خبر وكلاء الخوف -هآرتس

الساعة 09:58 ص|08 ابريل 2010

وكلاء الخوف -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: حملات التخويف للاسرائيليين من السلام والانسحاب وأشباه ذلك لخدمة مصلحة المؤسسة الاسرائيلية الرسمية - المصدر).

        أين كنتم في العيد اذن؟ كان عشرات الالاف من الاسرائيليين في سيناء، لم يستجيبوا تحذيرات "مقر مكافحة الارهاب"، ومع ذلك كله عادوا الى قواعدهم بسلام. أما اسرائيليون آخرون فانصتوا وسمعوا وتنزهوا في القاهرة، وأكرر: في القاهرة (!). وقد عادوا هم ايضا الى بيوتهم متعبين لكنهم راضون. ولم يستجيبوا هم ايضا التحذيرات. كان محرر الاخبار الخارجية في صحيفة "هآرتس" مثلا هناك في العيد مع زوجته وأبنائه الاربعة الصغار، وعرف نفسه انه اسرائيلي حيثما ذهب ولن تصدقوا انه استقبل بالترحاب.

        تنزه اسرائيليون آخرون في أماكن محظورة أخرى من الهند الى أقصى أوروبا وفي ضمن ذلك تركيا المشتملة على كل شيء، ولم يسقط من رؤوسهم شعرة واحدة ايضا. كل هؤلاء قالوا: حسبنا حملات تخويف فالحديث عن نوع من الاحتجاج المدني والثورة الهادئة على حملات التخويف، وعن نوع من التمرد يجب تشجيعه. وهذا يعد شيئا ما ايضا في مجتمع غارق في الادمغة مضروب بالعمى والطاعة الآلية.

        ليس الحديث فقط عن ثقافة تزجية الاسرائيليين للفراغ؛ الحديث عن خلاصة وجودهم. فجميعنا محاطون بسلسلة وثيقة من وكلاء الخوف ووسطاء الرعب، ومسوقي  الارتياب واصحاب دعاية المخاوف، وجيش من الجنرالات والمحللين السياسيين والأمنيين، مجندين جميعا لهدف واحد هو القاء الرعب على حياتنا. حان وقت التحرر من عبئهم. ليس معنى ذلك انه لا توجد اخطار، وليس معناه انه لا يحتاج الى نظم تحذير وأمن. لكن لا يحل أن تظل وحدها. ان صوت الرعد من القدس هو الصوت الوحيد وهو يعظم ويبالغ فيه على عمد ولا يوجد الى جنبه ذكر لصوت الحياة الطبيعية وسلامة العقل والتفاؤل والأمل. وهذه هي حال عطلتنا القادمة وكذلك يقال عن مسيرتنا السياسية المقبلة.

        ان اشاعة الرعب وسيلة معروفة شائعة في نظم الحكم التي لا  تريد اسرائيل التشبه بها. الخوف هو ملجأ الحاكم وبواسطته ينشئون وحدة مزيفة ويمنعون اجراءات جريئة. والخوف ايضا يغذي كراهية الاجنبي والآخر والعدو الحقيقي والموهوم ويسكن الازمات في الداخل. من تسلح حماس الى الانفاق الى اشاعة العمال الاجانب واللاجئين للجريمة والامراض؛ ومن خطر الذرة الايرانية الى انفلونزا الخنازير، كل ذلك وسيلة تخويف مجربة مبالغ فيها. اذا تخلينا من الجولان ستقع الصواريخ على روش بينا؛ واذا خرجنا من يتسهار ستسقط الصواريخ على رؤوسنا في غوش دان؛ واذا لم نقصف ايران فسنقصف نحن؛ واذا أزلنا الحصار عن غزة ستخرب عسقلان. قد توجد نواة حقيقة في كل تهديدات الرعب ونبوءات الغضب هذه، لكن عندما لا يسمع الى جنبنا اي سيناريو اخر اقل تهديدا يسهل التوصل الى استنتاج ما علاقتنا بكل ذلك.

        لم يوجد هنا منذ وقت سائس يشيع الامل؛ وبنيامين نتنياهو آخر المرشحين لهذه المهمة. لكن ليس نتنياهو وحده بل كل من يملك صلة بالجمهور العريض هو من وكلاء الخوف تقريبا. فأوشفيتس أمام نواظرنا طول الوقت وكل شيء فظيع خطر. يجب التسلح بالقبة الحديدية وبالاقنعة الواقية، وبوحدة عوز وبالتطعيمات للجميع عندما توجد حاجة وعندما لا توجد. لا تسافر ولا تتكلم العبرية ولا تنسحب بيقين. يوجد ما لا يحصى من النظم التي فنها اشاعة الخوف وبازائها لا يوجد اي وكيل آخر يتحدث عن الطبيعية.

        لا يوجد في اسرائيل من يصف ما الذي سيحدث اذا كففنا عن مناكفة العالم كله. يحلل الجميع الاخطار والمخاطرات فقط فلا تسمع أبدا شخصا ما يحلل الآمال. ولا يصف أحد حالة مثالية ممكنة، كالاندماج في المنطقة والقبول في العالم، والسفر في السيارة الى اوروبا والرفاهة الاقتصادية والأمن مع انهاء الاحتلال. ليس هذا في مجال حكم أصوات الشعب. قد يبث هذا الأمل وهو خطر.

        بان الان أول صدع في سور التخويف فقد ازداد عدد المسافرين الى سيناء بنسبة 63 في المائة. وهذا في ظاهر الامر شأن ضئيل الشأن لكن قد يفضي الى نشوء صدوع جريئة أخرى. اذا لم نسمع صوت المخوفين، ورحلنا الى سيناء واستمتعنا أفربما نحاول خطوات أخرى؟ أربما يمكن أن نعايش الذرة الايرانية بغير أن نقصف؟ أربما يكون النزول عن الجولان غير خطر كما يقولون لنا؟ أربما تحسن ازالة الحصار عن غزة وضع اسرائيل؟ أربما يأتي الاعتراف بحماس بنعمة؟ وربما فوق كل شيء يكون السلام أمرا حسنا لا يشتمل فقط على جميع الاخطار الوجودية التي يغرقوننا بها؟

        أهبطنا الى سيناء؟ تعالوا نتخل من مخاوف موهومة أخرى.