خبر أأحد قال حربا؟-هآرتس

الساعة 11:56 ص|12 فبراير 2010

بقلم: تسفي بارئيل

أيادي منظمي احتفال الذكرى مليئة بالعمل في هذه الايام. اليوم يحل يوم الذكرى الثانية لتصفية كبير حزب الله عماد مغنية في دمشق. امس كان يوم الذكرى الـ 31 للثورة الايرانية، التي احتفظ مغنية بعلاقات شخصية معها، وفي يوم الاحد يحل يوم الذكرى لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، الحدث الذي هو ايضا، حسب الشائعة التي انتشرت في حينه في لبنان – يرتبط بمغنية.

حسب هذه الشائعة، كان مغنية يعرف بان عاصف شوكت، رئيس الاستخبارات العسكرية السورية سابقا ونائب رئيس الاركان اليوم، التقى سرا عملاء السي.اي.ايه في اوروبا وروى عن ذلك للرئيس بشار الاسد. وردا على ذلك حرص شوكت على تصفية مغنية. شائعة. سوريا هي دولة شائعات. كما ان الاشتباه بان الاسد "حبس" شوكت، زوج شقيقته بشرى، في اقامة جبرية بسبب العلاقة التي يزعم ان كانت له باغتيال الحريري، هو ايضا جزء من هذه الشائعات.

واذا كنا ننشغل بصناعة الشائعات، فها هي شائعة اخرى. بشرى، التي عارض أبواها زواجها من شوكت وزوجها المستقبلي تعرض للضرب والحبس على يد ماهر ، شقيق بشار، كي يكف عن مغازلتها، تطالب الان اخيها الرئيس بمنح شوكت الحق في تفعيل شبكة الهواتف الخلوية الثالثة في الدولة. وحسب موقع الانترنت للمعارضة السورية، فان الطلب هو محاولة لمنح شوكت "هدية وداع بمناسبة انهاء مهامه واشارة حرص على مستقبل الاولاد".

استجابة الاسد لطلب شقيقته من شأنها أن تمس بالملياردير رامي مخلوف، رجل الاعمال وابن خال الاسد، الذي يحتفظ منذ الان بملكية شبكة خلوية واحدة "سوريا تل". السير الحساس بين ابناء العائلة، اصحاب الحقوق وضباط الجيش المقربين، وبين دفع الاقتصاد السوري الى الامام هو احد التحديات المعقدة التي يقف امامها الاقتصاد. تحدٍ معقد لدرجة انه قرر تأجيل التوقيع على اتفاق المشاركة مع الاتحاد الاوروبي (اتفاق التعاون المفضل الذي يتضمن ضمن امور اخرى منطقة تجارة حرية). وحذر مقربو الرئيس من أن الاتفاق من شأنه أن يمس بالاحتكاريين وذلك لانه سيزيل قسما هاما من الحماية التجارية.

 

 

نزعت عن سياقها

يحتمل أن يبدأ بعض من اعضاء العائلة الحاكمة في سوريا في تطبيق التهديد الذي اطلقه الاسبوع الماضي وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في ان في الحرب القادمة سيفقد الاسد وعائلته كراسيهم. في لبنان أيضا كانت آمال كهذه. في الاسبوع الذي سبق تهديدات ليبرمان نشرت مجلة "نيو يوركر" مقابلة منحها الاسد للصحافي سيمور هيرش. وبينما تنفعل اسرائيل لاقوال الاسد عنها وعن المفاوضات معها، في بيروت وفي سور ضجوا في ضوء ملاحظته بان "في لبنان لا يمكنك ان تكون واثقا في شيء... حرب اهلية يمكنها أن تندلع هكذا، الان. شيء لن يتغير الى ان يغيروا طريقتهم".

في لبنان شخصوا وراء هذه الاقوال نية سورية لاعادة فرض النظام في لبنان. سوريا سارعت الى "التفسير" بان الامور اخرجت عن سياقها وان الاسد قصد القول انه في العالم العربي بأسره لا يمكن ان يكون استقرار في دول ينتهج فيها تقاسم طائفي للسلطة.

رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري اعلن بان التفسير السوري مقبول عليه وان ليس في نيته الدخول في مسار صدام مع سوريا، ولا سيما بعد المصالحة التاريخية بين الاثنين. ولكن من قصد الاسد حين قال "دول طائفية"؟ بالتأكيد ليس سوريا، حيث تسيطر الاقلية العلوية وواضح من هي الطائفة الهامة حقا. في لبنان عجبوا ايضا من تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي حذر من انه حتى لو تعرضت لبنان للاعتداء فستقف سوريا الى جانبها.

في هذا القول لا يوجد تجديد استراتيجي. سوريا دوما تحدثت عن "المسار المشترك" وفي الماضي شرحت بان عليها أن تتواجد في لبنان كي تكون قوة واقية. ولكن توقيت القول، في موعد قريب جدا مما قاله الاسد عن لبنان يطرح السؤال اذا لم يكن الحوار القتالي بين سوريا واسرائيل يرمي، في قسم منه على الاقل الى تهدئة الخواطر في لبنان وليس بالضرورة لتسخين الجبهة مع اسرائيل. يتبين انه يمكن للاسد ان تكون زلات لسان غير مقصودة، مثلما للوزراء في اسرائيل.

دولة مثيرة للاهتمام

التصريحات غير الحذرة من الاسد سبق أن جلبت له حردا طويلا من السعودية وغضبا من الرئيس المصري حسني مبارك، لم ينتهِ بعد. فالكلام، كما يتبين، ليس الجانب القوي لدى الرئيس السوري. في المقابلة اشار هيرش الى أن مسؤولا سوريا كبيرا قال له ان سوريا بدأت تتعاون مع السي.اي.ايه ومع إم.ايه 6 البريطاني وانه حذر الامريكيين من ان التعاون سيتوقف اذا لم يطرأ تقدم في الطرف الاخر.

البيان عن تعيين روبرت فورد سفيرا للولايات المتحدة في دمشق لا ينفصل عن هذا التعاون. كما أن واشنطن سارعت الى الطلب من اسرائيل تخفيض النبرة في الموضوع السوري. في السنة الاخيرة اصبحت سوريا "دولة مثيرة للاهتمام" في نظر الولايات المتحدة التي تحتاج الى مساعدة دمشق لمنع تدهور الوضع في العراق في السنة التي يفترض بها ان يبدأ انسحاب القوات الامريكية من هناك.

سوريا تحب مكانتها الجديدة، التي تسمح لها بان تكون شبه ابنة بيت في واشنطن، الحفاظ على تحالفها مع روسيا، الاحتفاظ برافعة ما في العراق، العناق مع النظام في تركيا، اظهار علاقتها الاستراتيجية مع ايران، ولكن في نفس الوقت المصالحة مع السعودية وكذا دفع المفاوضات مع اسرائيل الى الامام. أبدا، كما درج على القول، لم يكن الوضع السياسي لسوريا افضل. لم تحقق سوريا كل هذه الانجازات بكلتي يديها. فقد كانت اسرائيل شريكة عظيمة القيمة وسياستها في المناطق اثارت عليها تركيا بل والولايات المتحدة ايضا. عندما شعرت سوريا بان قوتها السياسية تتعاظم، فان آخر امر تحتاجه هو حرب بشكل عام ومع اسرائيل بشكل خاص.

تنمية هذه المكانة السياسية هي احدى الضمانات لبقاء النظام، الذي وجه جيدا خطاه في السنوات الخمس الماضية منذ اضطر الى الانسحاب من لبنان. هضبة الجولان هي جزء لا يتجزأ من تنمية المكانة السياسية لسوريا، ولكن المعالجة للمنطقة تنتقل الى وضعية جديدة. هذا الاسبوع جمع وزير الاعلام السوري، محسن بلال، مجموعة من 39 صحفيا سوريا في مدينة القنيطرة، لتدشين ورشة عمل لرفع الوعي عن هضبة الجولان.

في ورشة العمل، التي ستستغرق اسبوعا، سيستمع الصحافيون الى محاضرات عن تاريخ هضبة الجولان، عن اهميتها العسكرية والجيوسياسية. عن مشكلة المياه وعن "سرقة الصهاينة المنهاجية لها". وسيكتبون لموقع خاص على الانترنت عن الجولان وسيصدرون نشرة خاصة تحت شعار "الجولان في قلب سوريا والاحتلال سينتهي". ليست هذه مبادرة بالصدفة. فاذا كانت تدل على شيء فانها تدل على أن سوريا تسعى الى أن تجعل هضبة الجولان الا تكون "ذخر مهمل" مثلما كانت على مدى الـ 42 سنة الاخيرة. وان في نيتها جعلها بؤرة النقاش السياسي لتحطيم المأزق الذي علقت فيه المفاوضات مع اسرائيل. السؤال الان هو الى متى ستستمر اسرائيل في خدمة الاسد والا تعرض عليه التحديد الحقيقي: السلام مقابل هضبة الجولان.