خبر سياسة سير إيران على حبل دقيق تؤتي أكلا-نظرة عليا

الساعة 09:33 ص|11 مارس 2010

بقلم: افرايم اسكولائي

 (المضمون: اذا لم يبادر العالم الى وقف ايران من الفور عن تخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المائة فان المسافة الى احراز القدرة الذرية قصيرة  - المصدر).

في يوم الثلاثاء، الثامن من شباط 2010 اعلن رئيس الوكالة الايرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، بأن ايران بدأت تخصيب اليورانيوم من مستوى 3.5 في المائة الى مستوى 20 في المائة لليورانيوم – 235. تزعم ايران انها محتاجة الى اليورانيوم بدرجة التخصيب هذه لمفاعل البحث الذري في طهران (TNRR). صدر هذا الاعلان. بعد أن لم تنفذ الصفقة التي كانت ايران ستحصل بحسبها على وقود من أجل مفاعلها عوض نقل كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 في المائة الى خارج الدولة. برغم ان لغة الاعلان تتحدث عن درجة تخصيب محدودة، كان لهذا الاعلان أثار جدية.

        الظاهرة التي تبدو في أوضح صورة هي الاظهار المتكرر لعدم الخضوع المطلق من قبل ايران للموقف الدولي فيما يتصل ببرنامج تطويرها الذري. برغم عدة قرارات عن مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعض القرارات عن مجلس الامن وفي ضمنها ثلاثة قرارات في شأن عقوبات، تواصل ايران بلا كلل مشروع تطويرها للسلاح الذري. وهي تواصل خاصة نشاط تخصيب اليورانيوم الى مستوى 3.5 في المائة حتى الان، والان الى مستوى تخصيب 20 في المائة.

        في حين من الصحيح أن مفاعل البحث في طهران يستعمل اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة، يجب ان يجري على اليورانيوم المخصب اجراء محدد لانتاج اسطوانات وقود للمفاعل، وليس واضحا هل تملك ايران العلم والتقنية الضروريين لاجل ذلك. يبدو ان فرنسا والارجنتين فقط تملكان العلم المطلوب لانتاج الوقود المحدد، وليس من المحقق البتة ان توافق الدولتان على انتاج هذا الوقود. والى ذلك، انتاج الوقود الذري على يد منتج جديد يقتضي منشآت فحص كثيرة والفحص عن الوقود، لان الوقود الجديد يجب ان يكون في البدء معرضا للاشعاع من غير ان يسبب ضررا بالمفاعل الذي يفحص فيه عنه. تجاهل هذا الاجراء خطر على المفاعل وربما على البيئة.

        في اطار الصفقة الاصلية التي اقترحت، كان سيستبدل باليورانيوم المخصب في ايران بدرجة 3.5 في المائة، وقود مخصب بدرجة 20 في المائة. وفي حين كانت نتائج الصفقة بالنسبة للغرب مشكوكا فيها، كانت ايران تخرج رابحة لان هذه كما يبدو السبيل الوحيدة التي تحصل بها على وقود من أجل مفاعل بحثها في طهران. كان الاحتياطي من اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 في المائة يتضاءل لكن من شبه المحقق انه كان سيعود الى مستواه السابق في غضون زمن قصير. ان أسباب رفض ايران للصفقة غير واضحة. قد تكون مبادىء الفخر الوطني هي الاسباب التي رجحت الكفة. ومن جهة اخرى ربما يكون رفض الصفقة قد زود ايران بذريعة للمواصلة بحسب البرنامج، اي استغلال برنامج التخصيب المتقدم للضغط على الغرب ليزودها بالوقود لمفاعل البحث في طهران من غير ان تضطر الى القيام بتنازلات تتعلق ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم.

        على أية حال، أعطى فشل الصفقة ايران الذريعة التي كانت محتاجة اليها لتخصيبها اليورانيوم الى درجة 20 في المائة، ويكمن في هذا اكبر خطر على العالم. تعالوا نفترض من اجل الاثبات انه يحتاج الى نحو من 3 آلاف وحدة عمل لانتاج 25 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب لدرجة 90 في المائة وهي الكمية والنقاء المطلوبان لقنبلة ذرية. يحتاج من بينها الى نحو من 2350 وحدة لتخصيب اليورانيوم لدرجة 3.5 في المائة. ويحتاج الى 500 وحدة للاستمرار على تخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المائة، ويحتاج الى 150 وحدة عمل فقط لتخصيب اليورانيوم من درجة 20 في المائة الى درجة 90 في المائة. اذا كانت منشأة التخصيب جاهزة، فان هذه الخطوة الاخيرة يمكن تنفيذها في غضون اسابيع معدودة. وهذا ما قد يحدث اذا حشدت ايران احتياطيا من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة.

        نشأ في المدة الاخيرة جدل يتعلق بسؤال هل اتخذت ايران قرار تركيب "قنبلة" ذرية (رأس متفجر مركب على صاروخ او قنبلة جوية او شبه ذلك). حتى لو لم يكن الامر صحيحا، فان ايران بقيت مع كل ذلك "دولة سقف"، قد تتخذ مثل هذا القرار وتبدأ بعد ذلك فجأة انتاج سلاح ذري كلما تتاح الفرصة او تنشأ الحاجة. اذا حشدت ايران احتياطيا من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة فان النقاش سيصبح بلا حاجة اليه لان المدة بين الخطوة الاولى الى استكمال الهدف قصيرة جدا. في هذه المدة، ومن اجل الكشف عن الخطوة نحو تركيب سلاح ذري، يجب على العالم الخارجي في البدء ان يجمع المعلومات الاستخبارية المطلوبة المتعلقة بهذا العمل. وفي المرحلة التي تليها ينبغي توكيد الحقائق لان قرارا مخطوءا يقوم على حقائق مخطوءة قد يكون خطرا. ومنذ تجمع الحقائق وتؤكد ينبغي اتخاذ قرارات تتعلق بسبل الرد، في البدء على أيدي دول مفردة، وفي المرحلة التي تليها في المستوى الدولي. اذا نظرنا في تاريخ المسيرة المتعثرة الطويلة وراء اتخاذ القرارات في المستوى الدولي فيما يتعلق بمواجهة القضية الايرانية، فانه لا يمكن الا ان نخلص الى استنتاج انه اذا كان عند ايران احتياطي من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة فانها ما عادت يمكن ان تعد دولة سقف بل قوة ذرية من جميع الوجوه. ان فهم هذا الموقف حيوي اذا كان العالم معنيا ببدء استعدادات مطلوبة لمواجهة هذا الوضع.

        يمكن تفسير التصريحات الاخيرة المتعلقة بتعزيز النظام الدفاعي في مواجهة الصواريخ في منطقة الخليج من قبل الولايات المتحدة على انها علامة على انها تستعد لتطور كهذا. وأخطر من ذلك ان الامر قد يفسر على انه علامة على ان الولايات المتحدة فقدت الامل تقريبا في انه يمكن اقناع ايران بوسائل دبلوماسية او بعقوبات شديدة، بتعليق المشروع فضلا عن الكف البتة عن اعمال تخصيب اليورانيوم.

        تدل حكمة "ما بعد الفعل" على ان اقتراح الولاياات المتحدة في تشرين الاول 2009 المتعلق بصفقة الوقود الذري عجل ببرنامج ايران لاحراز قدرة ذرية. لو انحصرت المحادثات في قضايا اوسع تشتمل على تخصيب اليورانيوم، ولو عولجت قضية تزويد مفاعل البحث في طهران بالوقود بحسب الحاجة، على انها قضية مستقلة لصعب على ايران اكثر ان تستعمل ذريعتها – لتخصيب اليورانيوم لدرجة 20 في المائة. اذا لم يرد العالم سريعا وبنجوع الان فان غير الممتنع سيتحقق سريعا منذ ان بدأت عملية التخصيب الى مستوى 20 في المائة.