خبر الشيخ العريفي إذ يؤكد حرمة التطبيع ..ياسر الزعاترة

الساعة 05:41 م|11 ابريل 2010

الشيخ العريفي إذ يؤكد حرمة التطبيع ..ياسر الزعاترة

 

لأننا كنا من أوائل الذين انتقدوا موقف الداعية الشيخ محمد العريفي فيما يتعلق بزيارة القدس، فقد بات من حقه علينا الإشادة بموقفه الذي أعلن عنه مساء الجمعة، والذي حسم اللغط الذي ثار بشأن القضية.

 

وفي حين أكد الرجل أنه لم يقل إنه سيذهب إلى القدس لتصوير حلقة من برنامجه التلفزيوني هناك، بل سيصور الحلقة "بطريقة ما"، فإن تراجعه بعد توفر النية ليس أقل أهمية، لاسيما في ضوء المواقف الجديدة التي أعلن عنها، والتي تنسجم تماماً مع مواقف العلماء والفعاليات الإسلامية داخل فلسطين وخارجها.

 

العريفي قال إنه لن "يدخل إلى شبر من فلسطين بإذن من اليهود، ولن يدخلها إلا مع الفاتحين لها"، مضيفاً أن اليهود "دخلوها بالحراب ولن يخرجوا منها إلا بالحراب". وأكد الرجل أن قضية القدس "قضية دين وعقيدة في الله لا يجوز التنازل عنها والتفاوض بشأنها، وأنها أمانة في عنق كل مسلم من العرب والعجم"، مضيفاً أن "كل من يرى بأن تحرير القدس شأن فلسطيني لا يعني سائر المسلمين، "فقد انسلخ من الإيمان".

 

لا نعرف ما هو موقف الذين انبروا للدفاع عن موقف الشيخ الذي تناقلته الوكالات بعد تأكيده على حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني؟ هل سيشعرون أنهم كانوا يدافعون عن أشخاص وليس عن مبادىء؟ ألا يكون الشيخ أكثر عقلاً ومنطقاً بكثير من أمثال هؤلاء الذين يعرفون الحق بالأشخاص، لا الأشخاص بالحق؟.

 

لا بأس بعد موقف الشيخ من إعادة التأكيد على أن اتفاق القوى الحية في الأمة، وفي مقدمتها العلماء على حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني، إنما جاء تبعاً لحقيقة أن مفاسده أكبر بكثير من مصالحه، وأن حالة الفلسطينيين في الداخل استثنائية، لأنهم يتعاملون مع ذلك العدو بهذا القدر أو ذاك بحكم الاضطرار، ولا يشمل ذلك بالطبع من يديرون "البزنس" معه، وينسقون مع أجهزته الأمنية ضد المقاومة.

 

ليس ثمة دليل أكثر أهمية على عدم جواز التطبيع من ترحيب العدو الصهيوني به، ولو كانت فيه مصلحة لقضية فلسطين والقدس والمقدسات لمنعوه، بخاصة لمواطني الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولته، وكل الحجج التي تساق لا تغير في حقيقة أن ميزان المصالح والمفاسد يميل لصالح استمرار الوضع الراهن.

 

من المؤكد أن طوق العداء مع هذا العدو الغاصب ينبغي أن يبقى محكماً، لاسيما أنه يستخف بسائر القرارات الدولية التي منحته ظلماً 78 في المئة من فلسطين، فيما يواصل إجرامه بحق الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم.

 

نذكّر هنا برهان البعض على كسر الحاجز النفسي مع العدو خلال مرحلة أوسلو الأولى، لكن انتفاضة الأقصى المباركة ما لبثت أن هدمت ما بناه المطبعون، معيدة التأكيد على ثوابت الأمة في التعامل مع قضيتها المركزية.

 

لقد أشرنا من قبل إلى بُعد بالغ الأهمية يتعلق بالاختراق الذي يمكن أن يترتب على قضية التطبيع، ولنتخيل واقع الحال عندما يتدفق الملايين، ولنقل مئات الآلاف سنوياً، من أبناء الأمة إلى القدس (ومنها بالطبع إلى المدن الأخرى)، كما يتدفقون إلى مكة والمدينة، كيف ستتاح الفرصة أمام العدو لإحداث الاختراقات وتجنيد العملاء.

 

لا ننسى هنا العائد الاقتصادي الكبير (السياحة مصدر مهم للدخل)، إلى جانب كسر الحاجز النفسي مع العدو، ومن ثم التعامل مع احتلاله كما لو كان أمراً عادياً، وحيث لن تغدو القدس محتلة في وعي الغالبية. ألا يمكن للمسلمين الاستمتاع بزيارتها والصلاة في أقصاها؟.

 

إنه عدو شرس لا يستهدف فلسطين وحسب، بل يستهدف السيطرة على سائر المنطقة، ولا ينبغي تسهيل مهمته بأي حال، ومن أراد دعم فلسطين فليقف في صف المقاومة بما يتيسر له من جهد ومال، فهي وحدها القادرة على تحرير الأرض والمقدسات.

 

بقيت الإشارة إلى ما أفادنا به أحد العلماء الطيبين حول موقف الصحابي الجليل عثمان بن عفان الذي رفض الطواف بالبيت العتيق عندما ذهب يفاوض المشركين يوم الحديبية، رغم عرضهم عليه، وذلك كي لا يطوف دون رسول الله عليه الصلاة والسلام.

 

صحيفة الدستور الأردنية