خبر السلام يصنع بالقوة .. هآرتس

الساعة 07:55 ص|26 ابريل 2010

بقلم: تسفي بارئيل

"لا يمكننا أن نرغب في السلام أكثر من الطرفين نفسيهما"، "لا يمكننا أن نفرض السلام بالقوة"، وهكذا دواليك – شعارات في حضنها ربى زعماء امريكيون على أجيالهم زعماء اسرائيل. اذا كانت الولايات المتحدة لا تستطيع حقا "أن ترغب في السلام اكثر من الطرفين" فعلى ماذا الجلبة؟

ولكن من هما بالضبط الطرفان، اللذان تقصدهما الادارة؟ أوليست هي بنفسها طرفا؟ أوليس لها مصلحة استراتيجية في السلام بين اسرائيل والعرب؟ متى بالضبط تكون هذه المصلحة أمريكية ومتى تكون فقط "مصلحة الطرفين"؟ متى تكون الولايات المتحدة شريكا ومتى تكون بالاجمال وسيطا، حتى انه مستعد لان يدفع الثمن لقاء حقه في الوساطة؟

الولايات المتحدة ليست وسيطا حياديا يقدم فقط خدماته الطيبة، طاولة للمفاوضات، ضيافة خفيفة وموسيقى خلفية. انها طرف ضالع وذو مصالح، قوة عظمى مكانتها في الشرق الاوسط وفي العالم تبنى على قوتها العسكرية والاقتصادية من جهة وعلى قدرتها على أن تجعل هذه القوى فعلا سياسيا، فتحدد جدول الاعمال العالمي، وتحقق شرعية لادارة الحروب واحلال السلام من جهة أخرى.

الولايات المتحدة ترسم خريطة التهديدات في العالم، من ايران وافغانستان، عبر الصواريخ النووية في روسيا وحتى منظمات القاعدة في اليمن، وهي  تجند دول العالم، والرأي العام العالمي الى المعركة ضد هذه التهديدات. كما أنها هي التي أدرجت النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني في خريطة التهديدات هذه، وخلافا لشعاراتها فانها بالفعل تفرض حلا سلميا على الطرفين – وحسن ان هكذا.

يمكن الجدال في اسلوب وفي رؤيا واشنطن، التساؤل فيما اذا كان من الحكمة الهجوم بالذات على وقف البناء في شرقي القدس او التصرف مع نتنياهو وكأنه محتال غير مرغوب فيه. ولكن لا يمكن عدم تقدير التصميم السياسي لبراك اوباما والمخاطرة السياسية التي يأخذها على عاتقه عندما يحدد اسرائيل كرافضة للسلام.

الولايات المتحدة لا تفعل هذا من أجل "الطرفين". للوهلة الاولى، النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني ليس تهديدا استراتيجيا. فاذا ما قتل عدة اسرائيليين او فلسطينيين اخرين، اذا ما اطلقت عدة صواريخ قسام اخرى في الجنوب او الكاتيوشا في الشمال، فانه لن تنهار اي دولة وبالتأكيد ليس الولايات المتحدة. حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني لا يمكنه ايضا ان يوقف السباق نحو النووي من جانب ايران او ان يقنع الباكستان او الهند بالتوقيع على ميثاق منع نشر السلاح النووي. سوريا لن تقطع علاقاتها مع ايران حتى لو اعترفت اسرائيل بحماس. النزاع يصبح تهديدا استراتيجيا عندما يضع في خطر مكانة الولايات المتحدة. وعندما يكون هذا هو التهديد، لا يمكن لواشنطن فقط ان تدع الطرفين "يرغبان" في السلام وأن تنظر بلا مبالاة كيف يقضم الواحد بلحم الآخر. ليست العزة الخاصة لاوباما هي الموضوع على كفة الميزان، ولا المساعدة الامريكية الهائلة لاسرائيل، هي التي توضح للولايات المتحدة في اثناء الاختبار ان ليس فيها ما يساعدها في توجيه سياستها.

اسرائيل تثير الان التحدي لمكانة الولايات المتحدة الاستراتيجية. وهذا تحد يخرج عن مسألة سيادة اسرائيل حيال قوة الولايات المتحدة لشدة السخافة تتنافس اسرائيل هنا مع نفسها وذلك لان مكانة الولايات المتحدة في العالم هي أساس حيوي في قوة اسرائيل، وعندما تكون هي مستعدة لأن تدمر هذا الاساس في صالح الزعران في شرقي القدس او في البؤر الاستيطانية العشوائية، فانها تعرض مواطنيها للخطر.

حيال الغباء الاسرائيلي لا يمكن لواشنطن أن تهز كتفيها بعدم اكتراث. فقدر أكبر مما ينبغي من المصالح الامريكية واردة في هذا الشأن. فكيف اذن سيتصرف اوباما تجاه الرافض من اسرائيل؟ هل يتراجع عن مطلب تجميد البناء؟ هل يضع امام اسرائيل خطة عمل ملزمة لسلام مع الفلسطينيين؟ وباختصار، هل مرة اخرى سيكرر نفسه العرض المعروف منذ عهد وزير الخارجية جيمس بيكر، حين غادر اسرائيل مخلفا وراءه رقم  هاتفه؟ واشنطن علمت منذئذ العالم بأنه عندما ترسم هي خريطة مصالحها، فانها تكون مستعدة ايضا لان تستخدم جيشها كي تحققها. اذا لم يكن السلام بين اسرائيل والفلسطينيين مصلحة امريكية حيوية لدرجة يبرر فيها فرضه على الطرفين – فينبغي ايضاح ذلك لهما. كي لا يعلقا آمالا أكبر مما ينبغي على الخطوات الامريكية او لا سمح الله يأخذا الانطباع بأن الضغط هو مجرد مسرحية.