خبر التدهور المتوقع في علاقات تركيا بإسرائيل

الساعة 02:28 ص|02 يونيو 2010

التدهور المتوقع في علاقات تركيا بإسرائيل

حلمي موسى

شدد خبراء أمنيون واقتصاديون على أن الأزمة السياسية الحادة القائمة بين إسرائيل وتركيا لن تمر من دون أن تترك آثارها على العلاقات العسكرية والاقتصادية بينهما. ومن المؤكد أن هذين الجانبين اتسما بدرجة عالية من الأهمية للطرفين حيث كانت تركيا، إلى وقت قريب، الحليف الاستراتيجي الثاني في أهميته بعد الولايات المتحدة. كما أن العلاقات الاقتصادية بينهما سواء السياحية أو التجارية كان حجمها كبيرا ويقدر بعدة مليارات من الدولارات سنويا.

وأشار المعلق الأمني في «هآرتس» يوسي ميلمان إلى أن تدهور العلاقات الأمنية بين تركيا وإسرائيل لم يبدأ بالمجزرة البحرية في سفينة «مرمرة» التركية. فالتدهور بدأ منذ وقت أبعد وظهرت تجلياته واضحة أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة ووقف المناورات الجوية والتدريبات المشتركة.

وكتب ميلمان أن العلاقات الأمنية الإسرائيلية التركية كانت مستترة وخاصة جدا وأنها كانت ترتكز على ثلاثة أبعاد مركزية خلقت «التحالف الاستراتيجي» بين الدولة المسلمة غير العربية وإسرائيل. وأول هذه الأبعاد العلاقات بين الصناعات العسكرية في الدولتين. وفي العقد الأخير كانت تركيا إحدى الأسواق الخمس الأهم في العالم للمنتجات العسكرية الإسرائيلية، إلى جانب الهند، وسنغافورة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وزادت الصادرات العسكرية الإسرائيلية خلال هذه الأعوام على 2.5 مليار دولار.

وأشار ميلمان إلى أن الصادرات العسكرية الإسرائيلية لتركيا شملت صفقة هائلة للصناعات الجوية بأكثر من مليار دولار لتحديث 50 طائرة «فانتوم» تركية، وصفقة بقيمة 600 مليون دولار وقعتها الصناعات العسكرية لتحديث دبابات الجيش التركي، وصفقة شراء طائرات من دون طيار بقيمة 250 مليون دولار وكذلك صفقات لأجهزة استخبارية واتصالات. وأوضح أن عهد بقاء تركيا سوقا للصناعات العسكرية الإسرائيلية على وشك الانتهاء.

أما البعد الثاني في العلاقة فيكمن في سماح تركيا لسلاح الجو الإسرائيلي بالإقلاع من قواعده والتدرب في مجالها الجوي، وهو ما يشكل تعويضا عن المجال الضيق لإسرائيل الذي يمس بقدرة وكفاءة طياريها على التدرب وتنفيذ مناورات معقدة في تضاريس مختلفة. وإلى جانب التعاون بين سلاحي الجو هناك مناورات بحرية وجوية مشتركة، وآلية لتبادل الخبرات واستخلاص العبر. وهذه علاقات قد تتضرر جدا الآن.

وكتب ميلمان أن الجيش التركي قد لا يكون معنيا بقطع العلاقات مع إسرائيل، لكن من المشكوك فيه أن القوات المسلحة التركية باتت تملك القدرة على صد الضغوط التي تتعرض لها من الحكومة الإسلامية. فرئيس الحكومة رجب طيب أردوغان يحاول بشكل منهجي، منذ الحرب على غزة، تقليص العلاقات والعمل على إلغاء التحالف الاستراتيجي بين الدولتين.

ويتمثل البعد الثالث في التعاون الاستخباري وهو البعد الأكثر حساسية والقائم بين الدولتين منذ خمسين عاما. وشدد ميلمان على أن الأمر لا يحتاج الى خبير لفهم أهمية تركيا التي تحاذي اثنتين من أعداء إسرائيل، إيران وسوريا، ولها مصلحة مشتركة مع إسرائيل في مكافحة الإرهاب الأصولي المتطرف.

غير أن الخشية في إسرائيل تركز أيضا على الجانب الاقتصادي في خسارة تركيا كحليف. وقد أشارت النشرة الاقتصادية لصحيفة «معاريف» إلى احتمال خسارة التجارة بين الدولتين سنويا 2.5 مليار دولار. وأوضحت المجلة أن الخشية تتزايد في الأوساط الاقتصادية من أن العلاقات الأمنية والسياسية التي تلقت ضربة بالمجزرة البحرية سوف تلحق الأذى بالجانب الاقتصادي أيضا. وأعرب رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيليين، شرغا بروش، عن قلقه من الضرر الذي سوف يقع على العلاقات مع تركيا التي تعتبر شريكا تجاريا مهما. وسارع شرغا إلى إجراء اتصالات مع نظرائه الأتراك لمنع تدهور العلاقات الاقتصادية. كما أن رئيس اتحاد الغرف الاقتصادية الإسرائيلية أورييل لين توجه بمسعى مشابه إلى نظيره التركي في محاولة لتقليص الأضرار الكامنة في التوتر بين الدولتين.

وطوال عقود كان الأتراك معنيين، ليس فقط بالتجارة مع إسرائيل، وإنما أيضا باستقطاب استثمارات إسرائيلية في مجالي الصناعة والبنوك. وقد أنشأ مصنع الورق الإسرائيلي في الخضيرة مصنعا للمنتجات الورقية في تركيا باسم كيمبرلي كلارك وهو أحد المزودين الرئيسيين للورق في تركيا والدول المجاورة. كما أن بنك «هبوعليم» الإسرائيلي استثمر أموالا مكنته من شراء 51.5 في المئة من أسهم بنك «بوزيتيف» قبل بضع سنوات ليشكل منطلقه للدخول إلى أسواق الدول المجاورة.

لكن في العام الأخير ضعفت العلاقات بين الجيشين الإسرائيلي والتركي وطرأ تقليص على المشتريات العسكرية من إسرائيل. ومع ذلك فإن حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا بلغ العام 2009 حوالى 2.5 مليار دولار وذلك بعد أن هبط بنسبة 28 في المئة مقارنة بالعام 2008 جراء الأزمة العالمية. وبحسب معطيات معهد الصادرات الإسرائيلي فإن الصادرات لتركيا بلغت 1.1 مليار دولار والواردات من تركيا 1.4 مليار دولار.

ووفق المعطيات كان قد طرأ ارتفاع بنسبة 24 في المئة في الربع الأول من العام 2010 مقارنة بالربع الأول من العام 2009 في التجارة بين الدولتين وبلغ 753 مليون دولار. وازدادت الواردات من تركيا في الفترة نفسها بنسبة 32 في المئة وبلغت 456 مليون دولار. وأشار لين إلى أن السنة كانت مبشرة من بدايتها حيث شهدت ارتفاعا في حجم التجارة. وتعتمد الصادرات الإسرائيلية لتركيا أساسا على المنتجات الكيماوية والبلاستيكية والمعدنية والأجهزة الكهربائية فيما تتركز الواردات على المنتجات النسيجية، والبلاستيكية والمعدنية والسيارات.

وفي رسالة بعث بها لين إلى رئيس الغرف التجارية التركية رفعت هيسريليغلو، طالب بالعمل على عدم السماح للتوتر السياسي بالتأثير على العلاقات الاقتصادية. تجدر الإشارة إلى أن الخبراء في إسرائيل يعتقدون أن الشراكة بين تركيا وإسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لا تسمح لتركيا بمقاطعة البضائع الإسرائيلية.