خبر قطع عنقه -هآرتس

الساعة 09:48 ص|23 فبراير 2010

بقلم: عماليا روزنبلوم

 (المضمون: ينسى الجمهور الاسرائيلي سريعا كل نجاحات أبطاله لخطأ واحد صغير يفعلونه - المصدر).

ان تصفية محمود المبحوح وتيقظ شرطة دبي جعلا الجمهور في اسرائيل يوجه النقد الى الموساد. لكن اذا تجاوزنا سؤال هل الموساد الذي هو مسؤول بحسب نشرات اجنبية عن العملية، هو "منظمة قديمة تعمل على نحو هاو"، فان السرعة التي  ننشر بها اعلانا بالطلب لعمل رئيس الموساد تثير الاهتمام في حد ذاتها.

        في المجتمع الاسرائيلي يدخل الابطال دائما الباب الامامي، كمن أعادوا الموساد الى أيام مجده في هذه الحالة، لكنهم في أحيان كثيرة يخرجون من الباب الخلفي. ليس مئير دغان وحده في سقوطه عن عرش الشعبية. فقبل أقل من اسبوعين مثلا، نشر تقرير صحفي عن ابراهام غرنت عنوانه "كيف أصبح ابراهام غرنت فكاهة بائسة لكرة القدم الانجليزية". لكن عندما هزم غرنت ليفربول مساء يوم الكارثة وشريط أسود على يده، ورفع "تشلسي" الى نهائيات دوري الابطال في كرة القدم، لم نعتقد انه فكاهة. لقد تأثرنا كثيرا في واقع الامر.

        ان مصير برنامج السخرية "ايرتس نهديرت" مثل آخر على الميل الاسرائيلي الى الترفيع من أجل الاسقاط. قيل في الماضي في البرنامج الناجح انه "افضل برنامج سخرية في الدولة"، لكن وجه اليه في بدء الموسم الحالي نقد شديد بسبب "كتابة ضعيفة، وشخصيات تثير الاستهزاء ومقولبة". وهكذا تركل "ايرتس نهديرت" ايضا الى الساحة الخلفية المزدحمة.

        لكن الباب الخلفي لمشايعة الجمهور الاسرائيلي هو باب دوار. ان حقيقة انك ملكت ثم قطعت عنقك لا تعني انك لن تعود لتصبح ملكا. بل العكس، نحن نريد ان تعود لكن ذليلا شيئا ما. هذه هي النقطة كلها ولها اسم هو: اتمام عودة. السبيل الوحيدة للعودة ولتبوء مكان في قلوبنا هي الرجوع. ونحن نفسر رجوع كل موضوع الى منظورنا الضيق على انه رجوع حتى لو كان الحديث عن جوقة او ممثلة او رجل أعمال او زعيم سياسي لم يستقيل قط في الحقيقة.

        عرف رؤساء الحكومة وزعماء كثير الامر، وتعلموا ان يجلسوا بهدوء حتى يدعوهم الى العودة؛ عالمين بأنهم سيبدون دائما افضل في نظرنا من خلل العدسة المركبة للجولة الثانية. بهذا المعنى ايضا عودة دغان وغرنت و "ايرتس نهديرت" معروفة سلفا. لكن اذا صمدوا فقط ازاء عدم صبرنا في مواجهة الارتفاعات والانخفاضات التي تصحب كل حياة مهنية سياسية او فنية او حرفية جدية.

        لانه ليس الجميع يستطيعون الصمود لذلك. الثمن  الذي ندفعه عن ظمئنا للدم هو قبل كل شيء خسارة كنوز بشرية. ثمة من يجلون، وآخرون يصمتون باحثين عن ملاذ. مثل نسيم ألوني الذي لم يعرض في اسرائيل مسرحية بعد "آدي كينغ" ومثل فرايم كيشون، الذي غادر اسرائيل من أجل جمهور يغتفر لمن يجرؤ على النجاح، والذي يحظى اليوم في اسرائيل بالتكريم المريب للعودة، بعد موته فقط.

        قد تكون رؤيتنا أبطالا يسفون التراب على جانب الطريق لذة للحظة، لكن هذه التحولات الحادة بين الاجلال والتحقير تضر بقدرتنا على حشد وانتاج تراث او نظام ما لنقل المعلومات الثقافية والسياسية والادارية. ان عدم الصبر عند الجمهور وفقدان الذاكرة أمدا طويلا لا يمكناننا من التقدم كمجتمع ودولة وثقافة. ورد في قائمة النقد عن "ايرتس نهديرت" انها تعاني "ركوب مجد الماضي". هذه جملة تهكمية، مع الأخذ في الحسبان ان المجد الحقيقي الوحيد الذي يستطيع بطل اسرائيلي ان يؤمله هو مجد الماضي فقط.