خبر ماذا سيحدث اذا هزمنا -هآرتس

الساعة 11:01 ص|02 مارس 2010

بقلم: الكسندر يعقوبسون

        (المضمون: رد على مقالة كتبت في صحيفة "هآرتس " في 21/2 للكاتب ديمتري شومسكي تناولت عواقب ما قد يحدث للاسرائيليين لو هزمت اسرائيل في حرب مع تحالف ايراني عربي - المصدر).

        توجد اسئلة يحسن ألا نسألها بصوت عال، لكن في اللحظة التي تسأل فيها تجب مواجهتها بلا تهرب. يسأل ديمتري شومسكي ("الكارثة والمقارنة"، هآرتس 21/2) ما الذي ينتظر الجمهور اليهودي في البلاد في حالة هزمت اسرائيل واحتلها تحالف ايراني – عربي. ان ما ينتظرها بحسب وصفه يشبه الاحتلال الاسرائيلي في المناطق: ادارة عسكرية وحواجز، وقوانين طوارىء، وقمع شديد لمقاومة الواقعين تحت الاحتلال. بناء على هذا السيناريو يدعو الكاتب الاسرائيليين الى العطف على المعاناة الفلسطينية تحت الاحتلال والى ادراك مبلغ شدة نظر الفلسطينيين الى سلبهم استقلالهم القومي.

        من أجل تفهم رغبة الفلسطينيين الطبيعية في الاستقلال وغضبهم على الاحتلال، لا يخيل الي ان هناك حاجة الى تمارين ذهنية جريئة. ان جميع استطلاعات الرأي تبين ان كثرة كبيرة من الجمهور اليهودي الاسرائيلي توافق على دولة فلسطينية في اطار تسوية سلمية.  ففي أحد الاستطلاعات قال أكثر من 60 في المائة انهم يرون طلب الفلسطينيين الاستقلال عدلا؛ لكنه وجدت الكثرة نفسها ممن أجابوا بالنفي سؤال أيعتقدون ان الفلسطينيين سيدعون اسرائيل تعيش بسلام بعد ان يحصلوا على دولة.

        ان هؤلاء الذين يعظون الجمهور الاسرائيلي العريض بالاخلاق (بخلاف اليمين العقائدي) في موضوع الاحتلال والاستقلال الفلسطيني، يصرون على نحو عام على اقناع هذا الجمهور بشيء وافق عليه منذ زمن – وهو ان فلسطينيين يستحقون دولة – ويتجاهلون البتة ما يشغله ويقلقه حقا وهو سؤال هل سيحظى الاسرائيليون بعد الانسحاب بقدر  معقول من السلام. اشك في أن يكون "اقناع" كهذا يسهم بشيء ما في احتمالات التسوية وانهاء الاحتلال.

        وفيما يتعلق بسؤال ما الذي ينتظرنا في حالة الهزيمة – اذا كانت هنالك سبيل مضمونة للتحقق من أن الجمهور الاسرائيلي لن يعطف على المعاناة الفلسطينية، فانه ما يلي بالضبط: جعله يشغل نفسه بسؤال ما الذي ينتظره اذا هزم. ان كل من يعيش هنا يعلم ما الذي ينتظر الاسرائيليين في حالة الهزيمة فليس هو الاحتلال ولا الحواجز ولا قوانين الطوارىء ولا المستوطنات بل الذبح الجمعي.

        لا نستطيع ان نعلم هل هذا التقدير صحيح – وينبغي ان نؤمل ألا نعلم أبدا. لكن لا يمكن أن نتوقع من اليهود الاسرائيليين – او من شعب آخر ما، في وضع مشابه – تقديرا آخر. من الحقائق ان الحروب الداخلية الكثيرة في العالم العربي في العقود الاخيرة كان يصحبها قتل مدنيين (عرب ومسلمين) على قدر كبير جدا. واذا كان هذا حكم العرب  والمسلمين، يسأل الاسرائيلي من الاوساط نفسه على نحو لا يمكن منعه، فما هو حكم "النبتة الاجنبية" الصهيونية؟ ان الجمهور اليهودي الاسرائيلي يعلم جيدا ان جيرانه لا يرونه واحدا من الجهات الشرعية في المنطقة بل غازيا مستعمرا. حتى ان صدام حسين لم يعتقد هذا الاعتقاد في الاكراد في العراق حينما عاملهم كما عاملهم. في هذه الظروف لا يمكن ببساطة أن يوجد للجمهور اليهودي تقدير آخر لما ينتظره في حالة الهزيمة.

        ان من يريد الاسهام في احتمالات السلام، يحسن اذن ألا يدعو الاسرائيليين الى التفكير في سيناريوات هزيمة، بل أن يبين ان هذه السيناريوات غير واقعية بسبب قوة اسرائيل – وهي قوة تمكنها أيضا من المخاطرة من اجل التسوية. ما دامت هذه القوة محافظا عليها، فلا حاجة الى توسيع  الحديث عما ينتظرنا في حالة الهزيمة. يكفي ان نفكر في ذلك من آن لآخر.