خبر عطا مناع يكتب : فلسطين: صاحبة الجلالة في ذمة اللةالمشاركة

الساعة 09:00 م|08 فبراير 2010

عطا مناع يكتب : فلسطين: صاحبة الجلالة في ذمة اللةالمشاركة

 

لو قدر لقاعه "سليم أفندي" أن تحكي حقيقة ما جرى بتاريخ 5و6-2 2010 لقالت العجب العجاب، فهي الشاهد الصادق على تفاصيل التفاصيل "لانتخابات" نقابة الصحافيين الفلسطينيين، تلك الانتخابات التي طال انتظارها بعد أكثر من 10سنوات عجاف أتت على الأخضر قبل اليابس ودفعت بالمهنة وأصحابها للقاع.

 

وقبل أن أضعكم في صورة مشاهدتي لا بد أن أتقدم للزملاء الصحفيين الذين"فازوا" في الانتخابات بالمباركة لان غالبيتهم أصحاب رأي وقلم صادق وغيورين على المهنة وأصحابها وجادين في الوصول إلى طريق الخلاص من حقبة أتسمت بالفهلوة في بداياتها ونهاياتها، لذلك أسجل المشاهدات التالية.

 

قبل الانتخابات

لقد قادت نخبة من المجلس السابق شعار الإصلاح والمحاسبة، وهذا أدى إلى انقسام في مجلس النقابة.

 

احتدم الخلاف بين النقيب السابق نعيم الطوباسي ومن حمل لواء الإصلاح، وبدأت عملية تشهير وتشهير مضادة لم تشهد لها النقابة مثيلاً.

 

كان الخلاف على العضوية ومن هو الصحفي في ظل أن أي مواطن يستطيع الحصول على بطاقة النقابة مقابل 100 شيكل"وبدون وصل استلام"

 

هذا الحراك طرح أسئلة كثيرة عن ميزانية النقابة"2"مليون دولار، ولعدم وجود أجوبة اتهموا الطوباسي بسوء الائتمان عند النائب العام.

 

كانت تلك الفترة ذهبية في حياة النقابة فتميزت بالمكاشفة والشفافية على وسائل الأعلام، وكان الوعد بوضع النقاط على الحروف وملاحقة الفساد"إن وجد".

 

بقدرة قادر أغلقت كل الملفات وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح، وعقدت الصفقة مع النقيب السابق بوعد الحصول على منصب وكيل في وزارة الأعلام مقابل عدم ترشيح نفسه.

 

هذه الخطوة جاءت بعد اختلاط الحابل بالنابل وانتهاء حرب التنسيبات للنقابة.

 

الانتخابات على مرمى حجر

 

قبيل الانتخابات شهدت رام اللة حركة حجيج غير مسبوقة لشيوخ الفصائل الفلسطينية الذين ربطو الليل بالنهار لإنجاز المهمة ألا وهي الانتخابات، وكان الصحافيون يراقبون من بعيد المؤتمرات والاجتماعات والتفاعلات الخاصة والعامة، والحوارت التي تهدف تقسيم الكعكة، وقد جرى هذا الحراك بعيداً عن التفاعلات والفوضى التي عاشتها النقابة وتستدعي الوقفة الجادة والعلاج، وبالتحديد قضية العضوية، لكن الأمور بقيت على حالها حتى يوم الانتخابات.

 

"العرس" الانتخابي

 

توجهنا إلى رام اللة، عاصمة الطبخات الجاهزة، كانت مهمتنا أن نجلس ونستمع لحفلة الكلمات والتفاخر بعرسنا الديمقراطي، وكان أول من امتشق الميكرفون السيد نعيم الطوباسي الذي طلب من احد المرشحين قيادة الحفل، وكان الإخفاق الأول.

 

بعد مضي عدة ساعات انتهت الكلمات وكان المساء قد حًل لتبدأ أعمال المؤتمر في ظل غياب معظم الصحفيين بعد تسريب معلومة بان الانتخابات قد أجلت.

 

جاء دور النقيب الذي تحدث عن الانقسام والشهداء ونضاله لإعلاء الصحافيين الفلسطينيين وصحافتهم في المحافل الدولية، وبالطبع مجد وشكر وانتقد الصحافيين لعدم التفافهم حول نقابتهم، وبعد ساعة بالتمام والكمال تطرق للتقريرين المالي والإداري.

 

في دقيقتين اختصر الطوباسي 10 سنوات من حياه النقابة، كما اختصر ما يقارب 2 مليون دولار بخمسة بنود وبسرعة الضوء اذكر منها الرواتب وفواتير الكهرباء ومتفرقات وأجرة مكتب، وفي النهاية كانت التركة أكثر من 200 ألف دولار ديون، ومن لا يصدق ليذهب إلى مدقق الحسابات.

 

طلب الجالسون على المنصة الاعتراض إذا وجد فلم يتقدم احد، وكانت مجموعة شبابية في القاعة جاهزة للتصفيق والهتاف لنعيم الطوباسي الذي غادر الجلسة فوراً.

 

فصائل م.ت.ف

 

في اليوم الأول عاشت فصائل منظمة التحرير خلافا حول العضوية والنظام الداخلي ودورة المجلس القادم، فوقفت الجبهة الشعبية وحزب الشعب موقف المعارض مقابل حركة فتح وبقية الفصائل الفلسطينية لكن سرعات ما حل الخلاف بتجاوز مطالب المعارضة وتقسيم المجلس الموسع"63" بما يرضي الجميع وكفى الله المؤمنين شر الخلاف.

 

لحظه التتويج

بحضور قليل نوقش النظام الداخلي وعدلت عده نقاط ووضع النظام عهدة لدى المجلس المنتخب.

تم تجاوز العضوية ورحلت للمجلس المنتخب" هذا يعني أن الانتخابات تمت بدون تدقيق في العضوية"

 

أنا أعرف واحد على الأقل عين في الكتلة الموحد وهو غير صحفي" ممثل عن فصيل سياسي".

 

لقد فرضوا على الحضور"وبالتصويت" حرية انتخاب القائمة الموحدة بعيداً عن المرشحين الآخرين، وكان هذا تجاوزاً للأعراف لان الترشيح والانتخاب يتم بشكل شخصي، قالوا من يريد أن ينتخب قائمة منظمة التحرير له ذلك ومن يريد الدمج من الآخرين له الحرية، وكأن الآخرين نبته شيطانية.

 

شهدت القاعة حالة من الحراك فرفعوا الجلسة لمدة 30 دقيقة، أنا كنت مع الكتلة الأخرى التي تدفع باتجاه تعزيز المهنية في نقابة الصحافيين، وتم الاتفاق على الانسحاب إذا ثبت نظام انتخاب القائمة، انسحب بعضنا وبقي البعض الآخر وله ذلك.

 

الملهاة أن الزملاء المنسحبين وأنا منهم بقيت أسمائهم وأدرجوا كمرشحين وحصلوا على أصوات رغم أن بعضهم غادر القاعة ولم يشارك في الانتخابات.

 

لقد نقلتنا الانتخابات من الدلف إلى المزراب، ليس على صعيد من فاز بها، فكل الاحترام للصحفيين الحقيقيين الذين باتوا يمثلوننا، لكن تداعيات ما جرى في رام اللة سينكعس على واقع الحركة الصحفية الفلسطينية، فهم أوجدوا المبرر لظهور أجسام انشقاقية لم نكن يصددها، وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية تتحمل العواقب، لأنها مارست سياسة كم الأفواه على الصحفيين باسم الأغلبية والديمقراطية، وهم بذلك صادروا وسطوا على الدور المهني للنقابة التي عانت من افرازاتهم لسنوات.

 

هي ليست انتخابات ديمقراطية، هي تزكية لمجموعة تمثل الفصائل، وللأسف بعض الفصائل أسقطت من حساباتها الجانب الأخلاقي فرشحت أشخاصا لا علاقة لهم بالصحافة وهم بذلك يضعون مسماراً في نعش صاحبة الجلالة التي أتمنى أن لا تكون في ذمة الله.