خبر مشعل كمثال.. هآرتس

الساعة 12:32 م|18 فبراير 2010

بقلم: يوسي سريد

صحيح ان خالد مشعل حي ومحمود المبحوح ميت، وهذا مع كل ذلك فرق. لكن من نواح كثيرة أخرى، تتشابه القضيتان كقطرتي حظ سيء، وعقل سيء ايضا. هل يجوز أن نعرف عملية الاغتيال الاخيرة على انها "قضية" ايضا؟ منذ ان واصل مشعل العيش بعد موته المبالغ فيه،  وخرج مبعوثون على عجل من تل ابيب الى عمان لانقاذه في لحظاته الاخيرة، عينت لجنة الخارجية والامن في الكنيست لجنة ثانوية خاصة لتحقيق الاخفاق في وسط النهار وفي وسط عاصمة اجنبية.

كان اعضاء اللجنة خمسة وكنت واحدا منهم. جلسنا شهورا طويلة نبحث وساءلنا جميع المشاركين – من رئيس الموساد الى اخر المشاركين. لم نصدق ما سمعته آذاننا، لقد كانت الشهادات اكثر اسطورية من ان تصدق. لا يمكن ان يكون هذا ما حدث، قلنا لانفسنا، انه ببساطة غير منطقي ومضطرب جدا.

لا داعي لان نفصل الان من جديد جميع التفصيلات التي قد علمت، ولا بيقين تلك التي من المناسب ان تظل مستورة. نذكر تفصيلا واحدا فقط كمثال للتقدير: هل يصدق انه في المشاورات التي سبقت الخروج، ألم تطرح المسألة الاردنية لنقاش جدي؟ وهل من الصحيح تنفيذ اغتيال لفلسطيني ما داخل الارض السيادية لدولة عربية مجاورة لها بنا علاقات صداقة وحساسية خاصة؟ وكيف يرد الملك الحافظ للثقة، بعد ان يتبين له ان اسرائيل خانت ثقته على نحو مضر وقح جدا؟

لم يسأل بنيامين نتنياهو، ولم يجب الموساد ذلك. أوصيت آنذاك وكنت في رأي الاقلية باقالة رئيس الموساد. كم هو مؤسف أنه لا تملك لجنة برلمانية سلطة التوصية باقالة رئيس حكومة.

يكثرون من اجلال رئيس الموساد الحالي مئير دغان: فقد أعاد المجد الى سابق عهده، وجدد الموساد أيامه المجيدة كما كانت من قبل. لا يوجد تاج لم يعقد على رأس الرئيس – فهو جريء وخلاق وأصيل. فهو بحيل من أرض الحيل يدبر لنا محاربة الارهاب والذرة؛ وسيحين وقت الكشف عن ذلك. وليس عجبا ان اطيلت مدة ولايته اخيرا وبلا اعتراض. سيخدم دغان اذن ثماني سنين في الاقل.

يمكن بمتابعة وسائل الاعلام الاجنبية – وهي فقط – مغامرة دبي ان نستنتج انه لا جديد تحت شمس عدسات التصوير: فما كان هو الكائن، والحيل الهاذية المسروقة معروفة من الأدبيات البوليسية القديمة الجيدة. فلقد كانت من قبل جوازات سفر مزيفة، واسرائيليون بسطاء، يعيشون وفوجئوا بأن يجدوا أسماءهم المستعارة في نشرات الانباء المختلفة.

هكذا هي الحال عندنا: الموساد يرعب العالم، الى حد ان هذا العالم يجري معه تعارفا من جديد؛ المنظمة أسطورة الى حد ان تبين وهمها؛ أدوات أمن حطمت - يعاد لحمها وتطويرها – لن تعرفوها، يعدوننا، الى ان تجرب أدوات مرة اخرى؛ والاشخاص فنيون الى حد أن يكشف النقاب عنهم في أول فرصة بكامل ضعفهم.

عندما نقرأ في الصحف عن وزير او جنرال او رئيس، هو "ممتاز بحسب جميع الاراء"، يحسن ان تتبينوا لانفسكم ما هو رأيكم، اذا كنتم تحتاجون اصلا الى رأي يخصكم. ان البديهية تحتاج في ايامنا ايضا الى برهان من آن لاخر. ويثير اهتمامنا ان نعلم هل سيسألون هذه المرة، من اجل التغيير وسلفا جميع الاسئلة الواجبة.