خبر مصر تغلي : مبارك بخير... وغيابه سيطول

الساعة 04:01 ص|17 مارس 2010

مصر تغلي: مبارك بخير... وغيابه سيطول

كتبت أميرة هويدي

ليست المرة الاولى التي يسمع فيها المصريون شائعات حول تدهور صحة او وفاة رئيسهم حسني مبارك الذي يحكمهم منذ العام 1981.

فمنذ الإعلان عن خضوعه لجراحة استئصال المرارة في مستشفى هايدلبرغ الألماني يوم 6 آذار الحالي، بدأت تثار الأسئلة في مصر: هل ذهب الرئيس الى المانيا للكشف عن ورم؟ ام انه أثناء استئصال المرارة، فوجئ الأطباء بشيء، او أشياء ما؟ ام هل حدثت مضاعفات ما بعد الجراحة نظرا لتقدم سن مبارك (81 عاما)؟ وذلك ضمن عشرات الأسئلة التي سيطرت على أحاديث المصريين في الأيام الماضية، حيث بدأت هامسة وهادئة ثم خرجت، بمرور الأيام، الى العلن.

لكن، وأخيرا، ظهرت صور تلفزيونية لمبارك وهو جالس مع أطبائه الألمان حول طاولة، مرتدياً عباءة منزلية سوداء، وبدا وجهه، رغم شعره الاسود الفاحم، شاحبا، وهو يتحدث –من دون بث صوتي - مع جالسيه. وعلمت «السفير» من مصدر مطلع، ان الموقف الرسمي الآن حول صحة مبارك هو «انه بخير... ولكن غيابه سيطول»، وهي أول إشارة رسمية لما يجب ان يتوقعه المصريون من غياب يبدو انه سيكون الأطول منذ توليه السلطة قبل 29 عاما.

وقال الطبيب ماركوس بوشلر انه لن تكون هناك حاجة للفحوص المعملية اليومية التي تجرى للرئيس المصري. واوضح «تقابلت مع الرئيس مبارك في وقت مبكر هذا الصباح كجزء من الفحص الطبي الاعتيادي اليومي الذي نجريه. إنه في حالة حبور ومعنوياته عالية جدا كالمعتاد». وأضاف «عزيمته وإرادته القوية اللتان شهدناهما جميعا الأسبوع الماضي، كانتا واضحتين هذا الصباح، في وقت يتوق فيه إلى العودة إلى أنشطته الطبيعية»، بينما قالت متحدثة باسم المستشفى ان الرئيس المصري «يتناول طعاما خفيفا».

وقبل ظهور مبارك على شاشة التلفزيون، قال الأمين العام للحزب «الوطني الديموقراطي» الحاكم صفوت الشريف «أنا يوميا على اتصال بألمانيا والرئيس بأحسن صحة وأحسن حالة وكل يوم حالته تتحسن أسرع مما يتوقعه الفريق الطبي وسيطل قريبا على المواطنين إعلاميا». وانتقد مواقع إلكترونية قال إنها «تصور الأمور أحيانا على غير حقيقتها» مشيرا إلى تقارير على الإنترنت زعمت أن صحة مبارك في تراجع. كما قال أمين الإعلام في الحزب الحاكم علي الدين هلال، ان مبارك «سيوجه كلمة مباشرة إلى الشعب المصري في لقاء مع التلفزيون المصري نهاية الأسبوع الحالي».

ورغم الحذر الإعلامي الواضح تجاه الموضوع الحساس سياسياً، وابتعاد كل من الصحف الرسمية والمستقلة عن نقل ما يدور همسا بين المصريين حول «تدهور» صحة مبارك، او «وفاته» حسبما تكرر على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بقوة منذ يوم الجمعة الماضي، فقد فرضت تلك الأجواء نفسها على صفحات جريدة «روز اليوسف» القريبة من الحزب الحاكم، و التي اتهمت في عددها امس اسرائيل بالوقوف وراء «شائعات»، وصفتها الصحيفة بـ»عبث ما»، في إشارة الى شائعة وفاته.

الا ان الواقع، اخذ في فرض نفسه، رغم ذلك. فانخفض مؤشر البورصة بنسبة 3,84 في المئة الاثنين، تأثرا بتلك الأجواء، وهو اكبر تراجع منذ ثلاثة اشهر، ليرتفع ظهر الثلاثاء بنسبة 1,52 في المئة.

وتزامنت الأقاويل الصحية عن مبارك مع انتشار شائعات قوية امس حول إنجاب نجله جمال، لطفل من زوجته، التي نشرت لها صور تبدو فيها اثار الحمل المتقدم عليها منذ ايام. وهو الخبر الذي لم يؤكد او يُنفى، لكنه اعتبر ذا دلالة سياسية. فجمال يعد «الوريث» المنتظر و»خليفة» والده في راي كثيرين. و مع غياب الرئيس، اطل شبح التوريث مرة ضمن الرؤى التي يتداولها المصريون منذ ايام. الجميع يسأل: هل حانت لحظة «التغيير»؟ و»كيف»؟ و»من»؟.

الشارع المصري مشغول بكل فئاته بالتطورات. يقول سائق سيارة، ان الرئيس «غائب من سنوات بالفعل»، بينما يذكر نادل في مقهى في الزمالك ان «جمال هو الآتي. كلنا نعلم ذلك، أليس كذلك؟».

من جهته، يقول استاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة عين شمس، حسام عيسى، «انا قلق، لكنني قلق منذ 30 عاما». فمع «شخصنة مصر»، أصبح لا وجود لدولة مؤسسات «و كل ما يعنيه غياب الرئيس الآن، وبهذا الشكل اننا، حقيقة، لا نعلم ما الذي سيحدث على الإطلاق». واضاف لـ»السفير» انه «قد يؤتى بجمال الذي لا يقبله الشعب وتحدث فوضى، قد يتدخل الجيش، قد يدخل الإخوان المسلمون على الخط، وان كان مستبعدا، ولكن ليس مستحيلاً».

وقد كلف مبارك رئيس الوزراء احمد نظيف بتولي اعمال رئيس الجمهورية في غيابه. الا ان عيسى، و غيره، على يقين بان مصر لا تدار هكذا. ويقول «السلطة انتقلت جزئيا لابنه (جمال)، والذي يدير البلد الآن ليس رئيس الوزراء بطبيعة الحال»، علما ان النائب طلعت السادات اتهم الأحد الماضي النائب النافذ في الحزب الحاكم، الملياردير احمد عز والمقرب من جمال، بـ»إدارة مصر».

على كل حال، ليست هذه المرة الاولى التي يغيب فيها مبارك عن البلاد بسبب ازمة صحية. ففي العام 2003 سقط أثناء إلقائه كلمة في البرلمان. وفي العام 2004، سافر الى المانيا حيث خضع لجراحة في ظهره. وفي صيف العام 2007، انتشرت شائعة وفاة الرئيس بقوة بسبب غياب غير معلن، تم على أثره إحالة أربعة رؤساء تحرير نقلوا تلك الشائعات، الى القضاء.

لكن هذه المرة تتزامن الشائعات مع مناخ سياسي شديد التقلب. فقد توفي شيخ الأزهر الاربعاء الماضي - وهو من عمر مبارك - من دون ان يعلن الحداد الرسمي عليه، الامر الذي استوقف الكثيرين. كذلك تجتاح الجامعات المصرية تظاهرات طلابية احتجاجا على أحداث الأقصى. إضافة الى حالة من الحراك السياسي تمهيدا للانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني المقبل، والرئاسية في 2011، والتي ظهر على اثرها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي كمرشح محتمل لمنافسة مبارك.

وعلى الصعيد الأمني، استمرت حملات الاعتقال في صفوف جماعة الاخوان المسلمين، اكبر كيان سياسي معارض في مصر، والذي لم يعلن بعد موقفه من المشاركة في الانتخــابات النيـابية، او موقفــه من المرشح الرئاسي القادم. يقول عيسى «البلد تغلي. وهــو ما يجعلنا اكثر إصرارا على التغيير».

 - السفير