خبر عمرو موسى: علينا مقاومة إخضاع الشرق الأوسط « للنزوات الإسرائيلية »

الساعة 04:20 م|18 مارس 2010

فلسطين اليوم-وكالات

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، إن إخضاع الشرق الأوسط للنزعات والنزوات الإسرائيلية أمر لا يصح قبوله وتتعين مقاومته.

وأوضح موسى في احتفال بجامعة الروح القدس ببيروت لمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس جامعة الدول العربية اليوم، أن 'للعرب مصالح يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها حين تتعارض مع مصالح أي كان، فما بالكم بالمصالح الإسرائيلية الأنانية والتي تقوم أساساً على إنكار حق شعب فلسطين في الحياة مثل باقي شعوب الأرض، وتحدي إرادة المسلمين والمسيحيين وحقوقهم في القدس، وعلى الجشع في الاستيلاء على الأرض، والسيطرة العسكرية النووية على الشرق الأوسط كله'.

وأضاف: تمر القضية الفلسطينية حالياً بعنق زجاجة، أما أن تسقط داخلها فتختنق، أو تنطلق خارجها فتقوم دولة فلسطين مستقلة ناهضة يبدأ بها عهد السلام الإقليمي.

وقال موسى: في يقين عدد كبير من المتابعين لهذه التطورات عن قرب، وأنا منهم، فإن السياسة الإسرائيلية التي تتَعدَى كونها سياسة حكومة بعينها لتنتهي بإقالتها أو استقالتها، ولتكون سياسة كل الحكومات الإسرائيلية، بأن لا سلام مع العرب ولا دولة فلسطينية ذات جوهر ومبنى وسيادة ولا برنامج سلام إقليمي، إلا طبقا لما تقرره المصالح الإسرائيلية أولا، وتبعا للأولويات التي تراها.

ولفت الانتباه إلى أن 'السياسة العربية تقوم في الواقع على تحدي هذه الخطط والاستراتيجيات، وأنها يجب أن تستمر في ذلك'.

وقال: الهدف هو السلام العادل وليس غير ذلك. فإن كان لإسرائيل مطالب في الأمن، فللفلسطينيين حق أصيل فيه، وإن كان للإسرائيليين دولة، فللفلسطينيين الحق الكامل في دولتهم المستقلة ذات السيادة.. وإن كانت إسرائيل تدعي أن عاصمتها القدس، فإن للفلسطينيين الحق الأصيل في القدس عاصمة لدولتهم، كما أن للمسلمين والمسحيين حقوقهم غير القابلة للتنازل في المدينة المقدسة.

وتابع: فإذا رفضت إسرائيل حقوقنا، فيتعين علينا أن نرفض دعاواهم.. أما التراجع الذي أصبح البعض يدعو إليه تحت وصف الواقعية فليس إلا وصفة للهزيمة ومدخلا إلى عصر اضطراب كبير وخراب لا يقدر.

وشدد على 'أن قيام السلام العادل في المنطقة وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي أصبح ضرورة ذات أهمية إستراتيجية كبرى، وهو ما يجب التوصل إليه على أسس استرداد على الأراضي العربية المحتلّة، وعدم التنازل عن حق تقرير المصير للفلسطينيين ليقيموا دولتهم ذات السيادة على مُجمل أرَضهم المحتلة في يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأيضا على أساس ما نصت عليه مبادرة السلام العربية في بيروت من التزامات مُتقابلِةَ أساسها احترام القانون الدولي والحقوق التي يحميها'.

وأوضح 'أن الأمن الإقليمي موضوع لا يقل أهمية عن موضوع السلام العادل، بل أنه مرتبط به ارتباطاً عضوياً، مضيفا: من هنا فإن اللحظة التي يجب أن نعد فيها المسرح للنقاش الجدي حول مشروعٍ للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، قد حانت، وأن تكون نواته إخلاء المنطقة من السلاح النووي، بدءاً بالترسانة النووية الإسرائيلية، والعمل على خفض التسلح دون استثناء لأي دولة و ضمان الأمن للجميع'.

وقال موسى: فيما يتعلق بإسرائيل فالطريق واضح، إذ لا يمكن أن يكون لإسرائيل مقعد على مائدة النقاش حول حاضر المنطقة أو حول مستقبلها وأمنها دون أن تقبل أولاً بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وأن يكون قبولها بذلك رسمياً وواضحاً وقانونياً ومعتمداً من الأمم المتحدة، وأن تقوم الدولة فعلا، أو دون أن تنسحب إسرائيل من الجولان العربي السوري ومن ما تَبقَّى من أراضٍ لبنانية محتلة، أو دون أن يجري تفاوض جدي يُنتِج حلا منصفا لموضوع اللاجئين على أساس حقي العودة والتعويض.

وأكد 'أن حل الصراع العربي الإسرائيلي يقوم في عُرفِنا على قبولها بالمبادرة العربية في نصها وروحها المتوازِنة والخلاقة'.

وبشأن العمل العربي المشترك، خاطب موسى الحضور: رغم خيبات الأمل الكبيرة التي أشاطركم إياها، والغضب الذي يعترينا من عجز الأداء العربي الجماعي عن التعامل مع القضايا المصيرية المطروحة بالمستوى الذي نتطلع إليه فإن تجربة العمل الجماعي الدبلوماسي والسياسي والفني داخل جامعة الدول العربية، استطاعت وفي أكثر من منعطف أن تسجل نجاحات لا يُستهان بها، ولن أعود في التاريخ بعيداً لاستشهد على ذلك، فهنا في لبنان كانت الجامعة على الدوام ناشطة فاعلة.

وأضاف: لنتذكر اتفاق الطائف والذي كان ثمرة عمل عربي مشترك وعلى أعلى المستويات، وكذلك كان اتفاق الدوحة مؤخراً، وما سبق من عمل مضن هنا في بيروت، هنا في لبنان لتمهيد الطريق نحو هذا الاتفاق، كما كان العمل الدبلوماسي الراقي للجنة الوزارية العربية في مجلس الأمن إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وكذلك أثناء اجتياح غزة، بحضوره الفعّال والمؤثر في مجريات المفاوضات المضنية داخل أروقة مجلس الأمن وخارجها، وفي تكليف القاضي غولدستون والقاضي دور جاد في التحقيق في جرائم إسرائيل في غزة، وتقريريهما منشوران وموجودان الآن على أكثر من مكتب من مكاتب مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان.

وقال: أذكر بأن الدبلوماسية العربية الجماعية التي قادتها الجامعة العربية استطاعت وبعد 18 عاماً من المحاولات الفاشلة، أن تستصدر قراراً صعباً بشأن القُدرات النووية الإسرائيلية من المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم تكتل المجموعة الغربية وأصدقائها إلى جانب إسرائيل وتصويتها ضد هذا القرار.

وأضاف: قبل ذلك أيضاً استطاعت الجامعة العربية أن تنجح في استصدار الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بعدم شرعية جدار الفصل العنصري الإسرائيلي والمستوطنات، وفي نفس السياق أيضاً كان لها الدور في استصدار قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن تقرير غولدستون رغم ما صاحب ذلك من لغط.

وأوضح أن جامعة الدول العربية، هي بالأصَل جامعة للدول، وليس في ميثاقها ولا أنظمتها ما يمنحها سلطات فوق سلطات الدول الأعضاء، وهي بهذا نظام تعاون تعاهدي، إلا 'أن الجامعة أصبحت، وفي فترة مبكرة من وجودها، المرآة العاكسة لتفاعلات الإرادات العربية، وما تمثله من مصالح مشتركة أحياناً ومتنازع عليها أحياناً أخرى'.

وقال: لا تزال الجامعة تعاني من إشكالية كبيرة في آليات عملها نجمت عن التأرجح بين تنازع الإرادات العربية وبين ما تفرضه التحديات والضرورات في أن تكون هناك إرادة عربية جامعة معبرة عن المصالح الجماعية يجب أن تأخذ أولوية على ما عداها من الاعتبارات.

وتابع موسى: إن العروبة ومسارها ليست بالضرورة موجة عاتية أو عاصفة هوجاء أو نظرية عدوانية كما يحلو للبعض أن يصورها، وكأنها تهدد باكتساح الكيانات الوطنية، وتَحدِّى غيرها، وإنما هي، ويجب أن تكون، سياقاً منتظماً يؤلف بين هذه الكيانات ويضمن تفاعلها الإيجابي، وينهض بتناغم فِكرها، وتشابك مصالحها وبناء العلاقات الطيبة مع جيرانها، وتتحرك سريعاً لضبط الأمور إذا تفجرت أزمة أو فَلتَت سياسة، هكذا يجب أن تكون وعلينا أن نجعلها كذلك.

واستعرض الانجازات الكبيرة التي حققت على صعيد العمل العربي المشترك في المجال الاقتصادي والاجتماعي والقانوني، موضحا أن العمل جار لعقد قمة عربية تهتم بالشأن الثقافي، على أمل أن تشكل قراراتها مرجعية للعمل العربي المشترك في المجال الثقافي.