خبر أحـن إلى خبـز أمي..!

الساعة 09:31 ص|21 مارس 2010

أحـن إلى خبـز أمي..!

 

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

جلست متكئةً على قبرها تقرأ الفاتحة على روحها الطاهرة التي فاضت إلى ربها، تسرد لها حكايات مابعد الفراق، فهذا أخوها حصل على درجات عليا في نهاية الفصل الأول كما كنت تتمنى، وهذه أختها التي زفت إلى خطيبها بعد أن حرمها الاحتلال وقوف أمها بجانبها، وجارتها أم خالد التي وافتها المنية حرقاً على فراق ابنها الأسير والكثير الكثير.

 

فلا تنفك أمل عن ذكر تفاصيل حياتها لوالدتها، فالحياة لم تأت بجديد ومازال الجرح يكبر ويكبر والألم يعتصر القلوب، فترد عليها من تحت التراب "صبراً يا ابنتي فالفرج قريب، ولا بد لليل أن ينتهي ويأتي من بعده صباح جميل".

 

عثمان، في يوم عيد والدتها تفتقد كل شئ جميل في حياتها، خبز أمها، وطبق الفول على مائدة الفطور، ورائحة البيت الجميلة، وصوتها الذي يشع في المكان، وأحاديثها عن أيام الزمان الجميلة، حتى تلك اللحظات التي فارقتها فيها، أثناء تجمعهم في بيتهم في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، الذي لم يعد له مكان بعد القصف المدفعي خلال الحرب.

 

عثمان لم تكن وحدها تزور والدتها فالمكان كان يضم العشرات من الأطفال وحتى النساء الذي اعتادوا على زيارة قبور أمهاتهم وآبائهم وأبنائهم في هذا اليوم الذي يحتفل فيه العالم بعيد الأم فيقرأون لهم الفاتحة ويستذكرون معهم الأيام التي كانت تجمعهم، ولا يتمنون لهم سوى المغفرة والرحمة من رب العالمين.

 

فهذه أم ياسر سلطان، كانت تحمل إبريقاً من الماء وتسقي فيه قبر ابنها الذي استشهد في بداية انتفاضة الأقصى، وتدعو له بالمغفرة والرحمة، وتتمنى اللحاق به وهي تضع بعض الورود على قبره.

 

قالت لنا:" كان محمد ابني (20 سنة) معتاداً على تقديم الورد لي في عيد الأم، ولكن بعد استشهاده لم يعد يقدم لي سوى الحنين على أيامه، والبكاء على فراقه، ولكني أصبحت أقدم له الورود التي أشعر أنها تصل إلى قلبه، فأنا أشعر به وأسمعه يقول لي كل عام وأنت بخير يا ماما"

 

وعلى الرغم من أن الجميع يقتنع ويعرف تماماً أن الأم لا تستحق يوماً واحداً في السنة، فهي في قلوب الجميع على مدار أيامه، خاصةً أن ديننا الإسلامي أوصانا بالبر بالوالدين وخاصةً الأم، وشدد على ضرورة الاهتمام بها في كل لحظة ويوم.

 

حتى في فلسطين فعيد الأم له طابع خاص ممزوج بالدم وبالأم، بالجرح والرصاصة وقيد السجان، فهذه أم فقدت فلذة كبدها أو حتى جميعهم تحت طائرات الاحتلال أو برصاص جندي حاقد، وأخرى مازالت تنتظر من سنوات خروج نجلها من سجون الاحتلال المظلمة، وأخرى فقدته خلال الأحداث والاشتباكات الداخلية التي جرت في قطاع غزة.

 

كما فقدت أخريات أزواجهن وأصبحن معيلات لأطفالهن تقسو عليهن الأيام، وتكافح من أجل توفير لقمة العيش لأطفالهن، في حصار خانق لا يعرف طفل ولا إمرأة.

 

هي الأم الفلسطينية التي تضحي من أجل وطنها، بفرحها وحزنها ومقاومتها وقوتها، بعزها وكرامتها، وصبرها وعناءها، تستحق كل تقدير واهتمام من الجميع، فلتكن المؤسسات الحكومية والأهلية عوناً لها، ولتعني كل وزارة حسب طبيعة عملها بالأمهات والنساء.