خبر ضربة ظلام- هآرتس

الساعة 09:41 ص|29 مارس 2010

ضربة ظلام- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: الاحتلال يغشي عيوننا نحن اليهود من رؤية الواقع الذي بات العالم يراه بوضوح وسيفرضه علينا بتبني خطة سلام فياض لاقامة دولة فلسطينية في غضون سنة ونصف - المصدر).

من الضربات العشر التي أنزلها الباري عز وجل على مصر، احدى الضربات الصعبة – ضربة الظلام – اجتازت الخطوط. مع الفصح الحالي يسير شعب اسرائيل كالضرير نحو الهوة. كالعميان الذين فقدوا الطريق يصطدم الاسرائيليين بكل ما يقع في طريقهم. وهم لا يميزون بين الصديق والخصم، بين البعيد والقريب؛ الاردن وتركيا؛ البرازيل وبريطانيا، المانيا واستراليا.

وان لم يكن هذا بكاف، فبقصر نظرها اصطدمت دولة اليهود جبهويا مع الحليف، الذي بدونه لا وجود لها. دولة اسرائيل أصبحت ليس فقط موبئة بيئية؛ اسرائيل هي الخطر الاكبر الذي يهدد اسرائيل.

        الاعمى لا يختار ضعف البصر لديه، ويحاول أن يجد طريقه في الحياة. اسرائيل يحكمها أذكياء، يغمضون عيونهم منذ 43 سنة عن رؤية ما يجري أمام عيونهم. وهم يرفعون عبثا اسم "القدس الموحدة" مع معرفتهم أنه لم تعترف أي دولة بضم المدينة الشرقية. وبعثوا عن وعي بـ 300 ألف انسان للاستيطان في أراض ليست لهم. ومنذ أيلول 1967 كتب ثيودور ميرون الذي كان في حينه المستشار القانوني لوزارة الخارجية يقول ان الحظر على الاستيطان المدني في المناطق هو "قطبي" لانه يتعارض والتعليمات الصريحة لميثاق جنيف الرابع.

        في مذكرة مصنفة "سري للغاية"، بعث بها الى رؤساء القيادة السياسية في حكومة اشكول، كتب ميرون، الذي أصبح لاحقا رئيس المحكمة الجنائية الدولية في موضوع يوغسلافيا السابقة وقاضي المحكمة الجنائية الدولية في رواندا: "أخشى أنه توجد في العالم حساسية كبيرة جدا بالنسبة لكل مسألة الاستيطان اليهودي في المناطق المدارة، وحجج قضائية نحاول ايجادها لن ترفع الضغط الدولي الكبير حتى من جانب دول صديقة". صحيح، على مدى سنوات طويلة نجحنا في أن نشق طريقنا في الظلام وندفع عنا الضغط الدولي. فعلنا ذلك بمعونة جيران، عانوا هم أيضا من ذات مرض العيون.

        وأمس أحيت الجامعة العربية مرور ثماني سنوات على مبادرتها السلمية، التي تعرض على اسرائيل التطبيع مقابل انهاء الاحتلال وحل متفق عليه وعادل لمشكلة اللاجئين، وفقا لقرار الامم المتحدة 194. وفي السنة الاخيرة ايضا لم تر اسرائيل ولم تسمع عن هذه المبادرة التاريخية. فقد كانت منشغلة بتحقيق حقها المشكوك فيه في اقامة مستوطنة سائبة في قلب حي الشيخ جراح في شرقي القدس. رئيس الوزراء، الذي امتنعت عيناه عن رؤية الواقع، حاول ان يقنع العالم بأن حكم الشيخ جراح كحكم رمات افيف. بنيامين نتنياهو يرفض ان يرى بأن العالم ملنا. مريح له ان يركز على المؤيدين العميان لديه في مؤتمر اللوبي اليهودي ايباك. المهم أن يقسموا هذه الليلة "في السنة القادمة في القدس المبنية". بما في ذلك البناء في رمات شلومو، وكيف لا؟

        هيلاري كلينتون "الغريبة"، كان ينبغي لها ان تذكر اليهود بما فعلته الديموغرافيا لحبيبتهم اليهودية، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. قبل بضعة ايام عادت من موسكو، حيث شاركت في احد اللقاءات الهامة للرباعية. السياسيون والاعلاميون الاسرائيليون كانوا منشغلين جدا في الاستقبال البارد الذي انتظر نتنياهو في البيت الابيض. ولم يعطوا رأيهم في قرار ممثلي الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، روسيا والامم المتحدة في تحويل خطة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض من مبادرة احادية الجانب الى خطة دولية.

        الرباعية اعلنت، بأنها تؤيد خطة السلطة الفلسطينية في آب 2008، باقامة دولة في غضون 24 شهرا. وذلك كتعبير عن الالتزام الجدي للفلسطينيين بدولة مستقلة، ذات حكم سليم وعادل، دولة تكون جارة مسؤولة لكل دول المنطقة. المعنى، تبقى لاسرائيل أقل من سنة ونصف للتوصل الى تسوية متفق عليها مع الفلسطينيين بالنسبة للحدود الدائمة، القدس واللاجئين. اذا لم يخرج الفلسطينيون عن طريق فياض في آب 2011، فان الاسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، من المتوقع ان تعترف بالضفة الغربية وبشرقي القدس كأراضي دولة سيادية تحتلها دولة اجنبية. فهل عندها ايضا سيشرح نتنياهو بان القدس ليست مستوطنة؟

        منذ 43 سنة والجمهور الاسرائيلي، من تلميذ المدرسة وحتى مشاهد التلفزيون، من عضو الكنيست وحتى قاضي محكمة العدل العليا، يعيشون في ظلام الاحتلال ("التحرير"). جهاز التعليم والجيش، النصوص، اللغة، التراث، كتب التعليم، الخرائط – كلها مجندة لمهمة اغماض العيون اليهودية. لشدة الحظ، الاغيار يرون على نحو سليم العلاقة الشجاعة بين خطر انتشار السيطرة الايرانية في ارجاء الشرق الاوسط، وبين ورم السيطرة الاسرائيلية على الاماكن المقدسة للاسلام.

عندما سنقرأ اسطورة الفصح هذا المساء، يجدر بنا ان ننتبه لأي ضربة تأتي بعد ضربة الظلام. لعل هذا يفتح لنا عيوننا.