خبر لماذا رفضت البنوك دفع ضرائب لحكومة غزة؟

الساعة 04:30 م|13 مايو 2010

فلسطين اليوم-الأيام المحلية

أكد د. جهاد الوزير، محافظ سلطة النقد، أن البنوك مستمرة في تقديم خدماتها المصرفية في قطاع غزة، بما فيها البنك العربي، لافتاً الى أن إجمالي التحويلات النقدية الى قطاع غزة عبر البنوك تجاوزت 5 مليارات دولار منذ الانقسام في حزيران من العام 2007، مشدداً في هذا السياق على حيادية سلطة النقد وحرصها على الابتعاد عن الخلافات السياسية-وذلك حسب ما نقلته عنه صحيفة الأيام المحلية اليوم.

 

وقال الوزير، الذي كان يتحدث، امس، في حلقة جديدة من برنامج "مساءلة" الذي يعده اسبوعياً مركز الاعلام الحكومي في مقره برام الله: منذ الانقسام في العام 2007، اتخذت سلطة النقد قراراً بأن تنأى بالجهاز المصرفي عن الخلافات السياسية، وهي مستقلة بموجب القانون، ولديها استقلالية كاملة في اتخاذ القرارات. حرصنا منذ البداية على الابتعاد عن الخلافات لأن الخدمة التي يقدمها الجهاز المصرفي للمواطنين خدمة أساسية لا تعتمد على اللون السياسي.

 

وأضاف الوزير إنه كان لدى سلطة النقد مخاوف من قطع العلاقات المصرفية الدولية مع البنوك الفلسطينية، "وكان احد المتطلبات الاساسية لاستمرار التعامل مع الجهاز المصرفي العالمي، هو أن يكون لدينا قانون لمكافحة غسل الاموال، وهو ما تم فعلاً، اذ صدر مرسوم رئاسي بقانون في العام 2007 بتطبيق نموذج القانون المعتمد من الامم المتحدة، ما مكننا من توفير شبكة حماية لجهازنا المصرفي وتأمين استمرار عمله مع البنوك المراسلة، والتي بلغ عددها حتى الآن 94 بنكاً مراسلاً من البنوك العربية والاجنبية، يتم عبرها تحويل الاموال الى الضفة الغربية وقطاع غزة".

 

وقال: منذ الانقسام حتى اليوم، تم تحويل أكثر من 5 مليارات دولار لقطاع غزة عبر الجهاز المصرفي، شملت رواتب حوالي 75 ألف موظف حكومي، إضافة الى باقي النفقات الحكومية في القطاع والتي تزيد على 56% من الموازنة العامة للسلطة، والتحويلات الاوروبية لتمويل شراء الوقود لمحطة توليد الكهرباء، وتحويلات الفلسطينيين في الخارج الى ذويهم في القطاع، والمساعدات الانسانية، وتمويل شراء السلع الغذائية الاساسية، ورواتب موظفي المؤسسات الدولية.

وتابع: كل هذه التحويلات كانت مهددة بالتوقف ما لم نحافظ على الجهاز المصرفي.

 

وحدة الجهاز المصرفي

وشدد الوزير على وحدة الجهاز المصرفي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، "اذ لا يمكن الفصل بين جهاز مصرفي في الضفة وآخر في القطاع . العمل في هذا الجهاز موحد ومتكامل بين الفروع والادارات العامة والاقليمية. رغم المعوقات، والتدخلات السياسية من بعض الاطراف في غزة تمكنا من ضمان استمرار عمل الجهاز المصرفي والمحافظة على مواصلته لدوره المهني والانساني، من خلال الحوار والتوضيح للجميع أهمية استقلال هذا الجهاز. لولا تمكن الجهاز المصرفي من تحويل الاموال الى القطاع، وتأمين التبادلات التجارية، لما استطعنا ان نصمد في ظل حصار خانق، ووضع سياسي غير مستقر".

 

تطور لافت في القطاع المصرفي

وأشار الوزير الى جملة من الخطوات التي اتخذتها سلطة النقد خلال العامين الماضيين، "والتي باتت آثارها واضحة للعيان من خلال التطور الذي شهده القطاع المصرفي"، لافتاً في هذا السياق الى ان نسبة التسهيلات الى الودائع ارتفعت من 28% في العام 2008 الى 38% في العام 2009، الامر الذي يعكس زيادة كبيرة في الاقراض، كما انخفضت القروض المتعثرة (التي مضى على توقف سداد أقساطها اكثر من عام) بنسبة 41%، والقروض المصنفة (التي مضى على توقف سداد اقساطها فترة 3 اشهر الى سنة)، بنسبة 54%، معتبراً ان هذه الارقام "غير مسبوقة في عمل الاجهزة المصرفية، سواء على الصعيد الاقليمي ام الدولي". كذلك، فقد نما إجمالي الودائع في الجهاز المصرفي خلال العام الماضي بنسبة 7% مقارنة مع العام 2008، فيما حققت البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية العام الماضي مستوى من الارباح لم تتحقق في اية دولة في المنطقة، "وذلك نتيجة حزمة السياسات التي اتبعتها سلطة النقد".

 

البنك العربي مستمر في قطاع غزة

ورداً على سؤال، أعرب الوزير عن ثقته باستمرار البنك العربي في تقديم خدماته المصرفية في القطاع، مطمئناً المواطنين "على سلامة الجهاز المصرفي في الضفة والقطاع على حد سواء".

واضاف: ما حدث مع البنك العربي هو أمر فني تقني، فهو اغلق فرعين لكن فرعه الرئيسي في غزة ما زال مستمراً في عمله. الخلاف الذي حصل كان حول المخالفة القانونية بإغلاق البنك لفرعين دون الرجوع الى سلطة النقد، فلا يجوز لبنك اجنبي ان يفتح او ينقل او يغلق فروعاً دون الرجوع الى سلطة النقد، وتم التعامل مع هذه المخالفة وانتهت المشكلة، وفرضت سلطة النقد على البنك غرامة بالحد الاقصى التي نص عليها القانون (150 الف دينار اردني لكل فرع)، مشدداً على أهمية دور البنك العربي في فلسطين، "والعلاقات الوطيدة التي تربطنا به، ونحن متأكدون من أنه سيستمر بالعمل بشكل طبيعي".

وأكد محافظ سلطة النقد أن المشكلة التي نشأت بعد اغلاق البنك لفرعين من فروعه الثلاثة في قطاع غزة "لم تكن في اية لحظة بسبب الخوف على الودائع، فمن يتذكر التاريخ، فالبنك العربي موجود في فلسطين منذ العام 1930، وتجربتا العامين 48 و67 لا تدعان مجالاً للشك او الخوف فيما يتعلق بسلامة الجهاز المصرفي".

وعن احتشاد المواطنين أمام فرع البنك في غزة غداة اغلاق فرعي الرمال وخان يوس، قال الوزير إن سبب الارباك أن إجراء البنك العربي تم في يوم صرف الرواتب، حيث لم يكن هناك عدد كاف من الموظفين للتعامل مع صرف الرواتب، "ولم يكن هناك اية مشكلة سحوبات لودائع، وقد تمت معالجة الموضوع بآليات مختلفة، منها على سبيل المثال اتمام معاملات البنك العربي في خان يونس عبر فرع بنك القاهرة عمان هناك".

وقال: هناك 9 بنوك تعمل في قطاع غزة، وهي تعمل وتقدم خدماتها بشكل طبيعي، بما فيها البنك العربي من خلال فرعه الرئيسي في غزة، وشبكة صرافاته الآلية هناك، ومعروف ان معظم الخدمات المصرفية تقدم عبر الصرافات الآلية".

 

ضرائب حكومة غزة على البنوك

ورداً على سؤال بشأن رسالة من حكومة غزة للبنوك تطالبها بدفع ضرائب، قال الوزير: هذا صحيح، فقد وردت من غزة رسالة بهذا المعنى، لكن البنوك لم تتعامل مع هذا الموضوع لأن حكومة غزة موضوعة على قوائم الدول الاجنبية التي تضم مؤسسات وأشخاصاً يحظر التعامل معهم . كنا واضحين بأنه لا يمكن للبنوك التعامل مع الوضع القائم في قطاع غزة، ونحن نعالج المشاكل التي تطرأ من حين لآخر".

وفيما يتعلق بالفوائد والعمولات، قال الوزير إن لدى سلطة النقد برنامجاً لتنظيم هذا الموضوع، "وقد بدأنا هذا البرنامج بالتشاور مع البنوك، وكانت هناك تعليمات خفضت عدد العمولات من حوالي 194 عمولة في الجهاز المصرفي، انخفضت الى حوالي 64 عمولة، وهناك المزيد من الخفض".

 

تحديد سعر الفائدة

وفيما يتعلق بالفائدة، أقر الوزير بعدم قدرة سلطة النقد على تحديد سعر الفائدة في غياب عملة وطنية، "لكن لدينا خطة لتعزيز قدرتنا على تحديد سعر الفائدة، واستخدامها لمصلحة تنمية الاقتصاد".

والى حين إنجاز ذلك، قال الوزير إن لجنة شكلت من سلطة النقد والبنوك لمراجعة أسعار الفائدة، وتقييم الكلفة والمخاطر، "وبالفعل فقد فقد تم إنشاء قاعدة بيانات ائتمان، ما ساهم في تقليل هذه المخاطر، وأعطى الفرصة للبنوك لزيادة الاقراض بنسبة 25% العام الماضي مقارنة مع العام 2008، وهي نسبة غير مسبوقة".

واضاف: لم نحدد الفوائد، لكن في حوارنا مع البنوك نستطيع التعامل مع هذا الموضوع، وسنبدأ بالافصاح عن العمولات وأسعار الفائدة عبر وسائل الاعلام، لكن علينا ان لا نتسرع كي لا نُحدث بلبلة في الجهاز المصرفي.

كذلك، قال الوزير إن تشغيل النظام الجديد للشيكات المرتجعة خفض عدد هذه الشيكات بنسبة 50% حتى الآن، "وباتت البنوك أكثر اطمئناناً، وأصبح للشيك قيمة".

 

اتفاقية لإيداع الفائض من عملة الشيكل

من جهة اخرى، أعلن الوزير عن توصل سلطة النقد الى آلية مع البنك المركزي الاسرائيلي لإيداع الفائض من عملة الشيكل، بعدما توقفت البنوك الاسرائيلية عن قبول الودائع النقدية بهذه العملة من البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية.

وقال: منذ قرار البنوك الاسرائيلية، تواجهنا مشكلة تتمثل بزيادة السيولة بعملة الشيكل، وليس هناك اية سلطة نقدية في العالم لديها ما لدينا من قضايا تتعلق بالسيولة والتي نقوم بمعالجتها.

واضاف: لدينا يومياً قضايا في كل فرع على حدة، ونعمل على إعادة توزيع النقد بما يضمن استمرار العمل في جميع الفروع، وتجنب أية أزمة.

وتابع: منذ قطعت البنوك الاسرائيلية علاقاتها مع قطاع غزة، ومن ثم رفضها قبول الودائع بالشيكل من البنوك في الضفة، لدينا أزمة كبيرة ناتجة عن فائض السيولة بالشيكل، لكننا عالجنا المشكلة مع البنك المركزي، وهو ملزم بقبول الشيكل باعتباره البنك المركزي المصدر لهذه العملة، وبالفعل، فقد تمكنا من إخراج حوالي 284 مليون شيكل من القطاع، وتم إيداعها لدى البنك المركزي الاسرائيلي، والاسبوع الماضي أخرجنا مبلغاً آخر يصل الى حوالي 540 مليون شيكل، ونحن في الطريق لتحويله الى البنك المركزي، وتوصلنا الى آلية لتحويل الشيكل الى البنك الاسرائيلي بشكل مستمر حتى لا نقع في أزمة ناتجة عن فائض السيولة.