خبر الاختراقات الإسرائيلية تثير جدلاً وقلقاً بين الفلسطينيين

الساعة 06:48 ص|26 فبراير 2010

فلسطين اليوم-الحياة اللندنية

أثارت سلسلة الاختراقات الاسرائيلية الأخيرة للساحة الفلسطينية، من اغتيال المسؤول العسكري في حركة «حماس» في فندق في دبي محمود المبحوح، الى الكشف عن تجنيد ابن احد قادة «حماس»، جدلاً وقلقاً واسعيْن بين الفلسطينيين، اذ سخّر كتاب ومعلقون أقلامهم للحديث عن الاختراقات ومداها، فيما تبادل سياسيون ومتحدثون بأسماء الفصائل الفلسطينية الاتهامات عن تلك الاختراقات.

 

ويقول خبراء أمنيون فلسطينيون ان الاستخبارات الاسرائيلية تعمل بدأب على اختراق كل الجموعات الفلسطينية من دون استثناء. واوضح المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات الفلسطينية في قطاع غزة الدكتور محمد المصري الذي يدير اليوم مركزاً للابحاث والدراسات الامنية في رام الله، ان الاستخبارات الاسرائيلية عملت على اختراق القوى الفلسطينية المختلفة منذ تأسيسها، وعملت لسنوات طويلة على اختراق «حماس» بالطريقة نفسها التي عملت فيها على اختراق فصائل منظمة التحرير، كما انها تعمل الآن على اختراق الجماعات السلفية.

 

واضاف ان «اسرائيل وظفت الكثير من الجهد والموارد من اجل اختراق فصائل منظمة التحرير منذ تأسيسها، كما وظفت جهوداً مماثلة من أجل اختراق السلطة ومؤسساتها، خصوصاً الامنية، وانها لا تترك تجمعاً فلسطينياً إلا وتحاول اختراقه بشتى الوسائل الممكنة». ورأى في اعتراف الفصائل بهذه الحقائق خطوة اساسية للعمل على سد الثغرات الامنية فيها. وتشير تقارير اجهزة الامن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء، الى ان اسرائيل تستغل حاجات الفلسطينيين للعمل والعلاج والتنقل، وتمارس ضغوطاً عليهم من اجل العمل لمصلحة جهازها الامني. وقال المصري: «من بين مئات الملفات التي اطلعت عليها، استطيع القول انه لا يوجد عملاء عقائديون بين الفلسطينيين، فلا يوجد اي عميل يريد ان يخدم اسرائيل وفكرة الصهيوينة، وانما أناس سقطوا تحت الضغوط والابتزاز والحاجة». واضاف: «هناك من سقط تحت ضغط اقتصادي، وهناك من سقط تحت ضغط اجتماعي او بسبب الحاجة للعلاج، وهناك من سقط تحت ضغط نفسي».

 

وتظهر تقارير اجهزة الامن الفلسطينية ان السجون واحدة من اهم مراكز تجنيد العملاء. وقال مسؤول امني ان الاستخبارات الاسرائيلية تمارس ضغوطاً على كل من يدخل السجن للعمل لمصلحتها، وانها تستخدم معه اسلوب الترغيب والترهيب». واشار الى ان اسرائيل نجحت عبر تجنيد عدد من المعتقلين في اختراق النواة الصلبة للقوى الفلسطينية، مثل اجنحتها العسكرية، مشيراً الى ان هؤلاء الذين يجرى تجنيدهم يعودون الى مواقع اكثر حساسية في تلك القوى والاجنحة.

 

ورأى ان هذا ربما يفسر اغتيال عدد من القادة والوصول الى شخصيات مركزية، مثل العملية الاسرائيلية الاخيرة التي استهدفت المبحوح الذي لم يكن احد يعلم بسفره من دمشق الى دبي سوى دائرته الضيقة. واشار الى ان اسرائيل كانت احياناً تبعد عملاء الى خارج الوطن بعد تجنيدهم ليقوموا باختراق الاجنحة العاملة في الخارج للفصائل الفلسطينية.

 

وقال المسؤول الامني ان اسرائيل تستغل المعابر ايضاً في الضغط على الفلسطينيين، خصوصاً ذوي الحاجة الماسة للسفر من اجل العلاج او العمل او الدراسة.

 

ويقول خبراء أمنيون ان اسرائيل استخدمت المساجد على نحو خاص وسيلة لزرع العملاء في صفوف الحركات الاسلامية. وقال المسؤول السابق في جهاز الامن الوقائي العقيد عيسى ابو عرام الذي يدير مركزاً للابحاث الامنية في رام الله ان المساجد كانت واحدة من اهم مناطق زرع العملاء في «حماس». واضاف: «حماس حركة دينية، وهناك مكانة خاصة فيها للاكثر ورعاً وتقوى وتعبداً، وكانت هذه احدى الثغرات التي نفذت منها اسرائيل في زرع عملاء يتظاهرون بالورع والتقوى في صفوف الحركة». وقال ان القيم الدينية للحركة سهلت بعض الخروق، مشيراً الى ان «التسامح مع التاريخ الشخصي للانسان وفتح صفحة جديدة له مع الله، كانت ايضاً وسيلة ادخلت عبرها الاستخبارات الاسرائلية عملاء الى الحركة».

 

ويعتبر الخبراء الامنيون ان العمليات الاسرائيلية الاخيرة وليدة سنين طويلة من العمل على اختراق الفصائل. وتكشف تقارير الامن الفلسطينية ان غالبية عمليات الاغتيال التي تعرض لها قادة الفصائل، جرت بتسهيل من عملاء نجحت اسرائيل في زرعهم في مواقع متقدمة من تلك الفصائل، سواء الوطنية منها او الاسلامية.

 

وأثار كشف اسرائيل عن تجنيدها احد ابناء الشيخ حسن يوسف، القيادي المؤسس في حركة «حماس»، هزة كبيرة في اوساط الحركة. وبعد نقاش داخلي على أعلى المستويات، أصدرت «حماس» بياناً باسم الشيخ حسن يوسف المحكوم بالسجن ست سنوات قالت فيه انه كان يعلم ان ابنه تعرض لابتزاز الاستخبارات الاسرائيلية عندما كان في السابعة عشرة من عمره (اي ان تلك الاجهزة نجحت في تجنيده). لكن البيان قال انه لم يكن لديه اي مدخل للوصول الى الاجنحة العسكرية والدعوية في الحركة.

 

وأحدث كشف شرطة دبي للمجموعة التي اغتالت القيادي في الجناح العسكري لحركة «حماس» محمود المبحوح في احد فنادق الامارة الشهر الماضي، هزة في جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية (موساد) المعروف بقدراته الاستثنائية. ويرى خبراء في كشف اسرائيل عن قصة تجنيد نجل الشيخ حسن يوسف، وسيلة لاعادة ثقة الشارع الاسرائيلي بهذا الجهاز بعد هزة دبي.

 

وقال المصري: «اسرائيل تعرضت للطمة كبيرة في دبي، والآن تريد ان تقول للاسرائيليين انها قادرة على الوصول الى بيوت قادة حماس». واضافت: «انها محاولة اسرائيلية لاعادة ثقة الشارع في الجهاز الذي يصورونه اسطورياً بعد عملية جرى كشفها عبر وسائل الاعلام بالصوت والصورة».

 

ويرى فلسطينيون في كشف وسائل اعلام اسرائيلية عن قضايا فساد في السلطة الفلسطينية، واحدة من وسائل الحرب النفسية ضد الفلسطينيين. وقال المصري: «تريد اسرائيل ان تقول للفلسطينيين انها قادرة على اختراق بيتهم الداخلي، وان قيادتهم غير جديرة بالثقة، سواء في الحركة الوطنية او في الاسلامية. تريد منهم القنوط واليأس من مشروعهم الوطني».