خبر حتى اللذة القادمة..معاريف

الساعة 09:16 ص|28 مايو 2010

بقلم: بن كاسبيت

"انتصرت"، يقول نتنياهو داخل الغرفة (وينكر انه قال)، وليس مخطئا تماما. فهو في الحقيقة انتصر من وجهة ما في الوقت الحالي. يبدو رئيس الحكومة هذه اللحظة على الاقل كمن قد تجاوز موجة الهجوم الاولى. في المعركة الثنائية بينه وبين براك اوباما، اوباما هو الذي تكمش. ان الشيطان الاكبر بجلاله وعظمته، رام عمانويل يأتي الى هنا وكله ابتسام وحلاوة ويدعو بيبي الى البيت الابيض. سينتهي الاجماد في ايلول، ولن تطيله الحكومة، وستوجد وراء ستار صيغة تخفض ايقاع البناء وراء الكتل الاستيطانية، وسيضطر الامريكيون الى ابتلاع هذا ايضا. في هذه الاثناء، يقول نتنياهو لمن يقول، لا تفضي محادثات التقارب الى أي مكان. ويضيف قائلا: لن انجح في ازاحتهم عن هذه المحادثات واخذهم الى تفاوض مباشر. فماذا سيكون آنذاك؟ سيكون من الممكن آنذاك اضاعة وقت طويل جدا في الطريق الى لا مكان. في التفاوض المباشر لا يستطيع الامريكيون التدخل وهكذا ستنقضي ولاية بيبي، او ولاية اوباما، ويمكن الاستمرار حتى اللذة القادمة.

صديق اسرائيل، في هذه الاثناء

ان فرح نتنياهو مبكر شيئا ما. فهو متقدم في الحقيقة لكنه ليس منتصرا بعد. بل لم يبلغ نتيجة مرحلية. انه يتمتع بالاخطاء الكبيرة التي قام بها الامريكيون في السنة الاولى، وقد تخلص من حصار غير سهل، وهو يحظى الان باحتضان ما، لكنه ما زال امامه الاسوأ من كل شيء. ان لين السلوك الامريكي فصل آخر من سلسلة "اوباما هو صديق حقيقي لاسرائيل"، الذي سيذاع من الان حتى تشرين الثاني. بعد ذلك، عندما تمر الانتخابات لمجلس النواب في الولايات المتحدة، يستطيع اوباما ان يخلي نفسه وان يحسر عن ذراعيه من جديد. لن يمر التغيير الاستراتيجي للموقف الامريكي. فهو حقيقي. فبدل الشعار الثابت "الولايات المتحدة لا تستطيع ان تريد السلام أكثر من الطرفين أنفسهما"، حل تعبير "السلام في الشرق الاوسط مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة". وازاء الخروج المتوقع من العراق، والازمة مع ايران، وما يحدث في افغانستان وباكستان وتبادل السلطة المتوقع في مصر، بخاصة. على حسب هذا التصور، كل ما يفعله اوباما الان انه يخطط للمواجهة المتوقعة بعد تشرين الثاني. انه يفضل بلوغ هذه المواجهة على أنه "صديق اسرائيل"، لا "كاره اسرائيل". لهذا ينفق علينا: القبة الحديدية، والعقوبات على ايران، والمساعدة على القبول في منظمة الدول الصناعية المتقدمة، ولقاءات مع زعماء يهود. الكل حل.

ماذا يحدث حقا في محادثات التقارب؟ في جانبنا لا يحدث الكثير (اذا استثنينا شجارا آخر بين عوزي اراد والمحامي اسحق مولكو على عمل مقر العمل). وفي الجانب الفلسطيني، تحدث اشياء. ويجب أن تقلق نتنياهو. فقد نقل الفلسطينيون الى الامريكيين ورقة مفصلة فيها عدد من الاجوبة على اسئلة سئلت. ان الانباء المنشورة عن استعداد ابي مازن لزيادة الاراضي المتبادلة حتى تبلغ 4 في المائة من اراضي الضفة، صحيحة تماما. ان ضم اسرائيل لـ 4 في المائة يعني نحوا من 240 الف مستوطن يظلون في بيوتهم ولا يغادرون (من بين نحو من 320 الفا). يعرض الفلسطينيون مصالحتهم العميقة: الاستعداد للحصول على مساحة (تشبه مساحة 1967)، لكنها غير مشابهة (إمكان تبادل اراض).  والاستعداد لتجريد الدولة الفلسطينية الكاملة من السلاح. والاستعداد لاقامة قوة دولية قوية، بقيادة فرنسا وامريكا (ساركوزي مستعد لان يرسل الى هنا قوة قوية على نحو خاص)، تفصل بين الدولة الفلسطينية وبين اسرائيل وتقوم على جميع المعابر ايضا. والاستعداد لابتلاع الكتل الاستيطانية (ان الزيادة الى 4 في المائة تبقي كتلة معاليه ادوميم ايضا داخل اسرائيل). والاستعداد لقبول محطات انذار على سفح الجبل، وكل ذلك قبل ان تبدأ المساومة. والتقدير هو أن يوافق الفلسطينيون ايضا على فترة انتقالية لوجود اسرائيل في غور الاردن اذا بلغ التفاوض هذه المرحلة المتقدمة. اما القضية فهي انه لن يبلغها.

وعد الامريكيون الفلسطينيين بانهم لن يكونوا "عمال بريد" فقط في محادثات التقارب. يرى نتنياهو ان الحديث عن وعد خطر. فلا يوجد شيء يخافونه في اسرائيل اكثر من ورقة تقريب وجهات نظر امريكية من قبل جورج ميتشل. في حالة كهذه، قد ينشأ وضع تكون اسرائيل فيه لاول مرة في التاريخ هي الجانب الرافض لا الفلسطينيون. ان ورقة تقريب كهذه قد تمزق البرقع عن وجه نتنياهو، الذي ما زال يتمسك بما بقي عنده من قوة بمشهد السلام و "سأفاجئكم بعد". سيحتاج فجأة الى أن يفعل شيئا حقيقيا. لا النجو مع شمعون بيرس، ولا الغمز مع مبارك والوعود الغامضة لساركوزي. فإما "نعم" او "لا" لاقتراح التقريب بين وجهات النظر، بهدي من مخطط كلينتون، هو الذي الحقيقي.

هل سيسوي حاييم الامور؟

        يثرثر ديوان رئيس الحكومة في الاسابيع الاخيرة بغير قليل من المادة عن نشاط حاييم رامون، رئيس مجلس كديما في هذا الشأن. فرامون بحسب المواد هو العائق الاكبر للتفاوض وهو الذي يحرض الفلسطينيين والامريكيين على بيبي وعلى التفاوض السياسي. لكن رامون يهزأ بذلك. "أجل، أن التقي اسرائيليين وفلسطينيين وامريكيين"، يقول، "احاول اقناعهم جميعا بتقديم المسيرة السياسية في اسرع وقت من اجل ازالة خطر ان تصبح اسرائيل دولة ثنائية القومية. ان استمرار الوضع الراهن خطر وجودي، ويخيل الي أنه حتى وزير دفاع نتنياهو يعتقد ذلك. يؤسفني ان ايهود باراك ما زال في موقف المحلل ولا يصنع شيئا. يحاول رئيس الدولة ورجاله الان توجيه تهمة فشلهم الي. الحديث عن تعلات بائسة ضئيلة. بيبي دهور اسرائيل الى ادنى حضيض سياسي لها في تاريخها، بلغ شفا سلبها شرعيتها على نحو شامل في العالم. لم أقل قط لا لفلسطيني ولا لاي جهة أخرى ان يمتنع من التفاوض بل العكس. فقد نصحتهم بدخول التفاوض في اسرع وقت وبابداء المرونة".

        رامون متفائل. انه يظن، مثل ابي مازن بالضبط، انه يمكن التوصل الى تسوية سريعة في قضية المناطق والترتيبات الامنية. يمكن بعد احراز هذه التسوية حل المشكلات الاخرى ايضا. ولكنه يعلم أن هذا لن يحدث. فهو يتذكر على نحو ممتاز المشهد السابق في 1999 عندما عاد نتنياهو من واي بلانتيشن مع اتفاق، فهبط في البلاد وفجره. يعتقد رامون انه لن يكون ما يفجر هذه المرة.

        يستطيع يولي ادلشتاين ضرب الامثال على ذلك على نحو ممتاز. انه شخص مناسب نشيط، حبيب الى نتنياهو صنع كل شيء لتأييده في الانتخابات التمهيدية. ويتولى ادلشتاين ايضا وزارة الاعلام في حكومة نتنياهو. عرضت سياسة الحكومة الرسمية وصيغت في خطبة بار ايلان. دولتان للشعبين. يقول وزير الخارجية ليبرمان لكل من يصغي اليه، ان اسرائيل بخلاف الفلسطينيين، تأتي التفاوض بيدين نقيتين. وهنا يقول ادلشتاين في مقابلة صحفية بذلها في يوم الثلاثاء للقناة السابعة: "في ما يتعلق بالتفضلات الاسرائيلية، لست أقف وراء أي اجراء ولم اكن لافعل كل شيء في نفس الصورة، لكن ليس الحديث عن تفضلات لا تُعكس... أرى احداث برهان للعالم على أن اسرائيل ليست هي التي تمنع المسيرة السياسية بل الفلسطينيين بخطواتهم الفجة، أرى ذلك غاية مهمة. اذا افضت محادثات التقارب الى تعاون اقتصادي او زراعي او تعاون على قضية الماء فسيكون في ذلك عنصر ايجابي... مع ذلك، أنا أتكل على بنية كتلة الليكود التي تبدو في ظاهر الامر اكثر قيما مما كانت في الماضي، وبكونها كذلك ستعرف كيف تصد كل مسار سياسي يفضي الى شيء يبدو بديلا مماثلا تقريبا من مبادرة جنيف، أي رؤيا الدولتين للشعبين. لا مانع من اجراء تفاوض مع الفلسطينيين في تقديم قضايا مدنية اذا كان واضحا ان ذلك لا يفضي الى اقامة دولة فلسطينية. في ما يتصل بخطبة بار ايلان، ما كنت لاخطب خطبة كهذه وسيكون من الممكن صد مسار كهذا اذا جرى تقديمه".

        هذه هي "اليدان النقيتان" كما يرى ادلشتاين. لقد كشف، بكلمات صادقة مستقيمة، عما يحدث هنا منذ اكثر من سنة. عن عملية الخداع الكبيرة. واعتمدوا على ان ادلشتاين يعرف ما يقول. وكذلك يعرف نتنياهو ما يعرف. لهذا فاننا نحن من نأتي التفاوض هذه المرة بيدين غير نقيتين. وهذا أمر لا يصد ايهود باراك عن الاستمرار على الحديث عن مسيرة سياسية.

        في جلسة كتلة العمل في يوم الاثنين، في الاسبوع الماضي، تم نقاش سياسي جدي. كان الجميع، وباراك ايضا موحدين على رأي ان الحال لا يمكن أن تستمر على هذا النحو. فيجب عرض خطة سياسية اسرائيلية. يجب التوصل الى تفاوض حقيقي، ويجب بطبيعة الامر توسيع الحكومة وادخال كديما ايضا. وإذ ذاك أتى عضو الكنيست عمير بيرتس وسأل باراك لماذا لا يمضي الى تسيبي لفني، ويصوغ معها مبادىء سياسية مشتركة ويعرضها على بيبي. فإما أن تدخل على أساس هذه الخطة وإما أن يخرج العمل. وفضل باراك عدم الاجابة. فقد حول مقربه شالوم سمحون النقاش الى موضع آخر. لان باراك يرى الوضع الحالي هو الافضل. أي الحديث عن كديما وتدبير الاعمال مع ليبرمان والاساس ان يظل وزير الدفاع.

        مضى المسؤول الكبير الى الحاخام

        يوم الاثنين، من الاسبوع الماضي. يوم قبل مساء عيد العنصرة. الطابق الثاني (طابق القاعات) في فندق "هيلتون" في تل أبيب مملوء من الناس. أتى الحاخام يشيهو بنتو البلدة، ويحج اشياعه اليه بحماسة. وهنا أتى نتان ايشل، رئيس الفريق العامل في ديوان رئيس الحكومة، المورد والمصدر بجانب نتنياهو. يبدو انه توجد حاجة ملحة الى مشورة الحاخام في شؤون سياسية مهمة. في نهاية اليوم، قبيل منتصف الليل يأتي "د" يؤخرون الصف كله من كله. عندما دخل "د" على الحاخام، يقول احد المقربين، من المحقق أن هذا سيستغرق ساعة او ساعة ونصفا. لان "د" مسؤول رفيع المستوى في الشاباك. بل انه رفيع المستوى جدا. الى وقت غير بعيد كان نائب رئيس الشاباك، وهو الان في انتظار، وينافس في منصب رئيس الشاباك القادم. يأتي "د" الحاخام بنتو كثيرا. في كل مرة يأتي فيها الحاخام الى البلدة يكون "د" هناك. يبدو انه توجد حاجة ملحة الى مشاورة الحاخام في شؤون أمنية مهمة.

        ليس في هذا تعبير عن استخفاف بالحاخام بنتو. فمنذ زمن قريب نظم طائرة مؤمنين الى بلغاريا من أجل ان تزور هناك قبر احد رجال الدين اسمه فابو. وطار معه مندوبون كثير من الالفية العليا. كان هناك رجال أعمال مثل ايلان بن دوف وجاكي بن زاكن، واصحاب شركات كبيرة مثل ادواردو ادلشتاين الارجنتيني، ونائبة الوزير ليئا نيس، والمطربة سريت حداد، ومئات آخرون من الاخيار. تمتلىء ساحة الحاخام بنتو ولم يناهز الثامنة والثلاثين بعد، بالساسة ورجال الحياة العامة. يبدو أن الحديث عن شخص ذي حضور قوي. السؤال أيجب ان يبلغ ذلك الى رئيس فريق العمل في ديوان رئيس الحكومة ونائب رئيس الشاباك، هو سؤال مفتوح.

        بين لي شخص ما بعد ذلك أنني لا افهم الامر في الحقيقة: فليس الحديث هنا عن مجرد حاخام يصنع سحرا او يدعو للتوبة. الحديث عن شخص حكيم ومشارك فوق كل شيء. فهو يعرف الجميع. وهو يستطيع بهاتف واحد أن يصل الى من شاء. من ديوان رئيس الحكومة الى البيت الابيض. يستطيع التوسط في الصفقات، واسداء النصح، والتوسط بين اشخاص في شتى الامور. فهمت.

        آنذاك ايضا حسم الامر. ان "د" نائب رئيس الشاباك، كما يقولون في بلاط بنتو، يوجد هناك كثيرا. ففي كل مرة يكون فيها الحاخام في المدينة، يأتي "د". ويعد نتان ايشل ايضا زائرا دائما. من المحقق أن يكون لنتان ايشل تأثير في تعيين رئيس الشاباك القادم، أليس كذلك؟ فالحديث عن تعيين من رئيس الحكومة. فاذا سمع ايشل من بنتو ان "د" يستطيع ان يكون رئيس شاباك ممتازا، فان هذا يستطيع المساعدة، أليس كذلك؟ بلا كما يبدو.