستعدون للقيام بكل شيء والسير بعيدا، ليدفعوا الثمن الاعلى، كي يسجلوا انتصارا صغيرا آخر ولكن مدوٍ في مسار طويل وخطير.