خبر ذرّ الرماد .. حسام كنفاني

الساعة 07:33 م|28 مارس 2010

بقلم: حسام كنفاني

اختتمت القمة العربية اليوم على وقع استحقاق القدس المحتلة، التي يبدو أن الأيام المقبلة ستكون معركتها بامتياز في ظل الرفض “الإسرائيلي” لأي تراجع عن مخططات التهويد والاستيطان . موقف “إسرائيلي” قد يكون الأكثر تعنّتاً منذ بدء المفاوضات في مدريد وأوسلو .

القمّة العربية مطالبة بتحرّك فاعل في ما يخص المدينة المقدسة المحتلة، غير أن ما يتسرّب عن هذا الموقف لا يعدو كونه استعراض لن يكون له كبير الأثر في الواقع المزري الذي تعيشه المدينة . مشروع القرار العربي ينص على تقديم 500 مليون دولار لدعم القدس وصمود الفلسطينيين فيها . خطوة أولى مهمة لكن هي لا تلبي الطموحات المعلّقة على القادة العرب، فالمبلغ بحد ذاته زهيد جداً بالمقارنة مع ما تنفقه المؤسسات الصهيونية على المدينة، والذي يبلغ، بحسب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أكثر من 17 مليار دولار .

المقارنة بين المبلغين مضحكة ومخجلة . وما يزيد الأمر سوءاً أن أي استراتيجية لم تعلن للكشف عن آلية صرف هذا المبلغ الزهيد نسبيّاً . فما أعلن هو دعم “صندوق الأقصى” بهذا المبلغ، من دون مطالبة الصندوق بتقديم تصور لطريقة الصرف وكيفية تسخير ما قدّم لدعم الصمود الفلسطيني في القدس المحتلة.

وما هو أكثر إلحاحاً هو إرفاق الدعم الكلامي بتطبيق فعلي . فالتجارب السابقة لمشاريع الدعم العربية أثبتت أنها تبقى في غالب الأحيان حبراً على ورق . فالأموال التي كان يُعلن عنها في القمم العربية لدعم السلطة الفلسطينية كانت تبقى أرقاماً، فالكثير من الدول لم تكن تلتزم بما تعلن عنه، ليبقى الدعم في إطار تسجيل موقف فقط لا غير .

حتى لو افترضنا أن الصندوق حصل على نصف مليار دولار المرتقبة للقدس المحتلة، تبقى المشكلة في كيفية تحقيق هذا الدعم، وإن خلصت النوايا . الدعم لا بد أن يكون لترسيخ الوجود الفلسطيني في المدينة وتأكيد هويتها العربية . مثل هذه الغاية تتحقّق بتكثيف البناء وتعزيز وضع السكان العرب المهددين يومياً بمشاريع الهدم والترحيل . مثل هذا الأمر غير ممكن تحقيقه فعلياً بسبب احتكار ما يسمى بلدية القدس المحتلة لرخص البناء، وغياب أي وجود رسمي فلسطيني في المدينة بعد إغلاق بيت الشرق .

“الكرم العربي” على القدس المحتلة لا يبدو أنه يسمن أو يغني من جوع . كل ما في الأمر أنه ذر لبعض الرماد في العيون . رماد لن يحجب المخاطر التي تحيق بالمدينة المقدسة والاستهداف الممنهج الذي تتعرض له .