خبر تهديد مركز -يديعوت

الساعة 09:40 ص|16 مايو 2010

تهديد مركز -يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: من يعتقد أن حزب الله لن يخرج الى حرب لان ليس لديه ما يكفي من الصواريخ بعيدة المدى، يجب أن يتذكر بانه يؤجل النهاية فقط  - المصدر).

        هل ستندلع أم لن تندلع حرب في لبنان في الصيف، على هذا السؤال لا يوجد لدى أحد جواب. ما هو واضح دون ريب هو ان الحرب التي ستنشب في الشمال – اذا ما وعندما تنشب – لن تكون مشابهة لتلك التي وقعت في 2006. فحزب الله يتعاظم من يوم الى يوم، سواء بكمية المقاتلين، بعدد الصواريخ أم بقدراتهم. وما هو أكثر أهمية، هو أن الطريقة التي تستخدم فيها هذه القوة ستكون مغايرة جوهريا.

        كل بضعة اسابيع تنزل علينا معلومة اخرى عن هذه الجبهة. لتؤشر الى الشكل الجديد للمواجهة المتبلورة هناك، بانه على جانبي الحدود،  يستعدون للجولة القادمة بكل القوة – ولكن بالنسبة للمواطن العادي لا يعني هذا الكثير. صاروخ آخر مهرب الى حزب الله، فلديهم منذ الان 40 الف، وماذا يغير هذا في الصورة. كل الصواريخ هي ذات الشيء، كما يقول لنفسه اسرائيل اسرائيلي.

        كما أن المؤسسة الامنية لا تكلف نفسها عناء الشرح للجمهور لاي مواجهة ينبغي له ان يستعد. وقد فوجيء مواطنو اسرائيل من شدة الدمار الذي يمكن ان يحدثه الطرف الاخر وسألوا عن حق كيف عرفنا، كيف لم نستعد ومن المسؤول عن القصور. ولكن هذا بالضبط ما يحصل الان ايضا.

        في جهاز الامن وفي اوساط خبراء في الاكاديمية صورة ميدان القتال الجديد في لبنان واضحة جدا اما للمواطن، الذي سيكون شريكا كاملا في القتال في المعركة القادمة فليس لديه أي فكرة. أحد لا يروي له شيئا.

        بالصدفة تماما، نشرت هذا الاسبوع صحيفة مهنية أجنبية نبأ يعنى بصواريخ ام 600 زودتها سوريا لحزب الله. ولكن مريح لاحد ما في البلاد ان يخفي هذه المعلومة، تماما مثل ادخال صواريخ سكاد الى لبنان كان سرا مكتوما في اسرائيل الى أن كشفت عنه النقاب صحيفة عربية. في الحالتين لم يؤكدوا في البلاد المعلومة ولكن محافل مجهولة الى هذا الحد او ذاك تحدثت عن "سلاح خارق للتوازن".

        هنا وهناك يلمح أحد ما بالتوتر على الحدود الشمالية، وبين الحين والاخر تنشر في وسائل الاعلام العربية انباء عن طلعات جوية استثنائية لسلاح الجو في سماء لبنان ولكن بالنسبة للاسرائيلي العادي كل هذه الاحداث خارج النطاق، بأمر من السلطات. فلماذا لم تمنع اسرائيل دخول الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الى لبنان؟ سؤال جيد لعلنا نحصل على جواب عليه في كتب التاريخي التي ستكتب في المستقبل.

 

        ليس مجرد مقذوفة صاروخية

        من المهم الفهم بان صواريخ ام 600 بحوزة حزب الله ليست مجرد اضافة عادية لترسانته. فهذا هو الـ DNA. هو الرمز الذي يكشف النمط الجديد لاستعداد المنظمة للمواجهة القادمة.

        لنبدأ من حقيقة ان ام 600 ليس مقذوفة صاروخية بل سلاحا أكثر دقة ونجاعة بكثير، ذو قدرة استراتيجية بمعايير الشرق الاوسط. اذا ما رغب حزب الله في الحرب القادمة بضرب مبنى هيئة الاركان في وزارة الدفاع في تل أبيب، فان بوسعه – نظريا – ان يفعل ذلك. في 2006، هذه القدرة لم تكن بحوزته، مع "زلزال" والمقذوفات الصاروخية السورية المتوسطة.

        هل يعني هذا ان الصورة التي رأيناها في حرب لبنان الثانية، بمئات المقذوفات الصاروخية للمدى القصير والمتوسط والتي تطلق كل يوم نحو شمالي الدولة، حتى خط زخرون يعقوب – طبريا، لن تتكرر؟ تماما لا. فالكتلة الاساس من أصل 40 الف مقذوفة صاروخية يحوزها حزب الله لا تزال هي المقذوفات الصاروخية من هذه الانواع، وبواسطتها سيحاول في المرة التالية ايضا زرع الدمار في البلدات والمس بقوات الجيش الاسرائيلي قبل ومع دخولها الى لبنان.

        من تجربة الحرب السابقة، فان هذه المقذوفات الصاروخية هي سلاح عمومي: النار غير دقيقة، معظمها تسقط خارج المناطق المأهولة، كمية المصابين والدمار ليست كبيرة. غير أنه في الحرب التالية، كما اسلفنا، الى جانب الصليات المعروفة ستكون لحزب الله امكانية أن يطلق في آن واحد عشرات الصواريخ الدقيقة ايضا، من عشرات النقاط من شمالي وجنوبي الليطاني، نحو هدف واحد محدد ومنسق. وليس فقط اصابة هذه الصواريخ ستكون أكثر دقة وشدة، بل سيكون معقدا أكثر بكثير اعتراض وتدمير عشرات الصواريخ المنفردة التي ستنطلق دفعة واحدة في اماكن مختلفة من الرد بالنار على منطقة كاملة يطلق منها وابل الصواريخ.

        الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله تستهدف تدمير منشآت استراتيجية في غوش دان. صواريخ كهذه تنتشر منذ الان في جنوب لبنان، حيث أن نية حزب الله على ما يبدو هي تنفيذ صليات من عشرات الصواريخ كل يوم على مدى ايام عديدة. وبالتوازي فانهم يخططون لاطلاق الاف المقذوفات الصاروخية الى مسافات مشابهة، موجودة منذ الان في حوزتهم، ومن خلال النار المتداخلة هذه يأملون بتدمير البنى التحتية وتحطيم المنشآت. هدف الاف الصواريخ الى مسافات بعيدة يجمعها حزب الله سيكون في واقع الامر زرع الارهاب لغرض الارهاب ضد المواطنين، وضعضعة الاستعداد للقتال.

        صحيح حتى اليوم، بما في ذلك على أساس مفهومهم، لا يزال ليس لدى حزب الله كميات كافية من السلاح الدقيق لتحقيق هذه العقيدة. وهذه بالضبط نقطة الزمن لنشاط دولي، وكذا اسرائيلي، اكثر كثافة بكثير، من أجل وقف عبور السلاح الدقيق الى لبنان. قبل ان يفوت الاوان.

        حزب الله يريد ان يصل الى وضع يمكنه فيه أن ينفذ على مدى فترة طويلة نارا من مئات المقذوفات الصاروخية والصواريخ في اليوم نحو وسط البلاد، ومن أجل فهم قوة الدمار مدار الحديث ينبغي ضرب كل صاروخ او مقذوفة صاروخية بـ 250كغم من المواد المتفجرة.

        ليس صدفة أن خرج هذا الاسبوع رئيس وزراء لبنان، سعد الدين الحريري، بتصريح يقول ان حكومة لبنان تساند حزب الله في موضوع الصواريخ. فهو يفهم بان هذا هو جوهر استراتيجية المنظمة. مبنى القوة العسكرية ذات الحكم الذاتي هو العصب الاكثر حساسية في العلاقات المشحونة بين المنظمة الشيعية والحكم المركزي، والحريري يعرف بان حزب الله سيفجر على هذا العصب كل اتفاق.

 

        يجمعون ويحفرون

        صواريخ سكاد التي يتلقاها حزب الله، حسب المنشورات، من سوريا، تستهدف هدفا محددا اكثر من ذلك. اذا ما تبين بالفعل بان الحديث يدور عن تهريب صواريخ سكاد دي، فان الحديث يدور على ما يبدو عن تهديد ديمونا.

        بقدر ما هو معروف، ليس لمنظمة نصرالله خطط لاحتلال اراض في الجليل. قد تكون لديه قدرة على تنفيذ اقتحام لبلدة، لخلق دراما، ولكن حربه ستتركز على اطلاق المقذوفات الصاروخية والصواريخ نحو العمق الاسرائيلي، على مدى الزمن. وعليه، فان معظم هذه المنظومات ترمي الى الدفاع عن الذراع الاستراتيجي وتغذيته.

        هذا الدفاع يقوم على أساس نحو 160 نطاق عسكري اقيم في جنوب لبنان، في البلدات القروية وبجوارها، بما في ذلك في الجيوب المسيحية. لهذا الغرض، عندما تدرب الجيش الاسرائيلي على خطط العمل، فقد تعاطى مع البلدات وكأنها نطاقات عسكرية بكل معنى الكلمة. والى الحرب التالية في لبنان سينطلق لغرض التغيير، بخطط سبق أن تدرب عليها.

        حسب تجربة الحرب السابقة، فان تواصل مثل هذه النطاقات القروية يخلق منظومة فيها سلسلة قيادية مرتبة. كل مجموعة التشكيلات تكون ألوية حزب الله: "ناصر"، "بدر" و "عزيز". لكل لواء وجبة الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الخاصة بها، وفي كل نطاق ايضا قوة برية، مهمتها الدفاع عنها ضد هجوم بري. كل منظومة مبنية بهدف تنفيذ اطلاق للصواريخ بشكل مستقل، حتى لو انقطعت عن كل النطاقات الاخرى.

 حزب الله بدأ بعملية استخلاص الدروس في اعقاب حرب لبنان الثانية، وحدثها وأكدها بعد "رصاص مصبوب". الحملة في الجنوب في 2008 مثلت حتى اكثر من الحرب في الشمال في 2006، المعنى العسير لـ "عقيدة الضاحية"، ونصرالله يفهم بان الجيش الاسرائيلي يوجد اليوم في مكان آخر تماما – سواء من ناحية الحركة ام من ناحية النار. وعليه، فحتى حزب الله، وليس فقط حماس، يحفر اليوم تحت الارض بوتيرة سريعة – خنادق، قيادات، مراكز تحكم وممرات من قاطع الى قاطع في الجبهة.

من أجل تنفيذ نار منسقة نحو ذات الهدف، ثمة حاجة الى منظومة قيادة وتحكم متطورة أكثر بكثير من تلك التي كانت حتى الان لحزب الله. وهنا، في واقع الامر، تبدأ نقاط الضعف لديه. فمن جهة، من الصعب التصدي لمنظمة ارهابية تتصرف كجيش بكل معنى الكلمة. ومن جهة اخرى فانه يعاني منذ الان من كل أمراض المنظمة العسكرية المؤطرة، لا تعاني منها وحدات حرب العصابات الصغيرة والسرية.

في حرب لبنان الثانية دمر سلاح الجو في غضون 35 دقيقة الصواريخ بعيدة المدى لدى حزب الله. 50 في المائة من الصواريخ التي اطلقت من وسائل اطلاق معيارية الى مسافة متوسطة وقصيرة دمرت قبل اول اطلاق لها، فيما صفي الباقي بعده. من المعقول الافتراض بان قدرات سلاح الجو والجيش البري الاسرائيلي في مجال السلاح الدقيق واغلاق الدوائر تحسنت منذئذ، وبعدة درجات.

حلم حزب الله هو الاحتفاظ بجيش بحجم 40 الف رجل على الاقل. اليوم لديه اقل من النصف، والنمو الذي يتطلع اليه يستدعي مساومات على جودة القوة البشرية. فضلا عن ذلك، يستند حزب الله الى قوات احتياط والى ادوار مزدوجة للقادة، في الحياة العادية وعند الطوارىء. هذا الامر يثقل على الانتقال الى حالة الطوارىء. واذا لم يكن هذا بكاف، فان منظومات السلاح المتطورة تستدعي صيانة متأنية وقدرة تكنولوجية عالية. فهذا لم يعد المقاتل مع كلاشينكوف او آر. بي. جيه.

في الحرب التالية لن تكون القوات الدولية في جنوب لبنان. فهي ستنسحب مع اندلاع النار، حتى لو كانت لا تقول ذلك في هذه اللحظة. ليس لدى القوات الدولية التفويض للتدخل في القتال، ولديها بالتأكد مصلحة في الحفاظ على حياة جنودها.

ليس رجال القوات الدولية وحدهم من يتجولون هناك. الجيش اللبناني، المنتشر من جنوب الليطاني مع 15 الف جندي، لا يشكل ظاهرا هدفا من ناحية الجيش الاسرائيلي، ولكن التقدير هو انه ما ان تندلع المواجهة حتى يقاتل هذا الجيش. حسب هذا المنطق يفترض أن يتعاط الجيش الاسرائيلي معه كقوة معادية، وحيثما يقاتل يتعرض للهجوم. بتعبير آخر: كل مواجهة تتضمن حركة برية للجيش الاسرائيلي في لبنان، سيتعين عليها أن تدفع جانبا وان تشكل فعالية الـ 15 الف جندي اياهم بأسرع وقت ممكن.

كما يبدو، نصر الله نفسه غير مقتنع بان منظمته وصلت الى نقطة القوة التامة كي تنطلق الى المعركة. لديه صواريخ بكميات لا نهاية لها، ولكن الصواريخ الدقيقة على مدى بعيد ليست في حوزته بكميات بعد. من المعقول الافتراض بانه في اللحظة التي يجمع فيها ما يكفي من المخزون، سيبدأ العد التنازلي. فتح النار سيكون فقط مسألة توقيت.

وهذا بالضبط المكان للسؤال ماذا تفعل حكومة اسرائيل كي لا يواصل السلاح خارق التوازن اياه التدفق نحو حزب الله، وهل القوافل التي تجتاز الحدود السورية – اللبنانية يجب أن تواصل الحصول على الحصانة تحت مظلة قرار الامم المتحدة 1701؟

 

الرسالة لم تفتح

هذه ليست سيناريوهات رعب خيالية. فمن يعلن انه لن تندلع حرب في الصين لان ليس للسوريين مصلحة، ولان حزب الله لا يزال غير مستعد كون ردع 2006 لا يزال يعمل والايرانيون لم يعطوا الضوء الاخضر بعد – يعرب عن امنية في افضل الاحوال او يراهن في اسوأها. صحيح أن تقويم الوضع في اسرائيل يقول انه من غير المتوقع مواجهة في الصيف، ولكن يجب أن نتذكر بان هذا التقويم يقوم على أساس قراءة مصالح الطرف الاخر بعيون اسرائيلية غربية. بمعنى، لا يوجد أي ضمانة بان تندلع حرب في الصيف، ولكن لا يمكن ايضا الضمان بالا تندلع.

السوريون ينقلون رسائل – سرية وغير سرية – بان لا مصلحة لهم في الحرب. في الاسبوع الماضي، في أثناء زيارة الى تركيا، قال بشار الاسد نفسه انه حتى لو كان هناك احتمال 1 في المائة لحرب، يجب منعها. غير أن هذا الاسبوع قال الرئيس امورا معاكسة.

المحاولات المتوازية التي تقوم بها اسرائيل لنقل رسائل تهدئة الى دمشق لا تستقبل هناك كما هي. فالسوريون ببساطة لا يثقون بنا. وحتى رسائل التهدئة تعتبر هناك على ما يبدو مؤامرة. مثالا؟ قبل بضعة اشهر في اعقاب وفاة شقيقه الشاب ماجد، بعثت اسرائيل للاسد برسالة تعزية. بادرة انسانية. رفض تسلم الرسالة. وحسب مفهومه – ويجدر بنا ان نستوعب ذلك – أطعمناه المرارة مع تصفية مغنية، تصفية الجنرال سليمان، التفجيرات غير المفسرة في السيارات العسكرية على أنواعها، وبالطبع قصة المفاعل المفجر. إذن لعله ليس له مصلحة في الخروج الى حرب مع اسرائيل، ولكنه بالتأكيد لا يثق بنا.

كما ان الرسالة المهدئة التي نقلها الرئيس الروسي مدفديف هذا الاسبوع هي من ناحية الاسد مناورة اسرائيلية اخرى، وذلك لان المعلومات التي زوده بها الايرانيون تتحدث عن استعداد اسرائيلي لهجوم مفاجىء. ليس لدى السوريين، تماما مثلنا، أي فكرة كيف ستتطور الامور مع الايرانيين في الساحة الدولية، ولكن واضح أن هذا هو أحد المفاتيح الاساس التي من شأنها أن تفتح الباب باتجاه المواجه.

نصر الله قال مؤخرا في عدة مناسبات ان ليس له مصلحة في الصدام مع اسرائيل في هذه اللحظة. من جهة اخرى، فهو يواصل الاختباء، انطلاقا من الاحساس بان المواجهة قريبة وانه يشكل هدفا.

في هذه الاثناء، بعد أربعة اخفاقات لتصفية اسرائيل في خارج البلاد، في الاردن، في مصر وفي أذر بيجان - كانتقام على تصفية عمام مغنية، يواصل حزب الله محاولات تصفية شخصيات اسرائيلية. لا يمكن أن نعرف كيف سترد اسرائيل على مثل هذه العملية، وهذا ايضا تفسير لان كل تقويمات الوضع يمكنها ان تتغير في غضون وقت قصير.

في الاسفل، في صفوف حزب الله يوجد ضغط للعمل. فهم تقريبا منذ أربع سنوات دون عمل حقيقي. القادة يكبحون جماح جنودهم، وهم بالفعل لا يقتربون من الحدود ولا يستفزون – ولكن كل شيء مؤقت. من يعتقد أن حزب الله لن يخرج الى حرب لان ليس لديه ما يكفي من الصواريخ بعيدة المدى، يجب أن يتذكر بانه يؤجل النهاية فقط.