خبر بسبب المبحوح:تشديد الإجراءات الأمنية بمطار بيروت على الأوروبيين!

الساعة 04:57 ص|27 فبراير 2010

فلسطين اليوم-الشرق الأوسط

منذ اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي، يعيش حزب الله حالة استنفار قصوى، زادت من ارتيابه من «أصحاب جوازات السفر الأجنبية» التي يسهل على الموساد الإسرائيلي، إما تزويرها، أو امتلاكها من قبل إسرائيليين يعملون معه من أصحاب الجنسيات المزدوجة. ورغم أن الحزب يرتاب تقليديا من الأجانب، فإن عملية المبحوح كانت مناسبة لمطالبته السلطات اللبنانية، رسميا، بتشديد إجراءات مراقبة الأجانب القادمين من البلاد التي استعملت جوازاتها في عملية اغتيال المبحوح، كما أكدت مصادر لبنانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، وهو ما بدأت دوائر الأمن العام اللبناني التشدد فيه بالفعل.

وينطلق الحزب في مخاوفه هذه من واقعة أثبتتها التجربة، وهي أن الموساد الإسرائيلي يفضل أن يقوم مباشرة بالمهمات التنفيذية المتعلقة بالاغتيالات، على أن يقوم المتعاملون معه بتأمين الإجراءات اللوجيستية والمراقبة، بحيث يصل رجال الموساد إلى منطقة الهدف لتنفيذ العملية ثم يغادرون بعدها سريعا باتجاه دول أوروبية قدموا منها.

وأوضح مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء وفيق جزيني، أن الأمن العام يعتمد في مراكزه الحدودية على لوائح معممة بأسماء عائلات يهودية، مشيرا إلى أنه «عندما يحضر أحد ما إلى لبنان بجواز سفر أجنبي وعائلته تدل على أنه من أصل يهودي فالمركز الحدودي يرسل بمعلوماته إلى مكتب المعلومات المركزي في المديرية العامة للأمن العام التي تتولى متابعة هذا الشخص، خاصة أن هذا الشخص يكون قد وضع عنوانا له في لبنان، وتتم المتابعة للشخص القادم وللشخص الذي يستقبله في المطار». وتحدث عن «طريقة أخرى يمكن أن نعتمدها ودائما نعمل بها وهي التحري أو التأكد من مكان ولادة القادم إلى لبنان».

وبحسب ما علمت «الشرق الأوسط»، لم ترد أي شكاوى بعد من مواطنين بريطانيين أو أيرلنديين حول تعرضهم لمضايقات أثناء دخولهم إلى بيروت. وقد استعمل في عملية اغتيال المبحوح نحو 12 جواز سفر بريطانيا مزورا و4 جوازات سفر أيرلندية مزورة على الأقل.

إلا أن وزارة الخارجية البريطانية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها «ستنظر في الأمر»، مشيرة إلى أنها سترفع أي شكوى تتلقاها من مواطنيها مباشرة إلى الحكومة اللبنانية. وعبرت أيرلندا من جهتها عن «قلقها الشديد» من الإجراءات الجديدة، وقال ناطق باسم الخارجية الأيرلندية لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة «تشديد الإجراءات الأمنية على مواطنينا تقلقنا بالطبع بشكل كبير». وأضاف «لا نريد أن نرى خطوات تتخذ مرتبطة بهذا الأمر، فجوازات السفر التي استعملت (في عملية اغتيال المبحوح) كانت مزورة، وحاملوها ليسوا أيرلنديين.. وبالطبع لا نريد أن نصل إلى مرحلة حيث يطبق شرط وضع تأشيرات سفر على الجوازات الأيرلندية للدخول إلى لبنان، بسبب أمر حصل من دون رضا أو علم أو دعم السلطات الأيرلندية». وأشار إلى أن بيروت، والشرق الأوسط عموما، من الوجهات الرئيسية بالنسبة للمواطنين الأيرلنديين.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الأيرلندية سترفع قلقها إلى الحكومة اللبنانية، قال الناطق الرسمي إن المسألة باتت في عهدة الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن اجتماعا لمجلس الشؤون الخارجية عقد الاثنين الماضي لبحث حماية جوازات السفر الأوروبية. وقال إن الاتحاد الأوروبي سيقرر «خطوة بخطوة» ما سيفعل في هذا الخصوص، مضيفا أن «التنبؤ بالخطوة المقبلة مستحيل».

ورفض الاتحاد الأوروبي التعليق على الخطوات التي يتخذها، وحتى ما إذا كان قد رفع المسألة إلى السلطات اللبنانية، أم لا. وبدا عدم التنسيق واضحا داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، إذ قال ناطق رسمي باسم مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي الجديدة، اللايدي كاثرين أشتون، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسألة خارج نطاق عمل أشتون. إلا أن ناطقا رسميا آخر عاد وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس لدى مكتب أشتون «أي جديد يضيفه، باستثناء ما صدر يوم الاثنين الماضي عن اجتماع مجلس الشؤون الخارجية». وكان المجلس قد أدان استعمال جوازات سفر أوروبية مزورة في اغتيال المبحوح، وقال إن الحادث «مقلق بشدة»، ودعا إلى تعاون جميع الدول المعنية مع التحقيق الذي فتحته شرطة دبي.

وكان عضو كتلة حزب الله النيابية حسن فضل الله قد أثار موضوع «جوازات السفر» رسميا في الجلسة النيابية الأخيرة، حيث طرح سؤالا على الحكومة حول الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتلافي إمكانية اختراق الاستخبارات الإسرائيلية للأمن اللبناني «خاصة أن كثيرا من عمليات الاغتيال والتفجير التي حصلت في لبنان، يمكن أن تكون تمت بالطريقة نفسها التي حصلت في دبي».

وأوضح فضل الله لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الداخلية زياد بارود أجابه بورقة مكتوبة، جزم فيها أن وزارته ستتخذ الإجراءات المناسبة». وقال فضل الله «إن لبنان كان ولا يزال هدفا للاختراق الأمني الإسرائيلي، وإن كثير من العمليات التي حصلت في السنوات الأخيرة كانت تحمل البصمات الإسرائيلية، لذلك يجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الأمن والاستقرار في مواجهة إمكانية الاستهداف الإسرائيلي»، مشيرا إلى أنه سبق لإسرائيليين أن دخلوا لبنان بجوازات سفر أوروبية وغير أوروبية.

وأوضح فضل الله أن كتلته دعت الحكومة إلى «التشدد حيال المسافرين الذين يدخلون الأراضي اللبنانية ويحملون جوازات سفر من الدول التي أشير إليها في التحقيقات في عملية اغتيال المبحوح». وقال «إذا كانت الأجهزة الأمنية قد حققت نجاحات في كشف شبكات التجسس وألقت القبض على عملاء لبنانيين يعملون لحساب العدو، فإن هذا يوجب تكثيف الجهد الأمني لمنع الاستخبارات الإسرائيلية من التسلل بواسطة جوازات سفر من الخارج»، مشيرا إلى أن «الحزب ينتظر من الحكومة اتخاذ إجراءات بعد أن دعوناها في المجلس النيابي، وتبلغنا بالوزارة المعنية في هذا الصدد».

وكان بارود قد وصف سؤال النائب فضل الله بأنه «سؤال في محله»، مشيرا إلى أن هذا الواقع مستمر وليس ناشئا أو قديما، ونحن ربما تنبهنا للأمر إعلاميا الآن في هذه المرحلة، لكن هذا الموضوع يتابع من قبل الأجهزة المختصة كالأمن العام أو الأجهزة الأمنية الأخرى». وأشار إلى أن «الشق الثاني يتعلق بالتزوير، كأن يأتي من ينتمي إلى جهاز ما ويزور جواز سفر»، موضحا أن «هذا الموضوع يصار إلى ضبطه في مطار بيروت تحديدا من خلال أجهزة متطورة قدمت إلى لبنان بتمويل ألماني، وبإمكان هذه الأجهزة أن تكتشف جوازات السفر المزورة».

وكان لبنان قد أعلن منطقة جنوب الليطاني، منطقة محظورة على الأجانب الذين لا يحملون تصريحا خاصا من مديرية المخابرات في الجيش التي تستغرق نحو 15 يوما في دراسة كل طلب يقدم في هذا الإطار قبل الموافقة عليه، كما أن حزب الله وضع معايير متشددة في استقبال الإعلاميين الأجانب، بعد عدة حوادث اختراق إعلامي قام بها صحافيون إسرائيليون تباهوا ببث رسائل من لبنان، كما هو حال فليزا غولدمان، مراسلة «القناة العاشرة» في التلفزيون الإسرائيلي التي راسلت محطتها مباشرة من العاصمة اللبنانية في يونيو (حزيران) 2007، وبعدها بفترة جالت مراسلة صحيفة «يديعوت أحرونوت» رينات مخليس في قرى الجنوب، وأعدت تقاريرها الصحافية من هناك. وكان الصحافي الإسرائيلي جدعون كوتس دخل في عام 2002 المقر الرسمي للقمة الفرانكفونية في لبنان، قبل أن يكتشف أمره ويرحل. وهذه الطريقة اعتمدها وزير الصناعة الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر، للدخول إلى لبنان عام 1975.