خبر أوردوغان، برلسكوني، بان كي مون، والقمة ..محمد سلامة

الساعة 11:51 ص|30 مارس 2010

أوردوغان، برلسكوني، بان كي مون، والقمة ..محمد سلامة

كنا نعتقد دوما أن القمم العربية محكوم عليها بالفشل وأن القرارات التي تخرج بها معروفة قبل بدئها, وأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به , كنا نعتقد ذلك أمرا مبالغا فيه نوعا ما , ربما لأننا لم نُشعرهم بالثقة المرجوة , أو لأن الشعوب العربية مجروحة بصمت العار ولم تجد من يثأر لشرفها , أو من باب دفعهم نحو الأمام واستفزازهم بأننا معكم , نسير خلفكم حتى لو اتخذتم البحر طرقا , لكن على ما يبدو أن اعتقادنا هو السائد في هذه القمم التي غالبا ما تخرج بخيبة أمل للشعوب العربية.

 

من تابع قمة سرت الليبية وبالأخص الوجوه التي حضرت وشاركت يجد أن هناك شخصيات دولية حرصت متابعة القمة عن قرب بهدف أو بدون , فمثلا وجود رجل الدولة التركية رجب طيب أردوغان في جلسة الافتتاح أمر نتقبله, كونه دُعي في إطـار فكرة "رابطة الجوار" لإدخال تركيا وإيران في محور الوطن العربي , إضافة إلى القواسم المشتركة التي تجمع الرجل بالعرب , همّ واحد هو الدفاع عن الأمة العربية , وكفّ يد الأعداء عنها , وتوقه الشديد لتغيير الحال الذي وصلت إليه الأمة التي كانت في يوم من الأيام أمة شمـاء .

 

أما إذا حاولنا استساغة حضور رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني للقمة , فإننا نعتقد أن هذا أمر صعب , ذلك لأن الرئيس الإيطالي هو زعيم دولة كانت في يوم من الأيام محتلة للأراضي الليبية , فحضوره يعني أن "الطليان" كما يسميهم الشعب الليبي محتلون لبلادهم فكريا وسياسيا واقتصاديا حتى وإن انسحبوا عسكريا ورفعوا القبعة الأمنية , لكنهم موجودون ومهيمنون عليها كما هو حال معظم الدول العربية التي ما زالت ترزح تحت عبودية وتبعية الاستعمار , وهذا مصداق لما حدثني به أحد الأساتذة الفضلاء , عندما كان يدرس في الأردن , علم أن السفير البريطاني كان يعيش داخل القصر الملكي الأردني , أي في المكان الذي يتربع به الملك ويتخذ القرارات , فهو مُطّلع على كل صغيرة وكبيرة داخل البلد ويتابع الصادر والوارد , بل ويتحكم في تفاصيل الحياة السياسة , وإلا فما فائدة وجوده !؟

 

إن وجود برلسكوني الزعيم "النسونجي" صاحب الصيت السيئ في العالم وفي بلده خاصة , ضيفا في قمة يحضرها زعمـاء العالم العربي لهو أمر معيب في حق تاريخ الأمة , وفي حق قادتها , وكان من الأولى أن يُدعى لها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجـاد الذي وصفه العدو بأنه أهم من كل الزعمـاء العرب الذين يجلسون على كراسيهم , رغم أن بعضهم لا يتقبل حتى اللحظة وجوده بينهم !!

 

على أية حـال كل هذا لا يؤثر بشكل فعال على مقررات القمة بقدر ما جـاء به (بان كي مون) المسؤؤل الأممي الذي من المفترض أن يتمتع بالحيادية والإنصاف لأنه يجمع تحت سقفه كل الأعراق واللهجـات , فأنا حائرُ في تبرير وجوده , إذا عارضنا حضوره فنحن قد منعناه من المشاركة في اجتماعات إحدى مؤسساته, وهذا ليس من أدب الدبلوماسية , لأننا حقيقة نتحدث عن الرئيس الفعلي لجامعة الدول العربية التي أُسست بهدف عزل العرب عن بعدهم الإسلامي , فهي مؤسسة لا تقرر إلا وفق ما يتماشى مع أجندات دول ما خلف البحـار , فوجبت مشاركته , أما إذا سلمنا بحضوره في القمة ؟ فنتساءل : بأي عصا جئت يا بان ؟ ما هو شكل الطوق الذي ألبسته للعرب وألزمتهم بأن يلملموا أوراقهم ويختتموا قمتهم بكل هدوء في ظل تحديات وأزمات تواجه المنطقة العربية ابتداء من فلسطين وتهويد المقدسات فيها , مرورا بالعراق واحتلاله وليس آخرا بتمزق السودان واليمن والصومال , أجعلت نفسك عراّب اللجنة الرباعية وأنت مسؤؤل أرفع هيئة دولية في العالم, لمـاذا تحـاول الإيقـاع بين العرب والفلسطينيين عبر فرض شروط , الشعب الفلسطيني منها براء , أليس من الإنصـاف والأولى أن تُلزم الاحتلال بقرارات الأمم المتحدة التي عفا عليها الزمن دون تطبيق بدلا من أن تُملي شروطا تضرب بها الصهاينة عرض الحائط .

 

لقد بات بان كي مون – مثله مثل بارك أوباما - شخصية فقدت مصداقيتها لدى الشعوب العربية لأنه تبوأ مقعدا سخره في خدمة الصهاينة وانحاز به للتغطية على سوءاتهم .

 

وبنـاء على ذلك وضمن الصورة التي خيمت على وقائع القمة العربية الـ22 , وفي حضرة هاذين الأخيرين, نستدل بشكل قاطع لا يحتاج إلى دليل, أن الزعمــاء العرب محكوم عليهم بالتبعية الدولية مدى الحياة, وليس الشعب الفلسطيني وحده المطالب بالانصياع لتعاليم الغرب وقبولها, كي يبقى الحال على ما هو عليه من عربدة وسيطرة في قمم باتت نتائجها "فاقد الشيء لا يعطيه".