خبر أي اضاعة للفرصة..هآرتس

الساعة 08:39 ص|09 يونيو 2010

بقلم: ألوف بن

يفترض أن يكون الصحفيون ساخرين بعيدين من  الموضوعات التي يغطونها، ومع ذلك تملأني أزمة العلاقات بتركيا حزنا وشعورا باضاعة الفرصة. يؤلمني أن أرى خطب الغضب والكراهية من رجب طيب اردوغان في مضادة اسرائيل، أو أن أرى وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي يرد عليه بتأليف يميزه بين الجهل والشطارة. لسنا دولة كذابين وقتلة كما يزعم اردوغان، وليست تركيا هي ايران التي تسعى الى محو اسرائيل عن الخريطة كما يعتقد ليبرمان.

        كان الحلف مع تركيا الى جانب السلام مع الأردن أهم عوض لاسرائيل حصلت عليه على أثر مسيرة السلام في مدريد واوسلو. لقد تجاوز التعاون الأمني، والتجارة المتبادلة والسياحة الرؤيا والتوقعات. لم ينبع ذلك فقط من تأليف لحظي بين المصالح فهناك الكثير من التشابه بين دولة اسرائيل والجمهورية التركية.

        إن رئيسي الحكومة الأولين، دافيد بن غوريون وموشيه شريت تحدثا التركية. فقد درس بن غوريون الحقوق في كوشتا. وخدم شريت ضابطا في الجيش العثماني في الحرب العالمية الاولى. وكان مصطفى كمال اتاتورك، ويده اليمنى عصمت اينونو قائدين كبيرين في جبهة أرض اسرائيل.

        الرباط العقائدي أهم من التماثل التاريخي . تمرد بن غوريون واتاتورك على الوسط الديني الذي ترعرعا فيه، وأنشآ دولتين علمانيتين تتجهان الى الغرب. كانت الرسمية البن غورنية نسخة اسرائيلية من الكمالية التركية، وقد صارعت مثلها المتدينين وتأثيرهم. كذلك أدواء الدولتين متشابهة فهناك العلاقة المشكلة للأقليات وتأثير الجيش الزائد الذي بلغ في تركيا حد الانقلابات العسكرية.

        في بدء التسعينيات، كان يبدو بقيادة اسحاق رابين وتانسو شيلر أن العلمانية الغربية تنطلق قدما نحو النصر التاريخي في الدولتين اللتين كادتا تحتلان مكانهما الذي تستحقانه في مجموعة الديمقراطيات المتقدمة. طرقت تركيا أبواب الاتحاد الأوروبي، وتمتعت اسرائيل بثمار التطبيع والعولمة بعقب مدريد واوسلو.

استوعبت اسرائيل آنذاك مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي السابق، وهم علمانيون خلّص، غيروا تماما وجه المجال العام وأبعدوا المتدينين عن الأنظار. لكن التغيير كان قصيرا. فقد فعلت الديمقراطية فعلها: فـ 45 في المائة من طلاب الصفوف الأولى من اليهود يذهبون اليوم الى مدارس رسمية – دينية وحريدية، بزيادة 13 في المائة في العقد الأخير. أما تركيا التي رفضها الاتحاد الاوروبي فجرى عليها شيء مشابه من تقوي الدين. تطور في الدولتين استقطاب آسر: فمن جهة شركات هايتك وصناعة متقدمة ومن جهة أخرى كنس ومساجد مملوءة؛ وحياة ليلية عاصفة ولباس قصير الى جانب غطاء الرأس وتقبيل عضاضات الأبواب.

تسيطر على أنقرة والقدس اليوم حكومتان تسعيان الى نقد عرى التراث الكمالي وتراث بن غوريون. وتتغذى عقيدتهما من الدين والتراث، حتى لو كان اردوغان وبنيامين نتنياهو يلبسان حللا ورباطات عنق. يعمل حزب اردوغان في اضعاف الجيش وجهاز القضاء وهما من أساطيل الكمالية. ويتم ذلك في اسرائيل على نحو يختلف قليلا فقد غدا وزن المتدينين يزداد في القيادة العسكرية، وتتجاهل الحكومة قرارات محكمة العدل  العليا.

عندما يسعى اردوغان الى الجامعة الاسلامية، ويجري نتنياهو معركة صد سياسي للعالم كله ويرعى اسرائيلية يهودية تكره الاقليات والاجانب يكون الصدام محتوما. لقد كشفت "أزمة الرحلة البحرية" عن الآراء المسبقة والنمطية التي كانت متوارية طوال سني الصداقة: فهناك تصورات معادية للسامية في تركيا، والترفع الاسرائيلي عن المسلمين وثقافتهم. وقد نسينا أن اردوغان الفظيع عرف كيف يعمل مع اريئيل شارون وايهود اولمرت، وضبط نفسه مع الاخلال بالسيادة التركية مع قصف المفاعل السوري.

لكن لا يمكن ان نتهم القادة والاحزاب في الأزمة فقط. فنحن، الاسرائيليين العلمانيين الذين نتجه الى الغرب، لم نحاول حقا الاقتراب من أشباهنا من الاتراك. كان بلدهم وما يزال غاية جذابة للعطل، والأعمال وتدريبات سلاح الجو لا أكثر. اهتممنا دائما بما يحدث في نيويورك ولندن وباريس وتجاهلنا أنقرة واسطنبول. لم نبن هيكل علاقات انسانية وفضولا متبادلا، يبقى مع التقلبات السياسية. وقد أصبح  الوقت الآن متأخرا جدا وهذا مؤسف.