خبر عار المراسلين العسكريين .. هآرتس

الساعة 10:12 ص|12 ابريل 2010

بقلم: يوفال البشن

كان يفترض ان يكونوا سلاح الحراسة، الذي يلف مراسل صحيفة "هآرتس" اوري بلاو ويدافع عن رسالته الصحفية. وكان يفترض ان يكونوا القوة الطلائعية في الجيش التي تدافع عن حرية التعبير، والتي تشتمل على الحرية الصحفية في تملك وثائق مسربة وليكن مصدرها ما كان. ولكونهم كذلك، كان يفترض ان يكونوا أوائل من ينددون بسلوك أجهزة الأمن الطاغي في اسرائيل، الذين يطاردون بكل وسيلة ممكنة – وفي ضمن ذلك وسائل غير قانونية واخرى قانونية لكنها لا تحل – صحفيا نشيطا بسبب عمله الصحفي فقط. وكان يفترض أن تعلمهم تجربتهم أن مهمتهم بكونهم صحفيين ليست فقط التزويد بكمية ما من الكلمات، بل الدفاع عن القيم الاساسية للنهج وفي ضمن ذلك المستوى الصحفي. لكن كبار "المراسلين" و "المحللين" العسكريين في اسرائيل اختاروا عدم القيام بعملهم. وأخطر من ذلك أنهم فضلا عن صمتهم اختاروا الوقوف في جبهة الهجوم على زميلهم في العمل، مع التشكيك بطريقة عمله وأهميتها.

لن يستطيع غريب يتابع سلوكهم في هذه القضية ألا يمتلأ خجلا. فهم خصوصا تولوا مهمة المتحدثين عن الجهاز، وكأنهم ما يزالون في خدمة نظامية. وكرروا بحماسة واحدا بعد الاخر زعم أنه يوجد في المادة التي يملكها بلاو "طاقة ضرر ممكنة... لم تنته الى الان". وهم الذين أشاعوا – بغير قدرة على الفحص او التحقق – زعم ان الحديث عن مئات كثيرة من الوثائق هي "اسرار دولة"، وهم الذين جادوا بزعم يقولوا ان مقدار الوثائق التي في يد بلاو هو الذي ينشىء الفجوة النوعية قياسا بالوثائق التي يملكونها وتسوغ مطاردته. ان متابعة دقيقة لوسائل الاعلام في الايام الاخيرة تبين ان متحدثي الجيش الاسرائيلي، ومستشاري الاعلام لرئيس الحكومة، والوزراء والموظفين الكبار – لم يتكلموا تقريبا وبحق. فـ "المراسلون" العسكريون فعلوا ذلك بدلا منهم وبكامل حناجرهم وكأنما أرادوا ان يبرهنوا على اخلاصهم للجهاز مثل أكبر خدامه.

يخيل الي أن ليست غريزة المنافسة السليمة هي التي جعلت زملاء بلاو يسلكون هذا السلوك. يبدو أن شكل تصوره لعمله كمحقق، تناول جهاز الامن ايضا هو الذي يهددهم. فبخلاف أكثر أولئك الذين يسمون أنفسهم مراسلين ومحللين عسكريين، لم يحسب بلاو قط في نطاق تلاتة رسائل البيفر لمتحدثي الجيش الاسرائيلي. وهو الذي يحصل اكثر رفاقه على بيفر، ويهاتفون قائدا او اثنين من اجل التحقق، هما المصدر لأول رسالة بيفر، ويجرون من فورهم ليتلوا ذلك على مستهلكيهم. والى ذلك يشتمل العمل الرتيب لاعضاء تلك الدائرة العليا على زيارات منسقة سلفا لقواتنا وهي ملتفة بدروع حربية. وهم يتلون بعيون براقة مما يسمونه "الميدان" ما يفرح الجهاز اسماعه: عملية مخطط لها، ونظام سلاح متقدم وصورة تقدم القوات. وهذه صحافة أقرب الى الثرثرة من العمل الصحفي.

كان بلاو – منذ أيامه في "كول هعير" مختلفا. فقد هاجم الجهاز الأمني ولم يصاحب قادته (برغم اغراء الحظوة بتسريبات لا يجرؤ احد على تحقيقها)، وحاول دخول كل مكان مظلم فيه ولم يقبل أي تفسير على أنه مفهوم من تلقاء نفسه. وهكذا توصل الى كشوف كبيرة لكنه أصبح على هذا النحو كذلك عدوا للجهاز. لا الأمني (لان هذا مفهوم ومعقول في نظام التوازنات والكوابح في اللعبة الديمقراطية)، بل الصحفي خاصة. وبهذا المعنى "قضية بلاو هي اشارة تحذير براقة"، كما قال أحد زملائه، لكن لا بسبب فعل الاول لكن بسبب عدم فعل الآخرين اولئك الذين ما زالوا يجرؤون على تسمية أنفسهم صحفيين.