خبر مالية غزة:« لا نعاني أزمة ورواتب الموظفين مسألة وقت فقط »

الساعة 06:32 ص|05 مايو 2010

مالية غزة:"لا نعاني أزمة ورواتب الموظفين مسألة وقت فقط"

فلسطين اليوم- غزة

استنكر إسماعيل محفوظ وكيل وزارة المالية بحكومة غزة، حملة الإشاعات التي تطلقها بعض الأبواق الإعلامية حول فرض الحكومة ضرائب معينة على المواطنين في قطاع غزة، مشيراً إلى وجود حملة ممنهجة تتعرض لها الحكومة تهدف إلى نزع الثقة المزروعة بين المواطن والحكومة.

وأكد محفوظ في تصريحات صحفية نشرت على صحيفة "الرأي" الحكومية؛ أن هذه الحملة ستفشل فشلاً ذريعاً كما فشلت الحملات السابقة، كونها تتكون من افتراءات وأكاذيب ليس لها أي أساس على أرض الواقع، منتقدا القائمين على هذه الحملات.

وطالب القائمين على الحملات التركيز على القضايا الأساسية التي يعانيها الشعب الفلسطيني كقضايا الفصل العنصري والترحيل إلى قطاع غزة، وقضايا انتزاع الفلسطينيين من مدينة القدس المحتلة والاعتداء على المقدسات وتكريس المستوطنات في الضفة والقدس، وكذلك تفعيل قضايا الأسرى وما يعانونه في سجون الاحتلال وقضية الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ 3 سنوات.

وبين محفوظ، أن حكومته لم تفرض ضرائب جديدة على المواطنين الفلسطينيين، مضيفا بأنه لا يوجد شيء جديد في المجتمع الفلسطيني بهذا الخصوص، وأن كل دول العالم عندما تريد أن تمول نفقاتها العامة فإن لها مصادر لهذا التمويل والذي يتمثل في الإيرادات الضريبية والإيرادات غير الضريبية كالرسوم الجمركية والخدمات المحلية، وأيضا ما تملكه الدولة من موارد طبيعية واستثمارات هنا أو هناك وبعض المساعدات الخارجية التي تأتيها من بعض الدول، مبينا أن الدولة التي لا تكفيها كل هذه الموارد عادة تغرق في مستنقع الديون كما هو الحال في كثير من الدول المحيطة بنا.

ونفي محفوظ وجود أية ضرائب جديدة، مشيراً إلى أن الحكومة قدمت العديد من التسهيلات والتخفيضات في هذا الاتجاه.

وقال محفوظ: "من المعروف أن لدينا قانون يسمى بقانون الدخل وهو يسري على أرجاء فلسطين ومثله موجود في كافة دول المنطقة والعالم، وهذا القانون موجود منذ أن تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية، بل في عهد الاحتلال الذي كان يحصّل ضريبة دخل من الناس وكان النداء الوطني حينها أن نمتنع عن دفع هذه الضريبة، وبعد أن أصبحت هذه الإيرادات تنفق على المواطن الفلسطيني ولصالحه أصبحت واجبا وطنيا على كل مواطن أن يقوم بدفعها لصالح المجتمع".

وأشار إلى وجود "حقيقة أساسية سادت لدى المواطن الفلسطيني وهو أن الضريبة عمل مكروه ولا أحد يحبه، وأن رجال الضريبة أيضا مكروهون"، وتابع: "ولكن عندما ننظر إلى حالنا والدور الذي تؤديه هذه الإيرادات المحصلة في خدمة المجتمع وخدمة القضية الفلسطينية، يصبح من الواجب الوطني على كل إنسان أن يساهم في دفع هذه الضرائب للمصلحة العامة".

وأوضح محفوظ أن ضريبة الدخل هي مجموع الدخل في أحسن الأحوال لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ما قبل انتفاضة الأقصى على مستوى الوطن كله وأنها تقدر بـ 60 مليون دولار في السنة الواحدة، مبينا أن "ضريبة القيمة المضافة تفرض على الصفقات ومعدلها 14,5%، وهي أيضا موجودة في كافة أرجاء العالم وهي ضريبة تمثل مصدرا أساسيا للإيراد العام"، وأضاف: "هذه الضريبة أيضا في أحسن أحوال السلطة الوطنية وصلت قيمتها إلى 940 مليون دولار في السنة".

وأضاف أن أهم من ذلك هو ضريبة القيمة المضافة، وليس ضريبة الدخل البسيطة، والتي يدفع الموظف البسيط كل حسب دخله الذي يحققه، وقال: "نحن لدينا إعفاءات وخصومات ومبالغ تدفع مقابل إعالة معاقين وإعالة والدين وإعفاء الطالب الجامعي والتأمين الصحي ... إلخ، وما يتبقى من ضريبة الدخل هو مبالغ بسيطة بمعدل 8% فقط".

وعرّج وكيل وزارة المالية على اتفاقية أوسلو قائلاً: "حينما نعود إلى اتفاقية أوسلو والتي تأسست بناءً عليها السلطة الفلسطينية نجد في اتفاقية باريس الاقتصادية أن الطرف الصهيوني أصر على أن تكون معدلات الضريبة المضافة خاضعة لتحكمه وسمح للسلطة الوطنية بهامش 2% فقط، أما ضريبة الدخل تُرك للسلطة حرية التصرف بها لأنه لا قيمة لها مقارنة مع القيمة المحصلة من الضريبة المضافة".

وأضاف: "ضريبة القيمة المضافة كانت قيمتها 16,5% زمن السلطة السابقة ثم أصبحت 15,5%، وفي عهد الحكومة العاشرة خفضناها لـ 14,5% كنوع من التخفيف عن المواطنين".

وتحدث محفوظ عن الرسوم الجمركية، وقال أنها نوع من أنواع الضرائب تختلف من سلعة لأخرى وأن اتفاقيات دولية تربطها، مبينا أنها "عادة يكون لها هدف أساسي وهو حماية المنتج المحلي،  بمعنى: أنها تفرض على المنتج القادم من الخارج ليرتفع سعره، وبالتالي يصبح المنتج المحلي قادر على المنافسة والصمود في مواجهة المنتجات الأجنبية".

كما تحدث عن الرسوم الخدماتية وقال: أنها "رسوم أخرى تسمى بدل خدمات كالتأمين الصحي الذي يدفع لها رسوم مقابل خدمة العلاج ورسوم طابع بريد وهي كلها رسوم بسيطة ولكنها تساعد في استمرار هذه الخدمات الأساسية، وهذا حال كل دول العالم الغنية والفقيرة، المتطورة والنامية بلا استثناء، فهو موجود في أمريكا وفي الصومال وفي بريطانيا وأفغانستان".

وبين وكيل وزارة المالية أن الحكومة تطبق قوانين قائمة وموجودة، وقال: "لا ضريبة تجمع بلا قانون، ولا تستطيع الحكومة مهما كانت أن تجمع ضرائب بلا قانون، ولم يجر على هذه القوانين إلا تعديلا واحدا فقط في عهد الحكومة العاشرة فيما يتعلق بضريبة الدخل وهو عندما أقر قانون تنظيم جمع الزكاة جاءت به مادة تقول أن الزكاة تخصم من الضريبة وبالتالي زادت المبالغ التي تخصم، أي الزكاة تحسب للمواطن كأنها جزء من الضرائب التي يتوجب عليه دفعها، وهذه إيجابية للمواطن وليس للحكومة".

وبخصوص الضرائب المفروضة على التبغ ، قال محفوظ: "فيما يتعلق بالضريبة المفروضة على السجائر، فقد اتخذ مجلس الوزراء قرارا بتاريخ 8/12/2009م، يحظر التدخين في الأماكن العامة، وقد طلب من كافة الوزارات تطبيق هذا القانون وهو سلوك حضاري للحكومة، كما تفعل جميع دول العالم بمكافحة التدخين بفرض إجراءات معينة للتخفيف منه، لأن أي دولة لا تستطيع منعه بالكامل لما له من آثار عميقة في المجتمع، وفي هذا الإطار اتخذ مجلس الوزراء قرارين: الأول منع التدخين في الأماكن العامة، والثاني فرض رسوم جمركية على الأدخنة بمختلف أنواعها بحيث ترفع أسعارها"، مبينا أن ذلك يساعد الناس في الإقلاع عنها.

وأضاف: "نحن وصلنا إلى حالة خطيرة في مجتمعنا وهي أن الطالب في الصف الأول الابتدائي أصبح بمقدوره شراء علبة سجائر، ولذلك واجب على الدولة والحكومة التحرك السريع لوقف هذه الحالة والحد من هذه الظاهرة الخطيرة"، وأضاف: "هناك قاعدة اقتصادية تقول: أنه كلما ارتفع سعر السلعة يقل الطلب عليها، وهذا ما نسعى إليه فيما يتعلق بالسجائر، ولكن بنسبة معينة كون السجائر أصبح له علاقة بالإدمان".

وردا على سؤال حول أن الرسوم المفروضة على التبغ شيء جديد؛ قال محفوظ: "نحن في عام 2005 و 2006 وما قبلها كانت تفرض رسوم جمركية 7,5 شيكل عن كل علبة سجائر تدخل الضفة والقطاع وما زال هذا الأمر ساري المفعول في الضفة حتى الآن، وكانت السلطة تجمع ما قيمته 35 مليون شيكل من عائدات التبغ، أما الآن في غزة نفرض مبلغ 3 شيكل فقط أي أقل من نصف الرسوم المقررة على كل علبة سجائر، وقد بدأنا بهذا الشكل البسيط لأننا لا نريد أن نحدث فوضى وصدمات في السوق".

وأضاف: "بكل وضوح السجائر نفسها كسلعة غير مكلفة، والتكاليف في كل دول العالم إنما هي ضرائب، فعلى سبيل المثال: علبة السجائر التي تصنع في بريطانيا ثمنها 7 جنيه إسترليني أي 7 دنانير أو نحو 40 شيكلا ونفس هذه العلبة التي تصنع في بريطانيا تباع في كل دول العالم الآخر بدينارين أو اقل، لأن بريطانيا تفرض على السجائر ضرائب بنسبة 400% للحد من ظاهرة التدخين لديها، وفي أمريكا نفس الشيء علبة السجائر قيمتها 5 دولار وعندما تباع في الخارج تكون بدولارين أو ثلاثة، العالم الغربي يكافح التدخين في بلاده ويشجعه في البلاد الأخرى، وهذه هي المأساة".

وأوضح أن الحكومة عندما تتحدث عن ضريبة التدخين لدينا هنا في غزة فإن أكثر من 80% من ثمن بيع السجائر وفقا للأسعار السارية منذ سنة 2005م ومازالت سارية في الضفة حتى الآن هي رسوم جمركية وليست تكلفة لهذه السلعة "السجائر"، كل هذه إجراءات للحد من التدخين ومحاربته في المجتمعات، فالأصل أن يسألنا الناس لماذا لا تفرضون 7.5 شيكل على علبة السجائر بدلا من 3 شواكل، لأن ذلك خدمة للمجتمع ومحافظة عليه، ولسنا فريدين في ذلك.

وتابع وكيل وزارة المالية أن ما تم ضبطه من كبار التجار في قطاع غزة يقارب 2 مليون علبة سجائر خلال الشهر الحالي، وبالتالي فإن رسومها الجمركية تكون 6 مليون شيكل بمعدل 3 شواكل للعلبة الواحدة، وهذا المبلغ غير محصل الآن من التاجر لأنه لا يملك السيولة المطلوبة، ودعا إلى وجوب إعطاء التاجر فترة من الزمن لكي يستطيع تحصيل الأموال واسترداد سلعته.

ولفت محفوظ أن الذين يظنون أن رسوم السجائر سوف تستخدم في تسديد الرواتب فهم واهمون، لأن الرواتب لدينا تبلغ 20 مليون دولار في الشهر أي 70 مليون شيكل وما سنجمعه من التدخين 6 مليون شيكل فقط أي 1.5 مليون دولار فقط، ولم تحصل الآن وأنها ستحصل تدريجياً.

وقال أن فرض الضرائب على هذه السلعة لمكافحة التدخين ليس الخطوة الأولى التي اتخذتها الحكومة بل كان قبلها منع التدخين في الأماكن العامة، وهناك خطوات أخرى سيشاهدها المواطن في الأيام المقبلة للحد من التدخين.

وأضاف أن كل مصادر الدخل المحلي لا يمكن أن تكون المصدر الرئيس في الرواتب التي تأتي إلى الحكومة من مصادر ومساعدات خارجية، وأن هذه الضرائب لن تستخدم في دفع الرواتب لأنها بسيطة وسنستخدمها في مشاريع البنية التحتية فقط.

وألمح محفوظ أن الهدف من فرض الضريبة على السجائر هو الحد من هذه العادة السيئة والتي باتت تهدد المجتمع، مضيفا أن ما تجمعه الحكومة من ضريبة سيذهب لمشاريع البنى التحتية ولن تستخدم في صرف رواتب الموظفين التي تبلغ 20 مليون دولار شهريا.

وحول الضريبة المفروضة على الوقود، قال محفوظ: "سعر شراء الوقود المفروض الآن على السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله هو 1961 شيكل على كل 1000 لتر أو ما يسمى بالكوب، أي 1.9% شيكل ثمن اللتر الواحد، وهناك ما يعرف بضريبة المحروقات وتقدر بـ 2505 شيكل على الطن الواحد، ما يعادل 2.5 شيكل ضريبة على اللتر الواحد أي أكثر من ثمن اللتر نفسه، أضف إلى ذلك ضريبة القيمة المضافة 732 شيكل على الطن، ومجموع هذه الأرقام وهي ضريبة المحروقات وضريبة القيمة المضافة هي 3.2 شيكل على كل لتر، والتكلفة الأساسية هي 1.9 شيكل، وهذه الضريبة كانت سارية المفعول في غزة إلى ما قبل الحكومة العاشرة، وسارية المفعول إلى الآن في الضفة ، وفي النهاية يصل سعر لتر الوقود القادم من الكيان الصهيوني للمواطن 5.3 شيكل للسولار، والبنزين 6.6 شيكل، وبالتالي فإن 3.2 شيكل على كل لتر تذهب لخزينة السلطة في رام الله".

وأضاف: "الآن الوقود في غزة فرضنا عليه رسوم رمزية، فعندما نقول أن الرسوم المفروضة بموجب القانون الساري المفعول في الشق الآخر من الوطن هي 3.2 شيكل على كل لتر، ونحن نتحدث عن 30 أغورة فقط على كل لتر فلا وجه للمقارنة وتكاد تكون معدومة وهذه رسوم رمزية، الآن سعر لتر الوقود في غزة هو 1.5 شيكل فقط وهذا سعر يتحمله المستهلك.

وأردف قائلا: "الحكومة قررت بشأن الرسوم المفروضة على الوقود قرارا واضحا أن هذه الأموال ستذهب كمساعدات للعمال وليس للحكومة، وما جمعناه حتى الآن منذ شهر ونصف لا يكفي توزيعه على العمال، وعندما يتكون لدينا رصيد لدفعة من العمال المسجلين في مكاتب العمل سنقوم بصرف هذه المبالغ لهم.

وحول وجود أزمة مالية في الحكومة قال وكيل وزارة المالية: "عندما يوجد لدى أي مجتمع أزمة مالية يكون المصير السقوط في مستنقع القروض، ونحن استلمنا الحكومة في عام 2006 وعليها ديون هائلة للبنوك والمؤسسات المصرفية، وهذا الرقم الآن يزيد بكثير حيث وصل إلى 400 مليون دولار ديون على حكومة رام الله لصالح البنوك والمؤسسات المصرفية".

وأضاف: "نحن في الحكومة الشرعية لا توجد لدينا مثل هذه الحالة والذي لا يملك رصيدا ويغرق في مستنقع الديون هو الذي يعيش أزمة مالية، ونحن ما يوجد لدينا الآن وببساطة هو صعوبة في توصيل الأموال نتيجة الحصار الذي نعيشه وهذا لن يستمر طويلا، ولابد لشعبنا أن يبتدع وسيلة لتسيير هذه الأمور وتحريكها، والحكومة لديها أرصدتها وتستطيع أن توفرها ولكن تحتاج إلى سبيل لتوصيلها فقط، وهذا ما أثر علينا في الشهر الحالي ولم يمكننا من صرف رواتب الشهر الماضي كاملة، ولكننا سنجد الآلية المناسبة لإيصال الأموال وحل هذه المشكلة".

وأوضح محفوظ قائلا: "الكثير من الرواتب التي ندفعها ليست لموظفين نحن وظفناهم ولكنهم موجودون أصلا منذ عهد السلطة السابقة ولكن لم يستنكفوا وانتموا إلى وطنهم، هؤلاء الناس نحن ندفع رواتبهم والموظفين الذين تم توظيفهم في الحكومة العاشرة هم قلائل جدا، وعدد لا يذكر عندما نتحدث عن 32 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من الحكومة بغزة، أضف إلى ذلك الذين تنقطع رواتبهم من حكومة رام الله ، فإن الحكومة ما زالت عند التزامها وهي تصرف رواتبهم كاملة وفق الأنظمة المعمول بها في قطاع غزة، طالما أنهم على رأس عملهم.

وأضاف: "إن الحكومة التي تستطيع صرف 25 مليون دولار كمساعدات للعمال، وصرف رواتب موظفيها في ظل الحرب ، وتصرف 45 مليون دولار مساعدات المتضررين من الحرب، وتدفع 30 مليون دولار لوزارة المواصلات من أجل تنظيم قطاع السيارات وإنهاء حالة الفوضى المرورية، لا يمكن لمن يفعل كل ذلك أن يعيش أزمة مالية، وإن ما يحدث ليس أزمة بل حالة عابرة ومسألة وقت فقط، وستعود الأمور إلى طبيعتها".

واختتم محفوظ حديثه قائلا: "الحكومة لم تفرض ضريبة إلا على سلعتين فقط من التي تدخل للقطاع وهي الوقود وتذهب ضريبته لصالح العمال، والتبغ "السجائر" بهدف الحد منه وضريبته تذهب للبنى التحتية، وهناك آلاف السلع التي تدخل إلى غزة ولم يُفرض عليها ضرائب أو رسوم جمركية.