خبر حماس حبيسة في قمقم.. يديعوت

الساعة 11:49 ص|18 مارس 2010

بقلم: غي بخور

الفشل المدوي لحماس في اشعال المنطقة في الضفة الغربية وفي داخل اسرائيل يدل فقط على وضعها البشع: محبوسة داخل قمقم، عديمة خيارات عمل حقيقية، محوطة بالاعداء، مخنوقة ومهزومة. سلطة ابو مازن تعرف جيدا بان اضطرابات جديدة يمكنها أن تصفيها وان تتوج حماس كمنتصر عسكري في الضفة الغربية ايضا وعليه فليس لها أي مصلحة في السماح بذلك.

غير أن فشل حماس مدوٍ من كل صوب، ليس فقط في موضوع العنف الذي لا تنجح في تعظيمه. فالمصريون لا يذعرون من صرخاتها ضد السور الفولاذي الذي يبنونه على حدودهم مع غزة بحيث ان ظاهرة الانفاق تقترب من نهايتها. حماس فقدت بشكل عام مصر التي اصبحت عدوها. ونسي الفلسطينيون ما هو العالم العربي منذ أن قطعناهم عنه منذ حرب الايام الستة. وقد اعتادوا على محكمة العدل العليا عندنا ومنظمات "حقوق الانسان"، نزعة التنازل، البراءة والتردد الاسرائيلية والان يتعلمون بالطريقة القاسية كيف يعمل العالم العربي، مثلما تعلم اباؤهم: اليد الحديدية المصرية، التعذيب هناك وحقيقة انه لا يوجد ابدا لمن يمكن رفع الشكوى.

اسرائيل أوقفت نزعة التنازل المستمرة والمحرجة في موضوع السجناء الفلسطينيين، وعمليا اوقفت المفاوضات مع حماس. وكانت حماس رأت في هذه المفاوضات انجازا استراتيجيا سعت الى مواصلته لسنوات بمعنى انها لم تعتزم على الاطلاق تحرير شليت بل مواصلة المباحثات الى الابد. وهذا الامر عظم قدراتها.

بوقف المفاوضات تلقت حماس صفعة: وهي تفهم الان بان خيالها في الافراج الجماعي عن السجناء وتعظيم قوتها بذلك، لن يتحقق. ومع وقف المفاوضات تعود حماس الى حجومها الطبيعية في القطاع وتتحرر من قدراتها الاقليمية. وهي تعود لان تكون منظمة ارهاب حبست نفسها والجمهور الفلسطيني البائس عندها في قمقم قطاع واحد صغير.

بقلق تتابع الانباء التي تقول ان جهاز الامن الاسرائيلي وجد حلا لصواريخها التي رأت فيها سلاحا استراتيجيا يمكنه ان يزعج اسرائيل دوما. "قبة حديدية"، التي ستبدأ بالعمل قريبا وتطويرات اسرائيلية اخرى ستأتي في المستقبل القريب في موضوع الصواريخ من شأنها ان تعيد من ناحيتها الوضع الى سابق عهده. أي ان اسرائيل يمكنها أن تضربها، ولكنها ستجد صعوبة في الاضرار بها. اذا ما نجحت هذه الحلول، فان حماس ستعظم فقط اسطورة القوة الاسرائيلية. صواريخها ستعمل في خدمة الاسطورة الاسرائيلية.

حماس كانت ترغب في أن تفتح جبهة عسكرية جديدة مع اسرائيل لسرقة كل الاوراق، العاملة الان ضدها. وهي ترغب في أن تشرع باطلاق الصواريخ الان بالذات، ولكنها لا تستطيع. فالضربة التي تلقتها قبل نحو سنة في "رصاص مصبوب" لا تزال أليمة لها. فقد خلقت هذه  ردعا ناجعا جدا لدرجة انها ببساطة تخاف. تخاف من أن تصفيها اسرائيل، تصفي انجازاتها السلطوية في غزة ومستقبلها. فكلما بنت حماس مؤسسات حكم اكثر في القطاع، تكون هي اكثر عرضة للضربة الاسرائيلية. لديها الان ما تخسره وهي  لا تريد أن تخسر انجازاتها الهزيلة.

في الاسابيع الاخيرة فقط حسم الامر لدى حماس في أن اسرائيل لن تفتح معابرها الى غزة. صحيح أنها تدفع بالمواد والطعام الى غزة كل يوم مثلما تدفع بشواكلها ايضا (وهذه الظاهرة يجب انهاؤها قريبا)، ولكن الكميات ليست كبيرة، وهذه حركة من اتجاه واحد – من اسرائيل الى القطاع. فتح ثنائي الاتجاه لن يقع. العالم يقبل بموقف اسرائيل و "المعابر" تعود لتكون "حدودا".

مع هذا الفهم استوعبت حماس ايضا كم هي متعلقة منذ الان بمصر. وهي تعود منذ الان الى العالم العربي؛ فقد خرجت من المعسكر الاسرائيلي. في مثل هذا الوضع ما الذي تبقى لها لتفعله؟ ان تواصل خيالها وان تصرخ بان تختفي اسرائيل.