خبر القدس العربي: خلافات حول آلية ايصال المساعدات للقدس

الساعة 05:44 ص|27 مارس 2010

فلسطين اليوم-القدس العربي

حتى مساء الجمعة لم يحدث ما يوحي بأن القمة العربية التي ستعقد اليوم السبت في مدينة سرت الليبية بصدد اي قرارات تصعيدية او خارجة عن المألوف بخصوص البند الاول الذي فرض نفسه تلقائيا على جدول اعمال اللقاء العربي وهو الاخطار التي تواجه مدينة القدس المحتلة والمواقع المقدسة فيها.

ولا يوجد ما يؤشر على ان القرار العربي على مستوى وزراء الخارجية على الاقل حتى الجمعة سيعمل على تحضير توصية مؤثرة فيما يتعلق بملف القدس لنقلها للزعماء في لقائهم المرتقب، حيث تشير المداولات التي رصدت وحصلت حتى الآن، وكما يفيد مسؤول ملف القدس في منظمة المؤتمر الاسلامي، الى ان المجموعة العربية قد لا تتجاوز قرارا باللجوء الى مجلس الامن وتقديم شكوى دولية بحق السلطات الاسرائيلية وما تفعله في القدس .

لكن موضوع القدس وما يجري فيها قبل ذلك شهد تجاذبات سياسية حادة في كواليس اتصالات واجتماعات التحضير بالرغم من اعلان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الاتفاق على تخصيص 500 مليون دولار لدعم القدس، وهو مبلغ لم يحدد خبراء الجامعة بعد الآلية والطريقة التي سيدفع بها بسبب الخلافات الفلسطينية الداخلية، حيث تريد بعض الدول ومن بينها سورية عدم توجيه هذا الدعم المالي الى مؤسسات السلطة الفلسطينية وايجاد وسيلة لنقله مباشرة الى مؤسسات مدنية في القدس الشرقية.

السلطة من جانبها وفي اجتماعات التحضير رفضت اي خيارات لايصال الدعم المباشر وتحدثت عن مؤسساتها باعتبارها الشرعية التي ينبغي ان تنفق اموال دعم القدس من خلالها، اما السعودية فتحدثت عن تجاوز اشكالات نقل المال لاهالي القدس بهدف تمكينهم، كما يقول وزير الخارجية الامير سعود الفيصل، عبر الوسائل التي تقترحها منظمة المؤتمر الاسلامي التي تجهز بدورها لمؤتمر اقليمي - اسلامي عنوانه الاساسي تمكين اهالي القدس الشرقية.

ومن الواضح ان الجانب السعودي لا يوافق على اي خيارات لتقديم دعم مالي مباشر لاهالي مدنية القدس الشرقية تقترحه الشعبة المعنية في الجامعة العربية او منظمة المؤتمر الاسلامي وذلك لاسباب سياسية، كما اوضح احد مسؤولي المنظمة لـ'القدس العربي' وهو يشير الى ان السعودية تفضل تخصيص المال لمشاريع ذات بعد تنموي في القدس الشرقية وعبر منظمات مالية دولية بغطاء اسلامي مثل البنك الاسلامي الدولي.

ويلاحظ بوضوح في اروقة القمة العربية وعلى مستوى التحضيرات ان ملف القدس والمسجد الاقصى يحظى بالاولية والصدارة من حيث الاهتمام فلم تحصل خلافات خلال اجتماعات التنسيق على الدعم المالي ومر القرار بسلاسة، وانحسر الخلاف لاحقا في آلية انفاق مبلغ الدعم وتراجعت السعودية عن مقترحات سابقة بتأسيس صندوق يحمل اسم القدس واعلنت الجامعة العربية عن تسمية مفوض بشؤون القدس ضمن طاقمها القيادي، فيما يتحدث الجميع في الاروقة عن التهديدات الجدية التي تطال مستقبل وواقع وحاضر المقدسات في فلسطين.

'العاهل الاردني استبق مشاركته المتوقعة في قمة سرت بتصريحات علنية قال فيها ان اسرائيل تلعب بالنار وهي تعبث بوضع القدس متعهدا باستمرار رعاية الاردن للمقدسات الاسلامية والمسيحية على ان ممثلي عمان في اجتماعات التحضير تحدثوا عن مساندة جهاز الاوقاف الاسلامي الاردني في مدينة القدس .

واشتكى قيادي بارز في منظمة المؤتمر الاسلامي من تداخلات وحساسيات سياسية للوزراء العرب تمنع المنظمة من الاهتمام اكثر في موضوع القدس، وقال المسؤول الذي فضل تجنب ذكر اسمه لـ'القدس العربي' ان الدول العربية عموما لا تريد دخول المنظمة الاسلامية بدائرة التصعيد السياسي وتفضل التركيز على الضغط على ادارة الرئيس الامريكي بشأن الاستيطان في القدس، وقال: حتى نحن في المؤتمر الاسلامي لا يريدون منا تجاوز موقفهم السياسي المعتاد وعليه لا نستطيع المجازفة باغضاب الدول العربية الكبيرة مثل السعودية بسبب دورها التمويلي لمنظمات المؤتمر الاسلامي .

واشار المسؤول نفسه لدوائر عربية رسمية متعددة تغضب عندما تتبنى المنظمة الاسلامية جهدا خارج 'علبة المواقف العربية' التقليدية فيما يخص القدس، قائلا بان الامين العام للمنظمة يواجه صعوبات في هذا الاطار مع دول متعددة من بينها السعودية واللجنة العربية لشؤون القدس التي يترأسها المغرب، مؤكدا الحيثيات التي تتحدث عن حالة فقر مدقع تواجه اكثر من 60 بالمئة ممن تبقوا من اهالي مدينة القدس الشرقية وخطط عملية للتهويد مع وجود نحو عشرة آلاف طالب مقدسي بلا مدرسة ومئات الخريجين الذين لا يجدون فرصة لاكمال الدراسة الجامعية متحدثا عن حاجات ملحة في المؤسسات الطبية المقدسية حصريا.

واشتكى المسؤول نفسه من رفض الدول العربية الكبيرة لأي دعوات للتصعيد السياسي او المصالحي في موجة الاعتداءات على القدس حتى بعدما رفعت حكومة اسرائيل قبة كنيس الخراب لتعلو قبة المسجد الاقصى وترتفع عنها، وقال: الدول العربية لا تريد الا توجيه دعم مالي محدود وفي اطار تنموي .

وعلى مستوى الجامعة العربية والخبراء عشية قمة سرت اقترحت السعودية خيارات محددة خالية من التصعيد من بينها احياء مشروع اجتماعي سياسي خاص لتمكين اهالي القدس الشرقية من الصمود في ارضهم ورفض بيع املاكهم وعقاراتهم، حيث تقول تقارير الجامعة العربية ان مئات من اهالي القدس يتعرضون لضغوط شنيعة لبيع عقاراتهم القديمة في المدينة، فيما نجح الضغط المتواصل على دول غنية كالامارات مثلا بتخصيص مبلغ لا يزيد عن 900 الف دولار لشراء اجهزة طبية لمستشفى المقاصد في القدس .

وسبق لوزارة الخارجية الاردنية ان تجاهلت افكارا اقترحتها هي على منظمات اقليمية وآسيوية لعقد اجتماع اسلامي عام تحت عنوان انقاذ القدس، فيما يبقى ان جميع الاشارات تعزز القناعة بان العرب حتى في قمة سرت متفقون على تقييم الخطر الذي يتهدد القدس لكنهم ليسوا بصدد قرار انقلابي على الاقل فيما يخص القوالب التي سبق ان استخدمت والذريعة الاكثر رواجا هي منح فرصة لإدارة اوباما والبقاء في دائرة 'الشرعية الدولية'.