خبر إدانة للقيادة وللشعب كله ... عجبي! .. جهاد الخازن

الساعة 01:30 م|23 فبراير 2010

بقلم: جهاد الخازن

منذ انفصال حماس في قطاع غزة سنة 2007 والفلسطينيون يتحولون تدريجاً  الى السياسة الانتحارية، ويقدمون قضيتهم على طبق من فضة لإسرائيل.

إذا ارتكبت إسرائيل جريمة لا تحاول القيادات الفلسطينية التركيز على الجريمة وتأليب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، بل يقوم من فريقي السلطة وحماس من يتهم الفريق الآخر بمساعدة إسرائيل في ارتكاب الجريمة. بل أن جنحة جنسية تتحول الى قضية تطاول السلطة كلها والشعب وراءها.

إذا كان في اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح مثال واضح على ما أقول، فإن تقرير غولدستون كان مثالاً آخر، والوضع الفلسطيني كله مثالٌ على المرض السياسي، فمنذ خمس سنوات وحماس متهمة بأنها عميلة لإيران، أو مخلب قط لها على حدود مصر، والسلطة (يعني «فتح») متهمة بأنها عميلة أميركا وإسرائيل.

أزعم أن الفلسطينيين لم يخترعوا الفضائح الجنسية، وسجلهم في «الخيانة» أو «التعاون» أقل من سجل أرقى الشعوب.

جنسياً لا أحد يتقدم على الأميركيين في الفضائح، ومع ذلك فالولايات المتحدة تظل أقوى دولة في العالم عسكرياً واقتصادياً، حتى وهي مفلسة. وفي أيامنا هذه رأينا بيل كلينتون الذي يقال إنه صاحب أعلى معدل ذكاء بين الرؤساء الأميركيين يمارس الجنس بأشكاله مع متدربة في البيت الأبيض هي مـونيكا لوينـسكي، وكـان غاري هارت على بعد خطوات من الرئاسة عندما سقط في فضيحة جنسية. وقبل أشهر استقال مارك سانفورد من منصبه حاكماً لولاية نيويورك بعد أن ضبط مع مومسات في فندق. أما ويلبور ميلثر فأوقفته شرطة المرور وهو مخمور ووجهه مخدش بعد مشاجرة مع عشيقته التي تمارس «الستريب تيز»، وقفز في النهر للهرب من الشرطة واعتقل وأعيد انتخابه.

ليست الفضائح الجنسية بدعة في السياسة الأميركية، فالرئيس الثالث توماس جفرسون، أحد عباقرة الثورة الأميركية والاستقلال مارس الجنس مع جارية سوداء كانت أختاً غير شقيقة لزوجته (عن طريق أبيها) ورزق منها ستة أطفال، وهناك كتب عن الموضوع.

هذا النوع من الفضائح يحتاج الى موسوعة لا كتاب، وكان لكل من دوايت أيزنهاور وقبله فرانكلن روزفلت عشيقة معروفة، والأول بطل الحرب ضد النازيين والثاني الرئيس الوحيد الذي انتخب أربع مرات وأخرج بلاده من أكبر أزمة اقتصادية في الثلاثينات. أما جون كنيدي فكان «زير نساء» عازباً ومتزوجاً، وهو تقاسم مارلين مونرو مع أخيه روبرت، أما أخوهما تيد فنافس الاثنين في الفضائح وقصة غرق ماري جو كوبكني في بحيرة تشاباكويدل معروفة، فقد كان يقود السيارة، ومنعه الحادث من أن يصبح رئيساً.

وعندما كنت أقيم في واشنطن في الثمانينات قامت فضيحة غريبة خلاصتها أن بعض أعضاء الكونغرس تحرشوا بأولاد يعملون كمتدربين في مكاتبهم.

وبما أن إسرائيل «صنيعة» أميركا فهي عرفت أيضاً الفضائح الجنسية ويكفي مثالاً الرئيس موشيه كاتساف الذي يحاكم بتهمة اغتصاب مجندة والتحرش بأخريات. بل إن القارئ العربي قد يفاجأ وأنا أقول له إن الخبر الوحيد الذي زاحم اغتيال المبحوح في الصحف الإسرائيلية الأسبوع الماضي يعود الى الحاخام موردخاي ايلون الذي شقّ المؤسسة الدينية اليهودية، مع تحقيق للشرطة في التهم الموجهة اليه عن التحرش بالأولاد، وتفاصيل لبعض هؤلاء عما فعل الحاخام المحترم، وهو من نوع ما ارتكب الكهنة الكاثوليك ضد أولاد في أميركا وإرلندا وكل مكان.

الفضائح الجنسية في العالم كله، ولكن إذا تحرش مسؤول فلسطيني بامرأة، لا ولد، تدان معه السلطة والشعب وكأن كل فلسطيني تحرش بتلك المرأة معه. والعجيب في الأمر أن الإدانة ليست من إسرائيل والصهيونية العالمية، بل من فلسطينيين آخرين، كأنه يفترض من الفلسطيني أن يكون في أخلاق «ستنا مريم».

ومن الجنس الى الخيانة الأخرى أو الخيانة السياسية فاغتيال المبحوح يكاد يصبح جريمة فلسطينية. هناك من تعامل مع العدو المحتل، وقد حوكم خونة في بلدان عربية عدة بالتعامل مع العدو. غير أن هذا في العالم أجمع، ولعل المتعاونين الفرنسيين مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية فاقوا الجميع. وقد سهلت حكومة فيشي ترحيل اليهود الفرنسيين الى أفران الغاز النازية، والرقم المتفق عليه هو 76 ألفاً لم ينج منهم سوى 2500 فقط. وفي النروج، وهي بلد اسكندنافي ومقياس رقيّ للعالم، تعاون الوزير الرئيس فيدكون كويزلنغ مع النازيين الى درجة أنه لو فتح القارئ قاموس الإنكليزية لوجد أن كلمة «كويزلنغ» بمعنى «خائن». وكان هناك متعاونون مع النازيين بالألوف في كل بلد أوروبي.

الخيانة الجنسية، والخيانة السياسية، في العالم أجمع، إلا أنها تقف عند عتبة بيت (أو غرفة فندق) مرتكبها، أما بين الفلسطينيين فتصبح إدانة للقيادة، سواء في غزة أو رام الله، وللشعب كله، وهذا بحسب كلام الفلسطينيين المتخاصمين أنفسهم... عجبي.