خبر ليس بالإسمنت وحده..هآرتس

الساعة 08:40 ص|09 يونيو 2010

بقلم: عميرة هاس

إن انجاز الاسطول الى غزة والذي أخفق – ولا سيما بسبب قتلاه، كما ينبغي الاعتراف – هو أنه يسمع من كل صوب الآن الطلب الى اسرائيل أن  ترجع عن سياسة الحصار. لم تكن الحكومة مستعدة للاصغاء الى توسلات جون كينغ مدير وكالة الغوث في غزة اليائسة – وعليها الآن ان تصغي الى نيكولا ساركوزي ورجب طيب اردوغان. لكن هذا الاسطول مثلما سبقه وما يخطط له، يخدم هدف اسرائيل وهو: اتمام مسار فصل قطاع غزة من الضفة الغربية. بدأ المسار – ونقول هذا للمرة المليون – في 1991، لا بعد تولي حماس السلطة، وكل ذلك في قصد الى احباط حل الدولتين، الذي أدرك العالم آنذاك أنه يقوم على غزة والضفة كاملتين والعلاقة بينهما.

        منذ ذلك الحين بدأت طريقة الابحار الى غزة، وقبل نحو من سنتين لم يدع أحد من المبادرين سداد العوز من هذه المنتوجة أو تلك. تحاول اسرائيل أن تبرهن على أنه لا جوع في غزة. كرر المبادرون الحديث عن جوع من صنف مختلف على الخصوص: جوع انساني جدا لعلاقة مباشرة بالعالم ولحرية التنقل. بعد ذلك استبدل بطريقة الابحار الاختراق البري الى قطاع غزة من طريق رفح، على نحو امتعضت له مصر وفرحت اسرائيل.

        أفرطت اسرائيل في الحصار ليبلغ مقادير مسفة اجتذبت الانتباه فهناك المعكرونية المحظورة، والقرفة المباحة، والسعرات الحرارية التي تعد، والاسمنت الذي يؤخر حتى عن مشروع تنقية ماء الصرف الصحي، ولا يعترف بالخط الأخضر. وسعت اسرائيل مخطط الحصار الى درجة منع سكان غزة الحق في العمل والانتاج والابداع وكسب العيش، في قصد معلن الى اسقاط سلطة حماس. لكنها أحرزت عكس ذلك لان هذه السلطة لم تعد أن قويت، وبرهنت على قدرة بقاء وقدرة على قمع المعارضة الداخلية وجندت الى جانبها أيضا نشطاء دوليين يعارضون من جهة فكرية طرائقها وفلسفتها. قوى الحصار  حماس الى هذه الدرجة بحيث إن فلسطينيين يرعون نظريات المؤامرة على قناعة من أن هذه كانت نية اسرائيل منذ البدء.

        يصعب على كثير من الاسرائيليين يتخلون من معلومات حقيقية أن يفهموا أنه يوجد في العالم من يزعزعهم وجود سجن ضخم سجانته هي دولة اليهود. لكن المزعزعين أصبحوا شركاء في حملة ضغوط – شجعتها حركة حماس وإن لم تبادر اليها – استعملت على مصر، كي تفتح من جانب واحد معبر رفح وكأنها هي المحتلة لا اسرائيل.

        وما الذي يخدم هدف فصل غزة من الضفة أكثر من نسيان حاجز ايرز وحصر العناية في رفح والاسمنت؟ صرف مخترقو الحصار البحري والاعلامي، عن غير قصد، الانتباه الى جوانب لا تسعى في تقويض جوهر الحصار الاسرائيلي لغزة. والجوهر هو سلب سكان غزة الحق وارادة ان يكونوا جزءا نشيطا دائما طبيعيا من المجتمع الفلسطيني.

        إن اسرائيل قبل أن تحظر دخول الاسمنت غزة بكثير، حظرت على سكان غزة الدراسة في الضفة الغربية. ففي حين سمحت بزراعة وبتصدير الجوافة من منطقة خان يونس الى الأردن، حظرت على سكان غزة دخول الضفة حتى من طريق جسر اللنبي وحظرت على أقرباء وأصدقاء اللقاء ورؤية بعضهم بعضا. والى جانب ذلك طورت اسرائيل قيودها التنينية على حرية تنقل الفلسطينيين، حتى لقد جعلت كل ساكن من غزة في الضفة – في الحاضر وفي المستقبل أساسا – ماكثا غير قانوني ومتسللا.

        هذه هي الحظور الجوهرية التي ينبغي اختراقها. وهذه هي الحضور التي يجب أن نبلغ اردوغان وبراك اوباما وجودها وان نطلب الغاءها.