خبر مجلس تشريعي شرعي أم غير شرعي؟! .. ياسر الزعاترة

الساعة 03:28 م|09 فبراير 2010

بقلم: ياسر الزعاترة

يبدو وضع نواب المجلس التشريعي من حركة حماس في الضفة الغربية مثيرا للشفقة والقهر في آن ، فهم يتشبثون اليوم بشرعية مجلسهم العتيد في مواجهة المشككين بها ، مستندين "قانونيا" إلى نص يعتبره قائما حتى يؤدي أعضاء المجلس الجديد قسمهم الدستوري.

نواب حماس في الضفة ، تماما كما هو حال وزرائها لم يحصدوا من عضويتهم في المجلس العتيد غير الاعتقال ، فقد دخلوا جميعا السجون بعد شهور من فوزهم (لا زال بعضهم فيها) ، ولم يخرج أكثرهم إلا منذ شهور قليلة ، فيما لم تكن عائلاتهم بمنأى عن حملة القمع والتنكيل على يد السلطة خلال اعتقالهم وبعد الإفراج عنهم ، وها هو شيخ جليل بحجم النائب الشيخ حامد البيتاوي ، خطيب المسجد الأقصى ، وأحد أشهر علماء فلسطين ، لا يتمكن من تأمين الإفراج عن ابنه (المهندس فضل) المعتقل منذ خمسة شهور في سجون السلطة ، فيما كان له شقيق آخر قيد الاعتقال ، فضلا عن أبناء نواب آخرين لا ندري من خرج منهم من المعتقل ومن بقي ، فقد باتت متابعة هذا المسلسل عسيرة إلى حد كبير.

قبل أيام وقع الاعتداء على أحد نواب حماس في الخليل ، وبعد ذلك طورد موظفو مكتب رئيس المجلس وأمين سره ، واعتقلوا ثم أفرج عنهم ، فيما يتوعد قادة الأجهزة الأمنية سائر نواب الحركة بالاعتقال بعد حسم نهاية ولاية المجلس من قبل الجهات المعنية في السلطة.

اليوم يبدو الجدل حول ولاية المجلس العتيد أمرا مثيرا للسخرية إلى حد كبير ، ومن يسمع بعض أولئك وهم يتحدثون عن الشرعيات والدساتير والقوانين ، سيظن أننا في سويسرا أو فرنسا ، وليس في مناطق محتلة يصول الاحتلال فيها ويجول ، باستثناء قطاع غزة الذي خرج منه الجيش الإسرائيلي ، فيما يحاصره من البر والبحر والجو بمساندة من الأشقاء الخائفين على السيادة والأمن القومي،،.

لقد صممت هذه السلطة بمواصفات خاصة ، وديمقراطيتها كذلك ، بدليل أن أحدا لم يشكك في شرعية المجلس التشريعي السابق الذي استمر من العام 96 وحتى انعقاد الجلسة الأولى للمجلس التالي ، شباط 2006 ، والأكثر إثارة أن الإسرائيليين كانوا يرفضون طلب ياسر عرفات بعقد انتخابات رئاسية وتشريعية ، وبالطبع لأنها ستمنحه شرعية جديدة ، بينما كانوا يضغطون من أجل تغيير القانون الأساسي للسلطة من أجل منح رئيس الوزراء صلاحيات كبيرة على حساب الرئيس ، الأمر الذي تغير سريعا عندما فازت حماس في الانتخابات ، وصار من الطبيعي أن يكون رئيس الوزراء منها ، إذ أعيدت أهم الصلاحيات (الأمن والمال والإعلام) إلى ولاية الرئيس ، فيما بقي لحماس هياكل وزارات تسيطر فتح على كل شيء فيها ، ثم يأتي من يقول لك إن فتح قد قبلت نتائج الانتخابات وسلمت السلطة لحماس (أية سلطة يا قوم؟،).

الانتخابات اليوم هي وصفة الشفاء من كل الأمراض بحسب "حكماء" الساحة الفلسطينية ، والانتخابات ستفرز مجلسا تشريعيا ، والمجلس سيفرز حكومة ، والحكومة تحتاج مصاريف ، والمصاريف تأتي من المانحين ، والإسرائيليون يسيطرون على كل شيء ، والوزراء يحتاجون بطاقات "في آي بي" لكي يتحركوا.

متوالية لا صلة لها بالتحرر ولا بالتحرير ، بل صاغها عقل شيطان إسرائيلي ، لكي يحوّل حركة التحرر إلى حزب سلطة خاضع للاحتلال ينتظر عطاياه ولا يمكنه التمرد عليه ، وعندما حاول عرفات التمرد كانت نهايته المعروفة بعدما عجزوا عن تركيعه من خلال الفريق الذي ورثه بعد قتله.

الانتخابات يا سادة ليست وصفة تحرر ، بل وصفة تكريس لمسار المفاوضات التي جُرّبت زمنا طويلا بلا جدوى ، ومن أراد المقاومة والتحرير ، فلن ينتظر إذن المحتلين لكي يتحرك ويسافر ويستثمر.

لقد قلنا وسنظل نقول إن دخول حماس الانتخابات كان خطأ في الاجتهاد ، واستمرار الساحة الفلسطينية في الحديث عنها (أي الانتخابات) كمسار حل هو خطأ أكبر ، ولا بد من قلب الطاولة في وجه هذا المسار برمته ، وإعادة القضية إلى مسارها كقضية تحرر ، لا قضية سلطة ورواتب.