خبر لا اسرائيل ولا حماس معنيتين بأي تصعيد -هآرتس

الساعة 08:57 ص|28 مارس 2010

لا اسرائيل ولا حماس معنيتين بأي تصعيد -هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

 (المضمون: في الوقت الذي يتردد فيه نتنياهو في كيفية الرد على الضغط الامريكي حول البناء في شرقي القدس ومستقبل المستوطنات سيتعين عليه اول مرة ان يتصدى للتصعيد في غزة. لا اسرائيل ولا حماس معنيتين بأي تصعيد - المصدر).

ضابط في الجيش الاسرائيلي وجندي قتلا أول أمس وجنديان آخران أصيبا بجراح، أحدهما بجراح خطيرة وآخر طفيفة، في اشتباك مع خلية فلسطينية على حدود قطاع غزة. في تبادل لاطلاق النار في المنطقة قتل ما لا يقل عن مسلح فلسطيني واحد وأصيب آخرون. وبشكل استثنائي، أخذت حماس مسؤولية الحدث، وان كان يبدو أن المخربين كانوا من رجال الجهاد الاسلامي.

رغم التصعيد على حدود القطاع في الفترة  الاخيرة، قتل ثلاثة مقاتلين ومواطن هناك في غضون اكثر من اسبوع بقليل – اسرائيل من المتوقع ان تكتفي في هذه المرحلة برد محدود. في الطرفين، في اسرائيل وفي حماس، لا تبدو رغبة في حمل الأمور الى مستوى صدام واسع آخر، على نمط حملة "رصاص مصبوب" في كانون الاول 2008.

        القتيلان الاسرائيليان في الحدث هما الرائد اليراز بيرتس، ابن 31 من مستوطنة عاليه في السامرة، والعريف أول ايلان سبياتكوفسكي ابن 21، من ريشون لتسيون. الرائد بيرتس هو نائب رائد كتيبة 12 في لواء غولاني. شقيقه الأكبر، الملازم اوريئيل بيرتس، قتل في جنوب لبنان في 1998.

        قوة تضم نحو 20 جنديا من غولاني، بقيادة الرائد بيرتس، انطلقت لملاحقة خلية وصلت لزرع عبوات ناسفة قرب جدار الفصل في شمالي كيسوفيم. بضع مئات من الامتار داخل الاراضي الفلسطينية، فتح رجال حماس النار على الجنود. ومن التحقيق الاولي يتبين ان رصاصة اصابت قنبلة يدوية في سترة الرائد بيرتس الواقية فأدت الى انفجار أصيب به عدة مقاتلين. باقي رجال القوة أصابوا الخلية، في معركة دارت على مسافة نحو 15 متر. قائد المنطقة الجنوبية يوآف غلانت، قال انه من التحقيق الاولي يتبين ان الجنود عملوا بشكل مهني، كما هو متوقع منهم.

        في أعقاب الحدث، دخلت لمرتين قوات من الجيش الاسرائيلي ضمت بضع دبابات وجرافات الى المنطقة التي وقع فيها الاشتباك الناري. وحسب مصادر فلسطينية، دمر الجنود عدة مبان. ومثلما في حالات سابقة في الاشهر الاخيرة، يبدو ان اسرائيل سترد ايضا بهجمات جوية على أهداف ترتبط بحماس في قطاع غزة.

        الميزة الجديدة لحدث أول أمس ترتبط بتحمل حماس المسؤولية وحسب مسؤولي الجيش الاسرائيلي والمخابرات الاسرائيلية، فانه منذ نهاية "رصاص مصبوب" امتنعت حماس عن القيام بهجمات مباشرة على قوات الجيش الاسرائيلي وعلى الاراضي الاسرائيلية، معظم الحالات، يحاول حكم حماس في القطاع كبح جماح الفصائل الاسلامية الصغيرة، التي تقف خلف اطلاق الصواريخ على اسرائيل. ومع ذلك، ففي الاسابيع الاخيرة يبدو واضحا ارتفاع في عدد اطلاق الصواريخ. محافل الاستخبارات في اسرائيل ترددت في مسألة هل حصل الامر جراء غض النظر المقصود من حماس.

        ناطقون بلسان المنظمة ادعوا مساء اول امس بان رجالهم كانوا في نشاط دفاعي في القطاع ونشب الاشتباك مع قوة من الجيش الاسرائيلي دخلت الى اراضيهم. وهكذا، المحوا بأنه لا يدور الحديث عن تغيير في السياسة من ناحيتهم.

        ثلاثة فصائل أصغر اخرى، بينها الجهاد الاسلامي، تبنت أحداث اطلاق النار. يحتمل ان تكون حماس مشاركة في "النشاط الخارجي"، في الحدث، نار قذائف الهاون نحو قوة من الجيش  الاسرائيلي في اثناء الاشتباك. وزير الدفاع، ايهود باراك، قال في مقابلة مع القناة 2 انه اذا كانت حماس تحاول تغيير "قواعد اللعب" في القطاع فيتعين عليها ان تدفع الثمن لقاء ذلك. في الجيش الاسرائيلي قلقون من امكانية ان تكون حماس تحاول تثبيت وضع جديد على طول الجدار، بموجبه يتاح للفلسطينيين ضرب الدوريات التي تتحرك على طوله دون ان ترد اسرائيل ضدهم.

        هذه، عمليا، مسألة أمنية مشتعلة أولى على جدول أعمال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. السنة الاولى لولاية حكومة نتنياهو الثانية مرت تقريبا دون تحديات أمنية ذات أهمية. المعركتان اللتان ادارتهما حكومة اولمرت، حرب لبنان الثانية وحملة "رصاص مصبوب" في قطاع غزة، خلفت هدوء نسبيا في الساحتين. والان، في الوقت الذي يتردد فيه نتنياهو في كيفية الرد على الضغط الامريكي حول البناء في شرقي القدس ومستقبل المستوطنات سيتعين عليه اول مرة ان يتصدى للتصعيد في غزة.

        غير انه يبدو ان الحرب في غزة هي آخر أمر يحتاجه نتنياهو الان. الأزمة مع الامريكيين والاجواء القاسية ضد اسرائيل في الساحة الدولية ستجعل من الصعب عليه الحصول على ذاك المجال للمناورة العسكرية الذي تمتعت به الحكومة السابقة لايهود اولمرت. ناهيك عن انه في محادثات مع مسؤولين امريكيين كبار وممثلين للامم المتحدة في الاسابيع الاخيرة، عاد ليطرح من جديد الطلب من اسرائيل التخفيف من حدة الحصار على القطاع.

        وقال الوزير باراك للقناة 2  ان "الجيش سيعرف متى يجب الموعد السليم للرد". ويعكس هذا الجواب وجع رأسه ورأس نتنياهو: على أحد ما ان يفعل، ولكن كيف يفعلون ذلك دون التدهور الى حرب أخرى؟ تشخيص معروف في السياسة الاسرائيلية يعتقد بأن حكومات اليسار – الوسط وحدها يمكنها ان تشن حربا مبادرا اليها، لانه تكون لها ريح اسناد من الاجماع العام، اما حكومات اليمين فوحدها يمكنها ان تتجرأ على الوصول الى السلام، لذات التعليل بالضبط. نتنياهو، مثلما تبدو الامور الان، لا يمكنه أن يفعل أيا من هذين الامرين.

        توقيت جيد لحماس

        الحدث أول أمس وقع في توقيت جيد من ناحية حماس، عشية افتتاح القمة العربية في ليبيا والتي تغيب عنها ممثلو المنظمة. ونجحت حماس في ان تملي بذلك جدول الاعمال الاعلامي وبدأت النشرات الاخبارية في القنوات العربية مرة اخرى بالانباء من غزة. كان هذا تذكير بأن المنظمة لا تزال موجودة، حتى وان كانت مثل اسرائيل غير معنية الان بتصعيد شامل.

        الصعوبة الاساسية الان من ناحية حماس هي انه ليس لديها الكثير مما تعرضه لسكان القطاع تحت حكمها. وبالاساس يتحمل عبء القتال ضد الجيش الاسرائيلي المنظمات الاسلامية الاكثر تطرفا فيما ان شروط الحياة في القطاع بقيت صعبة كما كانت.

        حقيقة ان حماس اخذت على عاتقها مسؤولية الحدث لا تدل بالضرورة على أن رجالها هم الذين قتلوا الجنديين. ولكنها تبث استعدادا معلنا على مواصلة الجهاد ضد اسرائيل – وضد التطويق الذي تقوم به الفصائل الاخرى من اليمين، فان هذا ضروري من ناحيتها. مئات من سكان شمالي القطاع ساروا أمس نحو منزل عائلة محمود المبحوح، كبير حماس الذي صفي في دبي، للاحتفال بالانجاز العسكري الكبير – مقتل جنديين اسرائيليين. هذا ما تبقى لحماس لتحتفل به في غزة.