خبر « الحاج حنيف ».. ذاكرةٌ معلقةٌ بين يبنا.. وغزة!!

الساعة 10:09 ص|01 ابريل 2010

"الحاج حنيف".. ذاكرةٌ معلقةٌ بين يبنا.. وغزة!!

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

في وجهه بدت معالم هوية فلسطين، حيث التجاعيد التي ترسم طريق العودة، والعينان اللتان كلما ذُكرت كلمة "أرض" بدأت تنتزع قطرات دموعها على وجهه البسّام، ليستذكر رحلة حياة انتهت بهجرة عام 1948 لتبقى ذاكرته معلقةً بين "يبنا.... وغزة"

 

قبل ستون عاماً كانت حكاية الثمانيني زكي حسن زكي حنيف، مع قصة الذاكرة المعلقة حيث لجأ من قرية "يبنا" المحتلة التي كان يمتهن فيها الفلاحة، وقد هجّر من بيته وهو ابن العشرين عاماً، مع عائلته المكونة من ثمانية أشخاص.

 

فعلى أرض "يبنا" كانت عائلة حنيف تمتلك أرضاً تقدر مساحتها بـ "20 دونماً"، يعملون فيها كخلية نحل وقد تزينت الأرض بوشاح أخضر يلهب العقول ، حيث القمح والشعير والذرة والبطيخ.. ولكن الحال لم يدم كما كانت تتمنى عائلة حنيف..!

 

فالاحتلال الإسرائيلي أبى إلا أن يضع بصمته السوداء على قرية "يبنا" حيث كان يقطن وقتها حوالي 1500 شخص، و200 منزل تقريباً، وبدأت أصوات القرى المجاورة تعلو هرباً وخوفاً من بطش المحتل الذي بدأ بمذابحه بحق الفلسطينيين فأرغم مواطنو القرية على الفرار.

 

ويستذكر حنيف في حديثه لمراسل "فلسطين اليوم" القصة الجميلة التي كانت قبل وقوع الهجرة والتشريد، فيضيف بألم وذاكرة ملأها الاحتلال بسمومه:"كنا نتوجه لأرضنا منذ الصباح  الباكر، فنعمل بكل جد وحيوية ونشاط لا معهود على حصاد ما تم زرعه وأتت ثماره ونضجت، وبعد الإنتهاء من ذلك كنا نتوجه في فترة الظهيرة إلى مكان يسمى "الجرن" وهو ساحة يتم فيها وضع القش وبقايا المزروعات الأخرى للإستفادة من بذورها بالزراعة".

 

ويتحدث الحاج أبو حسن عن بركات كانت تهل عليهم كمزارعين، حيث كثرة ووفرة المحاصيل والمزروعات في ذلك الحين.

 

وفي سؤالنا له عن توفر الخضروات لطوال العام، تحدث الحاج عن اعتمادهم على طرق التخزين البدائية ، واختص الحاج أبو حسن نوعاً من الخضروات وهو "البندورة" ليتحدث عن ماهية تخزينه آن ذاك، حيث يتم جمع كم ليس بالقليل من البندورة ومن ثم تشريحها وتعرضها لأشعة الشمس مباشرة ، وبعد ذالك يتم تخزينها بمكان يتوفر فيه الهواء الطلق.

 

وعن طريقة استخدامها في فصل الشتاء تحدث حنيف عن "مرس" لتلك الخضرة وذلك عن طريق فتلها في آلة أيضاً بدائية تؤدي الغرض .

 

وعن عمل الحاج حنيف بأرضه استذكر قائلاً:"أرضي كانت كل حياتي آن ذاك وهي عبارة عن يوم واحد، في كناية له عن العمل الروتيني المستمر غير المختلف كيفاً.

 

وعندما بدأت ملامح الحاج حنيف تتغير، وعيناه تلوح في الأفق، أدركت أن ماهو قادم مؤلم، ولم أكد أفق من تفكيري حتى أوقفني الحاج بكلمته:" لا يوجد شئ يظل على حاله، فالهجرة كانت من نصيبي وعائلتي والإسرائيليون بدأوا في قتل الناس".

 

وأضاف الحاج حنيف، أنه حين هجر قريته كان عمره حينها عشرين سنة، وقد تذكر جيداً أيام النكبة؛ قائلاً:"بدأ الناس يصرخون.. احتل اليهود قرى مجاورة، وأرغموا أهلها على مغادرتها، فقد سمعوا أن اليهود يذبحون كل فلسطيني يعثرون عليه، وبعد عدة أيام سمعنا أن العصابات الصهيونية اقتربت من قريتنا فرحلنا جميعاً دون أن نأخذ متاعنا ولجأنا إلى قطاع غزة في ذلك الوقت".


وتعرض الحاج لمن لهم حق الأولوية باسترداد الأراضي المحتلة وحلم العودة تحدث قائلاً "من غير الفلسطيني أن يفعل ذالك ؟ حلمنا هو الإرث الذي نتركه لأجلٍ آتٍ وفي يوم ما.. سيأتي الجيل الذي يحقق هذا الحلم.. وأرواحنا كل يومٍ ترحل إليها".

 

 ومازال الحاج حنيف يذكر ويتحدث عن كل شبر من أرضه، وهو يؤكد أن الأرض الفلسطينية هي لُب الصراع في المنطقة وأساس وجود الشعب فلسطيني وحقه المشروع الذي لم ولن يتنازل عنه مهما كانت الظروف.

 

الحاج حنيف لم يكن وحده معلقاً بين ذاكرة وطن ضيعه المحتل الإسرائيلي ووطن يقطن عليه بمرارةٍ لا يهنأ فيها أحد، فمن السبع وحمامة والمجدل وبيت دراس والمسمية إلى غزة تبكي العيون وتدمي القلوب وترفع الأيادي للسماء داعيةً الفرج القريب والعودة للوطن.