خبر مسئول أمني: توبة العملاء محاطة بالسرية التامة

الساعة 01:29 م|19 مايو 2010

مسئول أمني: توبة العملاء محاطة بالسرية التامة والباب مفتوح للنادمين

فلسطين اليوم- وكالات

أشاد مسئولون وشخصيات وطنية فلسطينية ومواطنون بفتح وزارة الداخلية باب التوبة للعملاء، ورأوا في هذه الخطوة معالجة حكيمة لمشكلة خطيرة، على أن تترافق بالتوازي مع حملات توعوية وتثقيفية وأن تستمر دون تراجع وألا تكون موسمية.

ودعا هؤلاء وزارة الداخلية والحكومة الفلسطينية إلى إطلاق برامج تثقيفية لجميع شرائح المجتمع الفلسطيني لتبيان خطر وعظم حرمة التخابر مع العدو وخيانة الدين والشعب والوطن، ومحاصرة هذه المشكلة، وتوعية المجتمع لسبل مواجهة أساليب الاحتلال الخبيثة لتجنيد العملاء، واستغلال حاجاتهم المشروعة.

وكانت وزارة الداخلية أعلنت في 8 مايو فتح باب التوبة للعملاء ولكل من خدعه الاحتلال، وأراد الرجوع لرشده وجادة الصواب، حتى 10 يوليو.

وأوضحت الوزارة أن المراكز الأمنية مفتوحة على مدار الساعة لاستقبال كل من أراد التوبة، كما يمكن لأي من هؤلاء التوجه لمخاتير العائلات أو للشخصيات الاعتبارية ليعلن التوبة وبالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة.

وطمأنت الوزارة هؤلاء على أنها ستحافظ على كافة عوامل السرية والأمان لكل من يتقدم تائباً في الفترة المحددة، مع التأكيد على أن العمل الأمني في اتجاه العملاء مستمر ولن يتوقف، وأن كل من يبقى بعد نهاية الفترة المحددة دون توبة سيعرض نفسه لأقصى العقوبة القانونية والقضائية.

وكانت الحكومة الفلسطينية في غزة أعدمت عملين للاحتلال منتصف أبريل الماضي بعد استنفاذ هذه الأحكام كافة طرق الطعن فيها وحازت حجية الأمر النقد فيه وأصبحت باتة وواجبة التنفيذ بعد أن منح المحكوم عليهم حقهم الكامل.

فرصة قد لا تتكرر

مسئول كبير في جهاز الأمن الداخلي أكد أن الجهاز ينشط في متابعة العملاء، ولديه بعض العملاء الذين يخضعون للتحقيق، وهذا يأتي في سياق الحملة الوطنية لمواجهة التخابر التي تدعو العملاء للتوبة وتسليم أنفسهم.

وقال: لا نستطيع البوح بما يحدث في هذا المجال؛ لكن نؤكد أن من سلم نفسه خرج من اللقاء -بعد ساعة على أبعد تقدير- الذي جمعه مع أحد ضباط الأمن الداخلي بعد أن أملى استبانه عدت لهذا الغرض.

ومضى قائلاً: "الحديث في هذا الموضوع يحاط بالسرية واحترام الخصوصية، وهذه أول مرة يفتح فيها المجال لاستيعاب من ابتزته المخابرات الإسرائيلية، وأعتقد أنها فرصة مناسبة جدًا لمن ضَعُف في لحظة من اللحظات ليعود للصف الوطني".

وأوضح المسئول أن مواقع الأمن الداخلي في كل مكان لديها تعليمات واضحة عن كيفية التعامل واستقبال التائبين، مشددًا على أن أحدًا لن يستطيع أن يجتهد أو يخمن فيمن سلم نفسه أو من لم يسلم.

وأكد أن الأمن الداخلي ما زال يتابع العملاء من حيث الاعتقال حسب الإجراءات القانونية، وقال:"نعد الملفات المتوفرة لدينا لأصحاب الشبهات الأمنية لتجهيز الإجراءات القانونية، ونحن نتمنى أن يسلموا أنفسهم ويستفيدوا من هذا العفو".

ودعا المسئول الأمني كل من لديه معلومات تفيد في هذا الجانب أن يتواصل مع أحد قادة جهاز الأمن الداخلي في محافظته للإدلاء بها ليؤدي دورًا وطنيًا في هذه المرحلة الحساسة.

معاول هدم×سواعد بناء

الباحث الحقوقي ياسر عبد الغفور، رأى بإعلان فتح باب التوبة خطوة جيدة خاصة بعد إعدام العميلين، ليكون الهدف ليس إيقاع العقوبة، وإنما معالجة هذه الآفة الخبيثة، فالقصاص تشريع الهي للعقاب والردع في نفس الوقت.

وقال: "المتوقع بعد إنزال العقوبة أن يكون هناك خطوة للأمام من أجل إعطاء من خانوا دينهم ووطنهم فرصة أخيرة للتفكير ومراجعة الحساب لتجنب هذا المصير الأسود، رغم أنني معارض لتنفيذ حكمي الإعدام بالشكل الذي تم بهما وفق هذه الظروف".

وأضاف الباحث الحقوقي "أعتقد أن على العملاء أن يلتقطوا هذه الفرصة التي قد لا تتكرر، ويمكن أن يتحولوا في لحظات من معاول هدم إلى سواعد بناء وقوة، يمسحوا عار الخيانة بشرف الانتماء والولاء، عبر الإدلاء بما لديهم والعودة لحضن شعبهم وقواه المقاومة".

واقترح عبد الغفور أن يرافق ذلك برنامج متابعة للعملاء وتشديد الإجراءات ضدهم، مع الرفق والحنو بمن تاب منهم، وإبراز توبتهم على الملأ (وفق الممكن قوله) ليكون حافزاً للآخرين، إلى جانب توفير عوامل الدعم النفسي والمادي لهم وإعادة دمجهم بشكل طبيعي في المجتمع.

موقف محرج

من جهته، أثنى الشيخ درويش الغرابلي أحد قادة الجهاد الإسلامي على خطوة الوزارة، لافتًا إلى خطر هؤلاء العملاء الذي تسبب بعضهم بقتل المواطنين وقصف المنازل وضنك العيش. ودعا الغرابلي العملاء للعودة لرشدهم ولحضن شعبهم لأن الجهاد الإسلامي وكل فصائل المقاومة الشريفة إذا ما أثبتت على أحدهم أنه عميل فسيضع نفسه في موقع محرج.

ودعا الغرابلي الداخلية لتوعية هؤلاء العملاء وتثقيفهم دينيًا وإظهار موقف الاحتلال الذي يريد أن يستغلهم ثم سيتركهم، ولن يكون لهم مكان سوى في مزابل التاريخ.

وطالب الحكومة أن تتابع من يسلم نفسه حتى لا يتقدم لهذه الخطوة من باب حماية نفسه ويعود لطريق الضلال مرة أخرى وتسول له نفسه الانحراف.

سد منيع

فيما رأى الشاب أسامة سعد (26 عامًا) أن خطوة الوزارة مبادرة جيدة لكنها غير كافية تجاه قضية معقدة بكافة تفاصيلها ويتحمل المجتمع المسؤولية الأكبر منها، خاصة أن معظم هؤلاء يتعرضون للابتزاز أو أنهم ضحية ظروف معقدة تساهم بهذا التوجه الخطير لهم.

وقال: "من المفترض أن تتكامل جهود المؤسسات الرسمية والأهلية والحقوقية لتشكيل سد منيع تجاه نهج المخابرات الإسرائيلية في إسقاط العملاء وتطويعهم للتخابر معها ضد المقاومة والشعب، مع التأكيد في الوقت ذاته على مساندة أي خطوة رادعة (الإعدام خاصة) بحق من يتمادي في هذا النهج".

واقترح سعد على وزارة الداخلية أن تضاعف جهودها، وتزود الجمهور والرأي العام بمعلومات عن العملاء المضبوطين ليكون رادع لغيرهم ويكون موقف الداخلية سليم تمامًا وقطع أي تشكيك بجدية خطواتهم.

عدم الموسمية

من جهته؛ حذر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة من خطورة مسألة العملاء لأنها تمس القضية الوطنية، والجبهة الداخلية، وأكد أن الجبهة تتعامل مع هذه القضية على أنها مسألة شاذة يجب أن تكافح عبر تثقيف المواطنين، والمعرضين خاصة لخطر الابتزاز الإسرائيلي من طلاب ومغتربين ومرضى ومسافرين يحتاجون للمعابر وغيرها، وتبيان مخاطر العمالة على المقاومة والمناضلين.

وثمن أبو ظريفة خطوة الداخلية، مؤكدًا أنها تأتي في الاتجاه الصحيح؛ ولكن يجب أن تستكمل في البنية التحتية من أجل صد كل محاولات الاحتلال الخبيثة للإيقاع بأبناء شعبنا خاصة وأن الاحتلال لا يستطيع الاستغناء عن التجنيد رغم كل التقدم التقني التكنولوجي.

واقترح أبو ظريفة تقديم المتورطين لمحاكم عادلة فهم ليسوا سواء وبينهم من قدم معلومة بسيطة، وبينهم من قتل مقاومين وأبرياء.

كما أكد ضرورة استمرار الضغط على العملاء والابتعاد عن "الموسمية"، والاهتمام بالدور الأسرى والمجتمعي لما له من أهمية بالغة. ورأى أن الشباب في كل المجتمعات الفقيرة يكونوا عرضة للانزلاق الأمني، ولذا يجب أيضًا الاهتمام ببرامج مكافحة الفقر والجوع بالمجتمع.

الدور الثقافي

ومن الناحية الثقافية، رأى الأديب والشاعر والمثقف الدكتور كمال غنيم أن الكلمة الطبية تؤتي ثمارها في كل شيء وهي مدخل طيب لعلاج الكثير من المشاكل، وإعلان فتح باب التوبة للعملاء يفتح المجال لعلاج هذا القضية الحساسة بـ"طريقة أبوية".

وقال: هذه الطريقة تعبر عن رأي واعي وإنساني عالي في حل هذه القضية، وذلك لأهمية التغيير بكافة الوسائل الثقافية وغيرها.

ودعا غنيم لحملة توعوية وتثقيفية في كل الاتجاهات وبكل الوسائل المتاحة من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية والأفلام والمعارض والندوات في الجامعات والمدارس والمساجد، في خطوة تكميلية لجهود الأجهزة الأمنية في محاربة العملاء والقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

ودلل غنيم على أهمية هذه الحملة بالأثر الكبير الذي تركه خبر فتح باب التوبة للعملاء ومن قبله إعدام عميلين بغزة.

الأمن والتوعية بالتوازي

من جهته؛ أكد عضو مجلس إدارة رابطة علماء فلسطين الدكتور نسيم ياسين على أهمية فتح باب التوبة للناس الذين أساؤوا لأنفسهم وللناس ولدينهم ولوطنهم. وقال إن باب التوبة مفتوح ليوم القيامة؛ فنحن لا نغلق بابًا فتحه الله‏، وعن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال‏ "‏إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها". ونحن نشجع الداخلية على موقفها، ولكن نؤكد أنه يجب عدم الاكتفاء بالأسلوب الأمني ويجب إتباع وسائل أخرى، فالشخص الذي ارتبط بشكل وثيق مع الاحتلال وأدلى بمعلومات حساسة أو أدت لقتل إنسان يحتاج لعمل وجهد ومتابعة لوضعه بعد إعلانه للتوبة أيضًا، مخافة أن يعود لغيهم.

ولفت الدكتور ياسين إلى أن عقوبة المذنب على قدر الجرم، وأن على الداخلية أن تأخذ بعين الحسبان من جاء مقرًا بذنبه معترفًا بخطئه وتخفف عنه العقاب، وللقائمين على أمر المسلمين تقدير ذلك. أما إذا لم يأتي المذنب ولم يتب واكتشف أمره بعد ذلك فلا بد من إيقاع أشد العقوبات عليه. كما يجب أن يوضح للمذنبين في السجون مدى جرمهم وخطأهم ويجري العمل على إصلاحهم نفسيًا وروحيًا ودينيًا.

ودعا ياسين لتفعيل برامج توعوية وتثقيفية للمجتمع بكل شرائحه، لأن معالجة مشكلة العملاء يجب أن بأسلوب تثقيفي بالتوازي مع الأسلوب الأمني.

وذكر ياسين أنه خطب في الناس الجمعة الماضية عن موضوع الإسقاط وخطره وطرق النجاة منه، وكيف استشعر الناس أهمية الأمر.

- موقع وزارة الداخلية