خبر تمسكنا بالحياة وبقينا .. معاريف

الساعة 11:20 ص|19 ابريل 2010

بقلم: بن كسبيت

هذا يصبح صعبا من سنة الى اخرى. يحتمل أن يكون هذا هو العمر؟ ذات مرة، عندما كنت في عمر الشهداء، كان سهلا أكثر. رغم أن بعضهم كانوا اصدقاء. اليوم انت في عمر الاباء والامهات، والشهداء هم الابناء، وهم يبقون دوما الابناء، ويكون من الصعب اكثر مكافحة الدموع، امام القصص. انت تجلس وتنظر اليهم، كل واحد وقصته، وامه، واخته، وابتسامته الاخيرة، والعينان، والامال والاحلام. حزن شديد يتغلغل فيك، يغطي كل شيء وبعد كل هذا، فاننا هذه الليلة سنخرج للاحتفال. لا يوجد نقلة اكثر حدة. لا توجد رواية اكثر اسرائيلية، لا يوجد كليشيه اكثر فخارا، ولا يوجد شيء كهذا لدى أحد، في أي مكان.

إذهب لتجرب ان تفهم كيف يمكن للامور أن تكون انه بعد كل هذا الحزن، الحروب، الكوارث، العمليات، التهديدات، السيناريوهات، الارهاب الاسلامي، الفساد والقنبلة الايرانية، كنا ولا زلنا أحد الشعوب الاكثر تفاؤلا على وجه الكرة الارضية. الاسرائيلي الذي يحب جدا التذمر، الهذر والتنفيس، في النهاية يحب دولته، يفخر بها، يعتقد أنه خير العيش فيها ويصوت بأرجله. ماذا يعرف، هذا الاسرائيلي، نحن لا نعرفه؟ من أين هذا العطش للحياة؟ الاستطلاعات في السماء، والتفاؤل ايضا. اوروبا غير المبالية تأفل وتتفتت، تفقد حيويتها، تشيخ وتتحجر، وفي اسرائيل انفجار للنمو والولادة. الاكثر مفاجأة هنا، هي الولادة. اسرائيل هي دولة ولادة (وليس فقط لدى الاصوليين والعرب) ولا يوجد شيء اكثر تفاؤلا من هذا. الاسرائيليون يتذمرون بوتيرة  ويجلبون مزيدا من الاسرائيليين الى العالم، بذات الوتيرة.

يحتمل أن يكون عن حق. ففي العقود الاولى لوجودنا الرائع ضد كل الاحتمالات، التهديد الوجودي كان ملموسا. كان يمكن لمسه، رؤيته خلف الجدار. تهديد الشطب من الخريطة، بالمفهوم الاكثر تقنية واساسية للكلمة. جيوش معادية هائلة تجمعت حولنا، تهدد بالقضاء علينا. كليشيه، ولكن صحيح. البحر انتظرنا بحماسة. ولكن عندها جاءت حرب الايام الستة، اقيمت امبراطورية وفي اعقابها حرب يوم الغفران، وقد ضربت. بين هذا وذاك تبين للعرب بان بهذه الطريقة لن يتمكنوا منا. عندها تخلوا عنها. بعضهم صنع معنا السلام. مع بعضهم لم ننجح. ما هو مؤكد هو أن اليوم، خطر الابادة التقليدية زال عنا. على الاقل حاليا.

حان دور الارهاب. بهذه الطريقة اعتقدوا، سيتفتت المجتمع الاسرائيلي والناس الغريبون والمدللون اولئك سيتناثرون في كل صوب. الانتفاضة الثانية، التي أدت دورا هاما في العقد السابق، كانت حربنا الاشد. اكثر من الف مواطن ذبحوا فيها على يد حيوانات بشرية تفجرت بيننا. ولم نهرب. بالعكس. تكتلنا بصفوف متراصة وقاتلناهم. ما مر علينا بين 2001 و 2006 كان سيفكك تقريبا كل مجتمع انساني في العالم. اما نحن فلم نتفكك. وحتى في أيام اللظى الاشد، تمسكنا بالحياة وبقينا. وتبين لنصرالله ورفاقه بان خيوط العنكبوت هي شيء قوي جدا ويخيل لي انهم فهموا بان بهذه الطريقة لن يتمكنوا منا ايضا.

وصلنا الى العصر الحالي. الان باتوا يركزون على التهديد الباليستي. حرب الصواريخ. لا جبهة وجبهة داخلية بعد اليوم، لا حرب حقيقية بعد اليوم وجها الى وجه. من الان فصاعدا كل بيت في اسرائيل تحت التهديد، كل مدينة في البلاد تحت القصف المحتمل. وهم يجمعون الصواريخ حولنا ويطورون النووي حيالنا. هذا هو التحدي الاكثر اثارة للاهتمام وابداعا نصطدم به. ولكن يمكن التقدير، بل والتحديد، باننا سنتدبر امرنا معه هو ايضا. فهل احد ما مستعد لان يتبادل المواقع مع ايار 1948؟ مع ايار 1967؟ مع تشرين الاول 1973؟ من كل المواعيد، لا يوجد مثل موعدنا. اسرائيل قوية، جاهزة، متعلقة اساسا بنفسها، تبدي حصانة عسكرية مثيرة للانطباع، قدرة اقتصادية رائعة والاهم، رأس مال بشري مذهل.

هذا لا يعني أنه لا توجد مشاكل. فهي تتراكم من كل صوب. الشرعية الدولية، المشاكل الداخلية، الفساد، تعاظم الجماعات غير الانتاجية والمناهضة للصهيونية، السياسة المشلولة والبيروقراطية المتحجرة، العنف المتصاعد والثقافة المتردية. ولكن كل هذه لاغية ملغية. اذ في النهاية، في يوم الامر، نحن نتجند.