خبر من فرعون حتى نتنياهو- هآرتس

الساعة 09:40 ص|29 مارس 2010

من فرعون حتى نتنياهو- هآرتس

بقلم: دافيد لنداو

 (المضمون: خط المواجهة في حرب الوجود الاسرائيلية اليهودية والديمقراطية يمر الان في الاحياء العربية من القدس. هنا، الى جانب حفنة من الاسرائيليين الشجعان، وقف الان الرئيس الامريكي ايضا. هل عند هذا الخط سيتوقف تدهور اسرائيل؟ - المصدر).

 

"في كل جيل وجيل ملزم الانسان بان يرى نفسه وكأنه خرج من مصر". هذه، كما هو معروف، هي الرسالة المركزية للاسطورة، لليل الفصح، لعيد الحرية باسره.

غير أنه ليس المقصود فقط هو أن الانسان ملزم بان يتصور تجربة العبيد العبريين، الذين خرجوا الى الحرية. في جيلنا، جيل النهضة والاحتلال، ملزم الانسان العبري بان يحاول ان يتعلم ايضا من "الرواية" المصرية. كيف حصل ان مجتمعا متحضرا، مجتمعا ذا نوايا سامية وأماني منشودة تجاه الاقلية التي تعيش في اوساطها – "في افضل اماكن البلاد ضع أبيك وأخيك"، كما أعلن فرعون ليوسف؛ "اسس الحرية، العدل والسلام" وعدت دولة اسرائيل في وثيقة الاستقلال – كيف حصل أن مجتمعا كهذا يصبح مميزا، قامعا ويقرع طبول الحرب؟. أما فرعون الجديد الذي "لم يعرف يوسف" بالنسبة للاقلية اليهودية في بلاده. "خشية ان يتكاثر، وقد تقع حرب ويضاف هو الى كارهينا ليقاتل ضدنا". ألا يبدو لكم هذا معروفا.

كيف حصل هذا؟ في ظل السهو، على ما يبدو. منذ الفصح الماضي، في اثناء السنة الاولى لنتنياهو، كادت اسرائيل تتدهور مسافة كبيرة في المنزلق الذي يؤدي الى الماكرثية والعنصرية.

في سهو – إذ غير ذلك كيف يمكن لنا أن نشرح الحقيقة الباعثة على اليأس في الاساءة لنوعامي حزان ، رئيسة الصندوق الجديد لاسرائيل، ولم تخرج جموع الناس الطيبين الى الشوارع في مظاهرات ضخمة؟ تطل من على جسر "معاريف" وعشرات اخرى من المفترقات كاريكاتور بحق امرأة معروفة ومحترمة عملت حتى وقت قصير مضى كنائبة رئيس الكنيست، صرفت المؤسسة التي تقف على رأسها هنا الملايين على النشاطات الاجتماعية والمدنية  - ولا يوجد من يفتح فمه ليهتف: الفاشية لن تمر! لا حاجة لان تحب كل المنظمات التي دعمها الصندوق كي تنفر من الاسلوب ومن الوسائل التي اتخذت في الحملة ضد حزان (اعتراف: حاضرت في الخارج عن الصندوق).

ما يبعث على اليأس في هذه القصة ليس النزعة الحيوانية للوطنيين المزعومين بل انهزامية المتلوين في ألسنتهم. السهو الذي يهبط على مجتمع متنور، يلبد الاحاسيس ويشل الاعضاء. هكذا فقط لعله يمكن أن نشرح بحثا اكاديميا، هادئا وسكينا، عقد مؤخرا في "صوت الجيش" بمشاركة قانونية شهيرة، في موضوع "قانون النكبة". وأبدت القانونية رأيها في أن مشروع القانون الذي يفرض حكما بالسجن لثلاث سنوات على من يحد على النكبة في يوم الاستقلال لن يقر في الكنيست، وحتى لو أقر فانه من المعقول الافتراض بان محكمة العدل العليا سترفضه. القانون الجنائي، كما شرحت، ليس مناسبا لمعالجة "المشكلة". بالمقابل، اضافت، مشروع القانون الذي يحرم من الميزانيات الرسمية سلطة محلية تحيي النكبة يوم الاستقلال فرصه في الاقرار طيبة ومسه بحرية التعبير كفيل بان يعتبر متوازنا (كما أسلفنا مشروع بهذه الروح اقر هذه الايام بالقراءة الاولى). ولا كلمة تحفظ من تلك القانونية ومحادثها، المثقف هو ايضا. ولا حكم قيمي. فقط تحليل اكاديمي جاف، موضوعي مزعوم.

على أي حال، ودون المقارنة لا سمح الله، في أماكن اخرى ايضا تحول فيها النظام رويدا رويدا من ديمقراطي الى غير ديمقراطي كان مثقفون متنورون ولطفاء حللوا بدقة قانونية قوانين مذلة سنت ضد ابناء الاقليات.

وكما يعلمنا التاريخ البعيد والقريب، هناك عنصر آخر، ضروري على ما يبدو، في عملية تحول مجتمع كامل الى مجتمع خائف الا هو الكذبة الكبيرة التي تبث المرة تلو الاخرى الى أن تصبح حقيقة في نظر الخلق. "اذهبوا واعبدوا الهتكم"، دعا فرعون المرة تلو الاخرى بلهجة مخادعة، موسى. "من هم الذين سيذهبون؟".

عندنا في السنة الماضية، كرر نتنياهو حتى التعب الشعار في أنه يفعل في القدس بالاجمال ما فعله اسلافه. لغة الخداع التي ينتهجها، نيتها طمس الحقيقة التي تقول بان اثنين على الاقل من اسلافه ادارا مفاوضات على تقسيم المدينة. نيتها تشويش الفارق بين البناء في الاحياء اليهودية وبين ادخال المستوطنين اليهود بالقوة الى الاحياء العربية، مثل الشيح جراح وسلوان. نيتها، اساسا، ضعضعة كل امكانية لتطبيق خطة كلينتون لايجاد حل وسط في القدس.

في المظاهرات التي انتظمت مؤخرا في الشيخ جراح يوجد بارقة أمل في أنه رغم ذلك لم يصمت الجميع ولم يضل الجميع. جبهة نوعامي حزان تركت لمصيرها. جبهة قانون النكبة هجرت. خط المواجهة في حرب الوجود الاسرائيلية اليهودية والديمقراطية يمر الان في الاحياء العربية من القدس. هنا، الى جانب حفنة من الاسرائيليين الشجعان، وقف الان الرئيس الامريكي ايضا. هل عند هذا الخط سيتوقف تدهور اسرائيل؟