خبر وهم تقسيم القدس.. اسرائيل اليوم

الساعة 11:02 ص|11 ابريل 2010

وهم تقسيم القدس.. اسرائيل اليوم

بقلم: دوري غولد

(المضمون: ان تقسيم القدس حتى لو وقع في اطار تسوية سلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيكون خطرا على اسرائيل ولن يمنع تكرر الهجمات الفلسطينية على اليهود).

احد المجالات السياسية التي فشلت فيها حكومات اسرائيل في العقد الاخير هو التنبؤ بـ "اليوم الذي يلي". ينبغي افتراض أن الجهات التي اشارت على اريئيل شارون بتبني خطة الانفصال من قطاع غزة لم تتوقع ان تزيد نسبة اطلاق الصواريخ على اسرائيل من قبل حماس ومنظمات أخرى، بعد الانسحاب بـ 500 في المائة من (179 هجوما في سنة 2005 الى 946 هجوما في 2006).

ازاء الخلافات بين الولايات المتحدة واسرائيل حول مستقبل القدس، من المهم ان نبحث مسألة "اليوم الذي يلي" في هذا الموضوع الحساس. لا شك في أن تقسيم القدس سيزيد زيادة كبيرة قابلية الاحياء اليهودية للاصابة. اعتمادا على تجربة الماضي، من شبه المحقق ان المنظمات الارهابية الفلسطينية ستستغل القابلية الزائدة للاصابة لمهاجمة سكان القدس بأي طريقة كما فعلوا من غزة.

ان مبلغ قابلية الاحياء اليهودية للاصابة في القدس كبير. فقرية شعفاط مثلا تقع على مبعدة نحو من 300 متر عن التل الفرنسي ونحو من مائة متر عن بسغات زئيف التي يعيش فيها 42 ألف  اسرائيلي. وكما ذكر الباحث نداف شرغاي، يستطيع سكان قرية العيسوية التي تبعد 74 مترا فقط عن الحرم الجامعي للجامعة العبرية في جبل المشارف، يستطيعون في المستقبل السيطرة على المنطقة الاستراتيجية المطلة على شارع القدس – معاليه ادوميم من جهة الشمال.

يوجد من يزعمون انه اذا نفذت اسرائيل ذات مرة انسحابات داخل القدس فان ذلك سيحدث فقط في اطار اتفاق سلام يمنع عودة سيناريو غزة. لكن اسرائيل كان لها اتفاق مرحلي مع السلطة الفلسطينية قبل الانتفاضة الثانية وهو شيء لم يمنع تحول القدس الى مركز رئيس للاعمال الارهابية. فقد اطلق قناصة فلسطينيون النار على الدوام من قرية بيت جالا التي كانت واقعة تحت الحكم الفلسطيني التام في سنة 2000، على حي جيلو المجاور الذي يعيش فيه 27 ألف اسرائيلي.

في أثناء محاضرة حاضرها آفي ديختر في ايلول 2005 زعم وهو الذي أنهى آنذاك عمله رئيسا للشاباك انه منذ سنة 2000 لم تف السلطة الفلسطينية بأي التزام أمني لاسرائيل. وقد ذكر ديختر بصراحة اسماء صائب عريقات وياسر عبد ربه مثلا لزعماء فلسطينيين ضللوا عناصر الأمن الاسرائيلية والمصرية والامريكية.

لماذا يجب على اسرائيل ان تأخذ في حسابها الامكان الحقيقي لحدوث هجمات أخرى حتى بعد احراز اتفاق رسمي؟ اولا ينبغي ان نفترض ان كل اتفاق مع الفلسطينيين سيثير مقدارا من عدم الرضا وذلك لانه لن يحقق جميع اهدافهم. اذا منحت اسرائيل سيادة على الحائط الغربي في اطار اتفاق فسيزعم زعماء دين مسلمون بارزون ان المنطقة ملك للوقف لان محمدا ربط هناك براقه بحسب الرواية الاسلامية.

وثانيا يصعب ان  نقدر كيف ستنظر حكومة فلسطينية مستقبلة الى المنظمات الارهابية. تبدو قوات دايتون التي تتبع سلام فياض اليوم كأنها تؤدي عملها جيدا لان الجيش الاسرائيلي يزودها بأكبر قسط من الحماية الحقيقية في الضفة الغربية. يوجد لفياض هدف هو انه يريد اعلان دولة فلسطينية. لكن في حال انسحب الجيش الاسرائيلي من المنطقة، هل ستحارب قوات دايتون حماس ام تتعاون معها كما فعل أناس فتح خلال الانتفاضة الثانية في اطار "القوى الوطنية الاسلامية" تحت سلطة مروان البرغوثي؟

يوجد عند كثيرين من مؤيدي تقسيم القدس فرض مخطوء تماما هو ان القدس الغربية كلها يهودية والقدس الشرقية كلها عربية وأن التقسيم بينهما سهل. في سنة 2000 اقترح الرئيس كلينتون ان يصبح كل حي يهودي في القدس اسرائيليا، وأن يصبح كل حي عربي جزءا من الدولة الفلسطينية. بدا ان هذه الصيغة عدل، لكنها تفضي في واقع الامر فقط الى تدهور الوضع الأمني في القدس. لا يمكن أخذ مدينة تبدو مثل رقعة شطرنج عرقية وتقسيم السيادة بين الخانات الحمراء والسوداء.

يجب على اسرائيل ان تبين الواقع المعقد في الميدان وأن ترفض المقترحات الجديدة لتقسيم عاصمتها.