خبر خذوا غزة- هآرتس

الساعة 08:24 ص|13 يونيو 2010

خذوا غزة- هآرتس

بقلم: ألوف بن

(المضمون: يجب على اسرائيل أن تتحلل من بقايا سيطرتها على غزة  - المصدر).

ان قضية الاسطول "فرصة مناسبة لاتمام الانفصال" عن قطاع غزة. حان وقت قطع بقايا الاحتلال، وأن ندع دولة حماس في حالها. إن محاولة السيطرة على غزة من الخارج، من طريق "قائمة الطعام" وقوائم بقالات سكانها، يصم اسرائيل بوصمة اخلاقية ثقيلة ويزيد في عزلتها الدولية. يجب ان يخجل كل اسرائيلي من قائمة سلع وزارة الدفاع، التي تسمح بادخال غزة القرفة والدلاء البلاستيكية، لكن لا الأصص والكزبرة. حان وقت أن نجد للضباط وللموظفين المشغولين بتحديث هذه القائمة مهمات أكثر حيوية.

        كيف سيتم هذا؟ تبلغ اسرائيل الجماعة الدولية بأنها تطرح عن  نفسها كل مسؤولية عن سكان غزة ورفاهتهم. وتغلق المعابر على الاطلاق، وتهتم غزة بالحصول على الامدادات والخدمات الطبية من طريق الحدود المصرية او من طريق البحر. ويحدد أجل مسمى لفصل شبكات الماء والكهرباء. ويخرج القطاع من "الغلاف الجمركي"، ويكف الشيكل عن ان يستعمل العملة القانونية هناك. فليصدروا لانفسهم اوراقا مالية فلسطينية مع صورة الشيخ ياسين.

        وتبين اسرائيل أنها ستستعمل حقها في الدفاع عن نفسها، وتفتش حمولات مريبة في عرض البحر لابطال تهريب السلاح. فهكذا تسلك القوى الغربية، التي تجري  تفتيشات عن عناصر السلاح الذري والصواريخ في سفن شحن تجارية. واذا اطلقوا النار علينا من غزة فسنرد بالنار لنصيب. وقد برهنا على امكان ذلك.

        يوجد لهذا الواقع سابقة على نحو عكسي. فحتى توقيع اتفاق السلام مع مصر، كانت جميع حدود اسرائيل مغلقة مسدودة. وتمت تجارة اسرائيل الخارجية من طريق الموانىء والمطارات، والحركة اليوم من الحدود البرية لا شأن لها ايضا. ليس هذا لذيذا لكنه قانوني، لانه يحل لدولة ذات سيادة أن تغلق حدودها ولا سيما اذا كان الجيران معادين وكارهين. إن الوضع الذي تفتح فيه الحدود على التناوب، بحسب تقدير تعسفي، لم يعد مقبولا اليوم في العالم ويرى قسوة لا  تحتمل على السكان المدنيين في الجانب المغلق.

        قرر اريئيل شارون الخروج من القطاع الى الخط الاخضر، وأمل بذلك ان يحصل على اعتراف دولي بانهاء الاحتلال. لكن اسرائيل لم تنجح في الانفصال حقا. قبل ان تسيطر حماس على غزة، أصرت اسرائيل على السيطرة على الدخول والخروج منها. وبعد ان فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية، واختطف غلعاد شليت الى غزة، توثق الحصار والرقابة. وكأن اسرائيل تندمت في آخر لحظة على الانفصال وأرادت ان تحتفظ لنفسها بشيء صغير. شيء صغير من غزة الكريهة.

        يوجد اليوم لحصار غزة هدف استراتيجي ذو اربعة ابعاد: أن يفرض على الفلسطينيين توحيدا من جديد بين الضفة والقطاع، تحت قيادة صديق لاسرائيل؛ واستعمال "أدوات ضغط" على حماس للاقلال من اطلاق الصواريخ ومحاولات المس باسرائيل؛ والحفاظ على وهم ان السلطة الفلسطينية لمحمود عباس وسلام فياض ما تزال صاحبة السيادة القانونية في غزة، ومنع الاحتكاك مع مصر التي تخاف فتح حدودها مع الفلسطينيين.

        في امتحان النتيجة، تحصل هذه السياسة على درجة "غير كاف". لكن التعاون الاستراتيجي مع مصر توثق، وأصبحت حماس منضبطة منذ "الرصاص المصبوب"، لكن سلطتها لم تضعف. اما عباس وفياض فلا يستعملان سلطتهما في غزة.

        يقولون للجمهور الاسرائيلي إن حظر الكزبرة واشباهها يرمي الى "مساعدة غلعاد شليت". إن ذكر اسم الاسير، الذي يتعذب في سجن حماس، يمنع أي نقاش جدي للسياسة المطلوبة نحو غزة. لكن هذا تعبير عن عدم وجود الزعامة وعن الغوغائية. إن الحكومة تختفي من وراء شليت وأبناء عائلته الذين يتمتعون حقا بحب الجمهور، بدل البحث عن بديل من الوضع القائم.

        إن من يعارضون وجود اسرائيل سيظلون يناضلونها ويطاردونها حتى لو تحللت من بقايا مسؤوليتها عن غزة. ولن يقنعهم أي انفصال بالتغير. لكن ليسوا هم الجمهور المستهدف للسياسة الاسرائيلية، بل الحكومات الغربية التي تحتاج اسرائيل الى تأييدها والى العلاقات السياسية والاقتصادية بها. وحكومات الغرب تقول لها أزيلي الحصار وحرري غزة. ولم تعد العملية الفتاكة التي وجهت الى اسطول المساعدة ان زادت هذه الدعوات قوة. هذه فرصة اسرائيل. بدل أن تشاجر الجماعة الدولية يجب ان تقول لها: أتريدون غزة تفضلوا وخذوها.