خبر تحقير للديمقراطية..هآرتس

الساعة 11:17 ص|19 مارس 2010

بقلم: أسرة التحرير

الكنيست حقرت أول أمس الديمقراطية الاسرائيلية حين أقرت بالقراءة الاولى، باغلبية 15 ضد 8 مشروع "قانون النكبة". اذا ما اقر القانون بالقراءة الثانية والثالثة، فانه سيسمح بالحرمان من التمويل العام ويفرض غرامات على هيئات تستحق الدعم الحكومي، اذا ما احيت يوم الاستقلال كيوم حداد، او اقامت احداث ذكرى للكارثة الفلسطينية في 1948.

المشروع الذي اقر في ختام الدورة الشتوية كان "مخففا" بالقياس الى مشروع القانون الاصلي، الذي بادر اليه اليكس ميلر من اسرائيل بيتنا. وقد صيغ المشروع بحيث أن الغرامة التي ستفرض على مؤسسات عامة تقيم نشاط "يرفض وجود دولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، يدعم الكفاح المسلح او الارهاب ضد الدولة، يحرض على العنصرية او يمس بشرف علم الدولة ورمزها. وهو ليس موجها لمعاقبة الافراد وتهديدهم بالسجن، مثل مشروع "قانون النكبة" في صيغته الاولى.

ولكن حتى في الصيغة المعدلة، ورغم اللغة المغسولة التي صيغ فيها مشروع القانون المعدل، لا ينبغي الخطأ في نية الحكومة: دحر المواطنين العرب والمس غير المتوازن بحريتهم في التعبير وحقهم في قص روايتهم التاريخية. حزب افيغدور ليبرمان الذي أدار حملة انتخابات فظة ضد المواطنين العرب، سجل لنفسه انجازا في الطريق الى تحقيق شعاره العنصري "بلا ولاء لا مواطنة".

الفكرة التي سمحت بتشويش وعي الماضي للمجتمع العربي من خلال قوانين وتهديدات بالغرامات هي فكرة سخيفة. "فالنكبة" لم تنسى في 62 سنة مرت منذ اقامة الدولة، وبات المفهوم والتعبير دارجا اليوم على لسان الاسرائيليين اكثر منه في الجيل الماضي. مغادرة اللاجئين الفلسطينيين، تدمير مئات القرى العربية واقامة بلدات يهودية مكانها هي جزء من التاريخ الاسرائيلي. لا يمكن اخفاؤه. او الفرض على خمس مواطني الدولة رواية الاغلبية.

التهديد بالحرمان من التمويل الحكومي لمؤسسات تحيي النكبة تذكر بادعاءات وزيرة الثقافة ليمور لفنات تجاه مخرج فيلم "عجمي" اسكندر قبطي الذي قال "انه لا يمثل اسرائيل". ومثل المبادرين "لقانون النكبة" لفنات هي الاخرى تعتقد بان مبدعا تلقى دعما من الدولة لانتاج ابداعه ملزم "بالولاء" وعليه ان يقف كممثل للدولة في المسابقات العالمية. هذه هي روح حكومة نتنياهو – ليبرمان: سندعم فقط من يفكر مثلنا.

ان دمج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي هو مصلحة وطنية اولى في سموها، وتحقيقها يستوجب من الاغلبية اليهودية اظهار التسامح والانفتاح تجاه الاقلية. واضح ان النزاع الوطني يثقل على الدمج، والشرخ اليهودي – العربي لن يختفي قريبا. ولكن مشاريع قوانين مثل "قانون النكبة" فضلا عن مسها بالقيم الديمقراطية الاساس تشجع فقط على المزيد من التطرف والانعزال للمجتمع العربي.

على الكنيست أن تخجل من اقرارها القانون بالقراءة الاولى. كتلتا كديما والعمل جديرتان بالتنديد لعدم وقوفهما ضده. ولكن من غير المتأخر محاولة صد القانون الضار في القراءات التالية قبل أن يصم بالعار سجل القوانين.