خبر اكتشاف امريكا- هآرتس

الساعة 11:07 ص|21 فبراير 2010

بقلم: امير اورن

 (المضمون: امريكا اكتشفت بأن الجهة كابحة الجماح في اسرائيل هي الجيش الاسرائيلي وليس القيادة السياسية، وهي تحرص على ارسال المبعوثين رفيعي المستوى منعا لمغامرة اسرائيلية غير متوقعة - المصدر).

 

مع نهاية زيارة الادميرال مايكل مالن الى اسرائيل، الاسبوع الماضي طلب ضابط كبير في حاشيته من احد نظرائه في الجيش الاسرائيلي "الحفاظ على صديق" رئيس الاركان مالن. لم يكن مطلوبا مترجم: المقصود هو رئيس الاركان، غابي اشكنازي. الامريكيون يعتمدون عليه. لا كي يمنع الحرب على ايران، بل العكس، ان يمنع شن حرب كهذه.

        هذه فترة مشبعة بعلاقات واشنطن مع القدس (الحكومة) وتل ابيب (الدفاع). ايهود باراك، بنيامين نتنياهو واشكنازي ينقضون على العاصمة الامريكية وعلى نيويورك افواجا افواج. فبعد مستشار الامن القومي جيمس جونز ورئيس السي أي ايه ليئون بانتا وبين زيارات الوسيط جورج ميتشل (الذي في اعقاب قصوراته ستتعزز من الان فصاعدا مهمة مبعوث الرباعية توني بلير) سيصل نائب الرئيس جو بايدن. معنى خاص كان لزيارة مالن، الذي عكس اكتشاف امريكا: فقد اكتشفت الجيش الاسرائيلي.

مالن جاء في مهمتين مختلفتين، مهنية واعلامية، تقريبا دون لقاء بينهما. في الغرف المغلقة دارت محادثات عسكرية واستخبارية، لتبادل المعلومات ووصف دروس الجيش الاسرائيلي، آرائه ومخططاته لبناء قوته، في ضوء تهديدات يصطدم بها الامريكيون ايضا. في الخارج، أمام مكبرات صوت الصحافيين وما بعدهم، الى الجمهور الاسرائيلي، تلا مالن صفحة رسائل براك اوباما وحكومته. التهديد الايراني صعب ولكن ليس ميئوسا منه، ملح ولكن ليس مفزعا، خطير ولكن ليس عضالا، ينبغي صده ولكن ليس ضربه، وهكذا دواليك لامور ونقيضها. وهذا كله يتلخص في سطر واحد: "وصلت اليوم الى اسرائيل لعقد لقاءات مع قادة الجيش. انا ملتزم بهذه العلاقات وبأمن اسرائيل".

على خلفية التهور الفزع لنتنياهو والمكانة الهزيلة لوزيري الخارجية والدفاع لديه سواء على خلفية جنائية ام لضعف السياسي، يبدو اشكنازي للبيت الابيض وللبنتاغون كمرسى من الاعتدال والاستقرار في الساحة الاسرائيلية. رغم الاستفزازات المتواصلة من حماس استغرقته نحو سنتين في منصبه كي يخرج الى حملة لفرقة عسكرية ومتوسطة في حجمها في غزة. ومهما كانت الحملة الاخرى، في ساحة مغايرة، اكثر تعقيدا ومخاطرة، فانه يمكن الافتراض ألا يخشاها رئيس الاركان ايضا – على ان يؤمن بضرورتها وفي أن البدائل الاخرى اسوأ منها. وهو لن يوقع على الاستبيان، فقط كي يتمكن نتنياهو من ان يتدرب على محاكاة خطابات تشرتشل امام المرآة المحطمة بشظايا صواريخ شهاب.

عادة يمجدون في واشنطن تفوق القيادة المدنية، ذات الاعتبارات الواسعة، والتي تدعي تمثيل الشعب. اما القيادة العسكرية فمشبوهة بسخونة الرأس وبضيق الافق؛ اعطيها قنبلة نووية وستلقيها على الخصم. هكذا، مثلا، في الباكستان، او في تحذير هيلاري كلينتون من أن ايران تنزلق، بسبب تعزز الحرس الثوري، الى نظام من الطغمة العسكرية (يشتاقون منذ الان الى الشيوخ، الذين تطل شفاههم الرقيقة من خلف لحاهم البيضاء). ليس في اسرائيل. هنا تتخذ القيادة العسكرية، المضروبة بلجان التحقيق، صورة الجهة الكابحة للجماح.

لهبوط مبعوثين رفيعي المستوى في مطار بن غوريون كل اسبوع توجد ايضا غاية عملية: من هو السخيف الذي سيصادق على حملة عشية زيارة سياسية هامة، في سياقها، او في موعد قريب من انتهائها، بشكل يبدو وكأن ضيف رئيس الوزراء، وزير الدفاع او رئيس الاركان نسق معه الهجوم، او فوجىء به بدرجة عرضه كأخرق. مثل هذه المناورة يمكن عملها مع مصري او تركي، ولكن مع الامريكيين هناك حذر اكبر – ان لم يكن من السياسيين، فعلى الاقل من الجيش  الاسرائيلي.