خبر نتنياهو في مأزق -هآرتس

الساعة 09:34 ص|24 فبراير 2010

بقلم: ألوف بن

 (المضمون: نتنياهو في مأزق بين خطرين خطر انتفاضة بيضاء يقوم بها الفلسطينيون احتجاجا على الجدار والاستيطان، وخطر المستوطنين ان ينتفضوا عليه - المصدر).

        رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مشغول صباح مساء باعداد اسرائيل للمواجهة المصيرية مع ايران. لكن مشكلته قد تنفجر في مكان آخر. فالمناطق تسخن. والفلسطينيون يزيدون احتجاجهم على المستوطنات وجدار الفصل، والمستوطنون يشمون ضعف نتنياهو ويعترضون على سلطة الدولة.

        أثبتت حادثتين في الايام الاخيرة خطر الانفجار: "مظاهرة الالف" في بلعين، بمشاركة رئيس الحكومة الفلسطيني سلام فياض، التي هتك فيها المتظاهرون جزءا قصيرا من الجدار؛ واحتلال عشرات نشطاء اليمين للكنيس القديم نعران، مع وعد "بالعودة الى اريحا ونابلس". كان العنف في الحادثتين مضبوطا ولم يصب احد. لكن النضال عن الضفة الغربية انتقل الى مرحلة جديدة.

        يتبين فياض الذي كان ذات مرة حبيب المؤسسة الاسرائيلية، على انه العدو الاكثر اشكالا لنتنياهو. فقد تحول الاقتصادي والتكنوقراط السابق بالتدريج الى سائس يتمتع بالكشف الصحفي عنه، ويقبل الاولاد، ويقوم على رأس "الانتفاضة البيضاء" كما سماها الباحثان شاؤول مشعل ودورون مصا في مقالتهم في صحيفة "هآرتس" هذا الاسبوع. تبنت الحكومة الفلسطينية اول من امس خطة عمل لـ "مقاومة غير عنيفة" للمستوطنات والجدار.

        انتفاضة فياض البيضاء تختلف عن سابقتيها. فلها هدف سياسي واضح هو الاعلان بدولة فلسطينية في حدود 1967 في صيف السنة المقبلة. الى ذلك الحين سيتم فياض بناء المؤسسات الوطنية ويعمل في الحصول على اعتراف دولي مع التفاف دبلوماسي على نتنياهو. وهو يحظى بمديح مفرط من الادارة الامريكية على انه مدير ناجح. اجتاز 2600 شرطي فلسطيني دورة استكمال "دايتون " في الاردن وعادوا الى المناطق متوقعين خدمة دولة مستقلة لا ان يكونوا مقاولين ثانويين للاحتلال الاسرائيلي. ودعا وزيرا خارجية فرنسا واسبانيا أمس، في مقالة مشتركة في صحيفة "لاموند"، الى التعجل بانشاء فلسطين والاعتراف بها في تشرين الاول 2011، بعد انقضاء عقدين منذ مؤتمر مدريد.

        الاحتجاج على الجدار والمستوطنات تصور تصويرا حسنا في الاعلام الدولي، وتجعل اسرائيل تواجه معضلة. كان ردها الاولي "ضرب العدو في قاعدته":  موجة اعتقالات لمنظمي المظاهرات في بلعين ونعلين، ودخول الجيش الاسرائيلي رام الله لاعتقال نشطاء "حركة التضامن الدولية" بين عناصر أمن اسرائيليون لنظراء أجانب ان "هذا تهديد وجودي لاسرائيل". لكن الاعمال فشلت. لم يرتدع الفلسطينيون واستمروا على التظاهر، عالمين بأن اسرائيل لم تجرؤ على المس بفياض ورجاله. الخطوة التالية التي يخطط لها نتنياهو ستكون حملة اعلام كبيرة في مواجهة "التحريض في السلطة الفلسطينية". وفياض يستعد فهو عنده تقرير أمريكي يعطيه درجة عالية عن طهارة الكتب الدراسية الفلسطينية من الدعاوة المضادة لاسرائيل.

        وضع نتنياهو يزداد سوءا ازاء المستوطنين ايضا، كلما اقترب تجميد البناء من نهايته المخطط لها في ايلول. هل سيعود للبناء بكامل القوة كما وعد ويعرض نفسه لخطر القطيعة مع براك اوباما؟ او يستمر على التجميد ويعرض نفسه لخطر انتفاضة المستوطنين؟ يشفقون في الادارة الامريكية من فقدان سيطرة اسرائيل على متطرفي المستوطنات، بل من شقاق داخلي في الجيش الاسرائيلي، الذي سيرفض قادته وجنوده المتدينون اوامر الاخلاء والهدم. يحاول نتنياهو التسويف، وفي هذا الاسبوع طرح عظما صغيرا لليمين بشمله قبور الاباء وأمنا راحيل في خريطة المواقع التراثية – بعد ان سوق الخريطة الاصلية في العالم كتعبير عن مرونته السياسية في المناطق.

        تفقد حكومات "العالم" صبرها القليل على نتنياهو وحكومته، كما بينت موجة التنديد في اوروبا بـ "قتل" رجل حماس محمود المبحوح، حتى لكان ذلك من فم صديق لاسرائيل مثل نيكولا ساركوزي. ما يزال التفاوض السياسي عالقا، و "السلام الاقتصادي" استنفد نفسه: فقد أبلغ الصليب الاحمر في الاسبوع الماضي بأنه لا تخفيف عن حياة الفلسطينيين وبأنه "لا يمكن تقريبا اقامة حياة طبيعية في الضفة الغربية".

        نتنياهو في مأزق. اخذ صندوق حيله ينفد. والفلسطينيون والمستوطنون يعرضونه في ضعفه. وفي العالم لا يصدقونه ويشكون في سيطرته على الارض. اذا لم يفاجىء بمبادرة جريئة تمنحه سيطرة على جدول العمل، فسيسحق ازاء الانتفاضة المزدوجة لفياض وشبان التلال.