خبر في هرتسليا أسست فلسطين.. معاريف

الساعة 09:39 ص|05 فبراير 2010

بقلم: بن كاسبيت

رئيس الوزراء سلام فياض قدم الى هرتسليا في يوم الثلاثاء. هو اعتقد بأنه سيشارك في مجموعات النقاش ولم يعد خطابا بالمرة. فجأة وجد نفسه وهو يلقي "خطاب هرتسليا الفلسطيني". فياض لم يصب بالبلبة. هو ليس بالمغفل. بانجليزية طليقة وان كانت غير مفهومة تقريبا (فياض ذو لكنة ثقيلة) قام ببسط رؤيته: دولة فلسطينية خلال عامين. فوق كل الارض. بما في ذلك شرقي القدس. هذا كل شيء. في هرتسليا وعلى مسافة مئات قليلة من الامتار من شخصية صانع الدولة الذي ينظر الى ساحل البحر أسس فياض فلسطين.

قبل عدة سنوات عندما ظهر في اجواء الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني لم يأخذه احد على محمل الجد، ولكن فياض الرجل الرمادي العنيد عمل بجدية ضد كافة الاحتمالات والعصابات ونجح. اليوم هو يعتبر تهديدا ملموسا جدا لاستمرار الوضع القائم. خطته طرحت وهي تراكم القوة والامريكيون يرون به نوعا من المخلص اما الاوروبيون فيعلقون عليه الآمال، والامر الاهم: الوضع على الارض قد تغير بصورة دراماتيكية. بعد عامين كما يأمل ستستكمل الاصلاحات وسيعلن عن دولة ضمن حدود حزيران 1967.

ولان هناك اجماعا حول حل الدولتين في العالم كله، بما في ذلك حول الخط الاخضر فقد تجد اسرائيل نفسها في مواجهة قرار مجلس الامن الذي يتبنى الاعلان الفلسطيني ومن دون فيتو امريكي. فما الذي سنفعله حينئذ؟

بين قائدين

في صبيحة اليوم التالي جاء الى هرتسليا رئيس الوزراء الاسرائيلي. خطابه ايضا كان جيدا فهو يعرف كيف يلقي الخطابات (في ذات الصباح القى امام الكنيست خطابا رائعا قبالة بيرلسكوني). بيبي تحدث عن التربية والتعليم وعن الرؤية ولم يتطرق تقريبا لصغائر الامور السياسية باستثناء البشارة باحتمالية وجود امكانية لاستئناف المفاوضات خلال عدة أشهر من الان. وربما كان ما يقصده عموما المفاوضات غير المباشرة للوساطة الامريكية. تصفيق. حقا انه لانجاز تاريخي.

الفرق الاساسي بين فياض ونتنياهو باستثناء ان احدهما يمتلك دولة والاخر لا يمتلكها بعد، هو ان فياض يعرف بالضبط ما الذي يريده. نتنياهو – كما يستدل من سلوكه – لا يعرف. كل ما يريده بيبي نتنياهو هو الحفاظ على البقاء لمدة أطول. يريد الوصول الى نهاية الاسبوع بسلام من دون فضيحة جديدة. هو يبيع لشمعون بيرس رؤية أخرى، اما لفني وبوغي وروبي فيحصلان منه على رؤية ثانية. مع الامريكيين تجده هنا ومع المستوطنين هناك. بيد واحدة يقتلع وبالاخرى يغرس. لا هدفا ولا سياسة ولا شجاعة للقيام بالامر او بنقيضه.

من حيث التعريف نتنياهو هو قائد اليمين. هذا التعريف يصمد الى يوم الانتخابات. وفي صبيحة اليوم التالي يصبح رجل الوسط. يشيح بناظريه لليسار يجس النبض ولكن بخوف وخشية. الشعور هو ان كل ما يريده هو ان لا يحدث اي شيء. ليتركوه لحاله. المسألة هي ان الهدوء أمر غير جيد. من يعتقد ان الفراغ سيبقى فارغا مخطىء وواهم. سلام فياض هو الرجل الذي يبرهن عن ذلك الان. جاء الى هرتسليا بشجاعة رغم الانتقادات الداخلية السخيفة من الجهات السياسية التي صرخت بأن هذا مؤتمرا "من اجل مناعة وأمن اسرائيل" فياض يعرف ان هذا مؤتمر اكاديمي مفتوح وقد قال فيه باللغة الانجليزية نفس الكلمات التي يقولها بالعربية في رام الله ونابس. هو يتحدث بلغة واحدة فقط وهي لغة فياض. قبالة كل واحد وفي كل مكان. هو عكس نتنياهو بالضبط.

المهم هو الائتلاف

الى جانب الشجاع (فياض) والخائف (نتنياهو) هناك لاعب آخر. اليكم المحلل. هو يشغل منصب وزير الدفاع في دولة اسرائيل. يلقي خطابا هنا ويتحدث هناك يحذر ويهدد. عدم تقسيم البلاد كما يقول باراك هو تهديد وجودي وعدم التوصل الى تسوية سلمية مع سوريا كما يحذر يعني اندلاع حرب شاملة. وبعدها سنعود الى طاولة المفاوضات ونتحدث عن نفس الامور وبنفس الشروط بالضبط.

يطرح السؤال لماذا يتواجد باراك هناك؟ بالنسبة للقضية الفلسطينية هذا مفهوم، وحتى في القضية السورية الحساسة الى حد كبير هو ليس قادر على اعطاء اي شيء. وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال بالامس بأن الحرب القادمة ستصل الى كل مدن اسرائيل. هو محق فيما يقوله. لا مزيد من اصوات الانفجارات المبهمة في اطراف هضبة الجولان. اسرائيل كلها ستكون عرضة للصواريخ الثقيلة والدقيقة. بعد المعلم تحدث الرئيس بشار الاسد بصوته ولقب اسرائيل بـ "العربيد الاقليمي" وحذر من اندلاع الحرب. التاريخ يعلمنا انه في كل مرة حذرنا فيها قادة الدول العربية من الحرب، اندلعت تلك الحرب. وفي كل مرة كان فيها الجمود جاء الانفجار في المرحلة التالية. اذن لماذا يتوجب انتظار الانفجار؟ حكومة نتنياهو تراوح فوق كراسيها خوفا وتضيع الوقت.

هذا بالمناسبة في احسن الاحوال. لانه هناك افيغدور ليبرمان القديم والطيب دائما الذي ينفخ الروح في الجمر المتوقد ويشعل النار الكبرى كما فعل بالامس مع الاسد في صرعته الاخيرة: "ان اندلعت الحرب فان عائلتك ستفقد الحكم" حذر ليبرمان بصوت كبير. أحقا. لدينا رجل يا جماعة. وان فقدت عائلة الاسد الحكم يا سيد ايفيت فما الذي سيحدث؟ ربما تتحول سوريا ايضا (بعد العراق) الى دولة اسلامية متطرفة؟ وربما يسيطر الايرانيون عليها؟ وربما سيعمق الشيعة تغلغلهم؟ وربما حينئذ سنشتاق للاسد كما نشتاق اليوم لامور كثيرة جدا صرفنا عليها طاقات لا تنتهي للتخلص منها؟ ألا تدرك يا سيدي وزير الخارجية مدى اهمية بقاء سوريا كدولة علمانية واقعية مستقرة ذات حدود هادئة جدا معنا منذ 27 عاما وان كل تسوية معها تنفذ حتى آخر فقرة؟ أكنت ستقول لانور السادات ايضا نفس الكلمات لو هدد بالحرب؟ لقد قلناها كما تعلم. هذا بالضبط ما قلناه في حينه ولكن ما الذي حدث بعدئذ؟ اعدنا لهم سيناء ولكن ليس قبل ان ندفن 2700 شابا يافعا من شباننا. فهل انت معني بسقوط الحكم في مصر ايضا؟ ربما من الافضل هناك ايضا ان يدير الاخوان المسلمون شؤون الدولة؟

بنيامين نتنياهو قال لاحد ما ذات مرة في محادثة خاصة (في فترة خروجه من المعترك السياسي) انك ان سمعت ذات يوم ان تحالفنا الاستراتيجي مع الاتراك سيتزعزع فعليك ان تعلم ان الوقت قد حان لجمع المتاع والفرار. هذا ليس اقتباسا دقيقا ومن المعتقد ان نتنياهو قد افرط في كلامه ولكن المبدأ واضح. اذن ها هو يشرف على حكومة تحول تركيا اليوم من حليف استراتيجي الى خصم لدود. رويدا رويدا ولكن بصورة مؤكدة. صحيح ان كلمات اردوغان الفارغة تدفع الدم للغليان في العروق ولكن على الراشد الذي يتحلى بالمسؤولية ان يعرف كيف يغضب بهدوء وان يقوم بالامور الصحيحة من اجل مصلحة الامن القومي. نتنياهو على ما يبدو ليس راشدا ولا يتحلى بالمسؤولية. كل ما  تفعله حكومته حتى الان هو مواصلة مبيعات التصفية للديمقراطية الاسرائيلية لصالح الاصوليين عموما وشاس على وجه الخصوص.

 يسرائيل كاتس يقوم بالمصادقة على خطوط الحلال ويوسعون صلاحيات المحاكم الحاخامية ويعتقلون امرأة تتجرأ على وضع عتاد الصلاة في حائط المبكى ويطردون العمال الاجانب بيد مستوردين آخرين باليد الاخرى، المهم ان تواصل شركات القوى العاملة الازدهار لتدع تيارات التعليم الاصولي تنمو على حسابنا بينما يواصل التعليم الرسمي العام عندنا تراجعه. بعد حين من الوقت سيكون اغلبية تلاميذ الصف الاول غير صهاينة. فما أهمية ذلك؟ لا شيء لان المهم هو بقاء الائتلاف.

ماذا يحصل في كاديما في هذه الاثناء

بمناسبة ذكر الائتلاف: من يعتقد ان الهدوء يسود في كاديما عليه ان يعيد التفكير في اعتقاده. شاؤول موفاز يعمل. يحفر بهدوء واستمرارية. هو قد أدرك أن الانتخابات التمهيدية لن تحدث قريبا وربما لن يصل الامر الى هناك. بامكانه في كل لحظة ان يبلور السباعية السرية وزيادتها الى ثمانية او تسعة وينشق عن كاديما. لكنه يخاف من الاقدام على ذلك وهو محق في خوفه. الخطوة التي يعكف موفاز عليها هي خطوة اكبر من ذلك بكثير: هو يريد السيطرة على كاديما من الداخل. لا سباعية ولا ثمانية. ان نجح فقط باقناع 14 عضو كنيست من الحركة بتأييد خطوته فسيتمكن بكل بساطة من طرد لفني واخذ الحزب الى أي مكان يريده (الحكومة).

التقدير هو ان تحركات موفاز في هذا الاتجاه يجب ان تكون منسقة مع نتنياهو ولكن ليس بهذا التقدير في هذه المرحلة أساس على الارض. مساعي موفاز تتمحور الان في كاديما حيث يجري اتصالات محمومة مع الكثيرين ومن بينهم كبار قادة الحركة. وفقا لعدة مصادر بعض هؤلاء المسؤولين الكبار يمارسون عليه الضغوط في محاولة لاقناعه للقيام بالخطوة. وعند اللحظة التي ستصبح فيها لديه اغلبية من اعضاء الكنيست ستصبح كاديما برسم أملاكه وسينتقل التمويل اليه بينما تبقى لفني وحدها في الصحراء السياسية مع حاييم رامون. المسألة هي ان موفاز لا يمتلك الاغلبية المطلوبة حتى الان. مئير شتريت وبعد تردد غير بسيط بقي مع لفني التي دعت نفسها (مع زوجها) للحلول ضيفة على عائلة شتريت في يفنه. آفي ديختر ايضا الذي يصمم على خوض المنافسة في الانتخابات التمهيدية ليس هناك بعد. لان ذلك  لا يقول ان بامكان لفني ان تنام ليلها بهدوء. لديها مشكلة صعبة آخذة في التزايد مع الوقت وليس العكس. هي فقدت ثقتها بنفسها اضطرت لخوض معركة بقاء يائسة من باب الى باب (لاعضاء الكنيست) السياسة الاسرائيلية في حالة انفراط شاملة. ايهود باراك يحول حزب العمل الى رماد، والان ايضا ها هي يولي تامير تغادر صفوفه حيث سيبقى في آخر المطاف مع شيلي يحيموفيتش وبوغي هرتسوغ. وفي المعارضة ايضا يتضح انه لا يمكن الجلوس بهدوء. الجميع تقريبا يريدون كرسيا من جلد الظبي وسيارة حكومية وسائقا وديوانا. افكار؟ ايديولوجيا؟ بديل؟ ليس هناك كائنا كهذا.

ضربة اخرى لبيبي

البشارة الاشد صعوبة التي يمكن لبيبي ان يتلقاها في هذا الاسبوع هي تعيين نفتالي بانيت لمنصب مدير عام مجلس "يشع" (يهودا والسامرة وغزة). بانيت كان مدير ديوان نتنياهو واستقال غاضبا قبل عامين. تعيينه لهذا المنصب اصاب ديوان نتنياهو بالذهول التام. كل الضالعين بالامر حاولوا الابقاء على هذا التعيين سرا حتى تستكمل الخطوة والسبب من وراء ذلك يعود الى خشيتهم من قيام اطراف اخرى بتخريب ذلك. مثلما حدث عندما قامت اطراف مجهولة في حاشية نتنياهو بعرقلة تعيين بانيت قبل اقل عام لمنصب مدير طاقم موشيه يعلون ولذلك كان بامكانهم ان يقوموا بخطوات الان ضده رغم انه من اكثر الاشخاص الرائعين والموهوبين الذين اداروا ديوان نتنياهو في اية مرة من المرات.

وصول بانيت الان الى مجلس "يشع" هو بشارة سيئة جدا لنتنياهو وسيكون بالنسبة لبيبي رئيس المعارضة الحقيقي. هو يعرف بيبي جيدا ويعرف كيف يقرأه ككتاب مفتوح. لبانيت خطة عمل دقيقة وانقلابية وهو ينوي بذل قصارى جهده وماله في امريكا تحديا لمحاولة لاحداث التغيير هناك والذي سيتغلغل الى هنا بعد ذلك. لديه قدرات ولديه رؤية وقد ترجم هذه الصفات الى مال كثير جدا ونجاج مهني. الان سيحاول ترجمة ذلك الى سياسة. ان شاح نتنياهو بنظره لليسار فسيجد بانيت على رأس الحربة قبالته. حاشية نتنياهو تدرك ذلك جيدا.

من المشروع خوض الجدل

في الاسبوع الماضي طرحت هنا تقرير حركة "ان اردتم" بصدد "صندوق اسرائيل الجديد". هذه  الحكاية اثارت اصداء  ووصلت الى الكنيست الذي قرر بدوره اجراء تحقيق في القضية بواسطة لجنة فرعية متشعبة عن لجنة الدستور وتسببت بجدالات كثيرة في وسائل الاعلام. خلال هذا الاسبوع اتصل بي عدد غير قليل من صناع القرارات وزراء واعضاء كنيست وكذلك رؤساء منظمات جماهيرية. حاولوا ان يفهموا مني ما الذي يتوجب فعله الان وكيف يواجهون مثل هذه المسألة غير البسيطة. لم يكن لدي ما أقوله لهم لانني انا ايضا في حالة ارتباك. من جهة يوجد لهذا الصندوق نشاطات مباركة كثيرة في المجال الاجتماعي بما في ذلك المنظمة التي وصلت منها تلك المرأة التي غطت نفسها بغطاء الصلاة في حائط المبكى. انا اتضامن مع قسم كبير من هذه الكفاحات حول حقوق العاملين وحقوق المرأة والعمال الاجانب وغيرها الكثير. من الناحية الاخرى ما توصلت اليه جمعية "ان اردتم" هو أمر مقلق. اثر ذلك تدفقت الي في الاسبوع الاخير شهادات جديدة تبرهن ان هناك شيئا غير سليم. وان احدا ما هناك قد اصيب بالبلبة. او ان الاسوأ من ذلك ان هناك من يغلف بضاعة ذات اشكالية غير قليلة بغلاف براق مفتخر.

اليكم حكاية صغيرة: اتصل شاب كان مستشارا اعلاميا لاحدى المؤسسات التي حصلت على الدعم من "صندوق اسرائيل الجديد" هو يقطن في شمالي البلاد متزوج وأب لطفلين. بعد شهر من حرب لبنان الثانية عقدت جلسة لطاقم تلك المنظمة. تحدثوا هناك حول امور سياسية فقال "بالنسبة لي يقتل مائة طفل لبناني على أن لا تصاب ابنتي بالضرر او ابنة اي واحد من الجالسين في هذه الغرفة".

ربما كانت هذه الجملة مثيرة للاشكال ولكن عندما قيلت بعد اكثر من شهر من القصف المكثف على شمالي البلاد حيث لم يكن احد يعرف ان كان هو او ابناءه سينهضون في الصباح بين الانقاض او انهم لن ينهضوا بالمرة كان من الممكن فهم هذه العبارات. ما الذي فعله الاصدقاء في "صندوق اسرائيل الجديد"؟ في نفس اليوم كما يقول هذا اليوم اخرجوه في اجازة قسرية وبعد شهر فصلوه من العمل. هذا نموذج صغير من خلال حكايات كثيرة تدفقت في هذا الاسبوع. مشكلتي مع "صندوق اسرائيل الجديد" انهم يخفون عدم تسامحهم الشديد رغم شعار حرية التعبير وحرية الانتقاد الذي يرفعونه عاليا.

يوجد لـ "صندوق اسرائيل الجديد" ذاك انصار كثيرون في وسائل الاعلام ربما كثيرون جدا. هم اغرقوا هذه الوسائل بالمقالات بما في ذلك هذه الصحيفة. ما الذي لم يكتبوه ولم يقولوه؟ وكأنني اخفيت عن الجمهور حقيقة ان رونين شوفال مؤسس حركة "ان اردتم" هو في الواقع احد نشطاء البرتقاليين الذي تظاهر ضد فك الارتباط. حقا كيف تجرأت على اخفاء هذا عن الجمهور. وعندما كتبت ان حركته هذه حركة وسطية لا برلمانية. اليكم معلومة توضيحية: تعريف حركة "ان اردتم" اقتبس عن منشوراتها مثلما اقتبست تعريف "صندوق اسرائيل الجديد" من موقعها على الانترنت. وعن قصد طرحت تعريف الحركتين بنفسيهما. بالنسبة لفك الارتباط: انا اقول لكل من اصيب بالحيرة ان من الواجب ان نذكر ان فك الارتباط قد فشل فشلا هائلا وانه انفجر في وجهنا وحول حماس الى حاكم لشعب  الفلسطيني في غزة ومنح جائزة للارهاب وأسس في غزة فرعا ايرانيا وزاد من قوة الارهاب وقدراته وبرهن مرة اخرى على ان اسرائيل لا تفهم الا لغة القوة. ولذلك كل من تظاهر ضد فك الارتباط لا يتحول على الاقل حسب رأيي الى شخص مارق لا يتوجب أخذ رأيه بالحسبان بل انه شخصا استطاع التنبؤ بالمولود الآتي. هذا خلافا لعباقرة كثيرين اخرين بما فيهم انا الذين ساروا كالمخدرين وراء انغام شارون.

عدا عن ذلك ان رونين شوفال كان في الرابعة والعشرين من عمره في فترة فك الارتباط وقد شارك في الواقع في جزء من النشاطات ضد هذه الخطوة وقد ندم منذئذ. اجريت معه هذا الاسبوع جدلا شديدا حيث يقول ان فك الارتباط قد نجح بينما اقول انا انه قد فشل. كل هذا ليس ذي صلة بالامر. حقيقة انهم يحاولون الان اعتبارنا هدفا بسبب هذه المسألة توضح لي اكثر من أي شيء آخر كيف وصل اليسار الى ما وصله (الى اللامكان) ولماذا يوجد لميرتس اليوم ثلاثة مقاعد في الكنيست بدلا من 13.

لعلمي اصحاب "صندوق اسرائيل الجديد": هناك في اسرائيل يعتقدون ان الاحتلال سيء وان من الواجب اقامة دولة فلسطينية وان جنيف هو اتفاق جيد لاسرائيل وان حقوق الانسان قيمة عليا حقا وان من المحظور طرد ابناء العمال الاجانب وان تعاملنا مع اللاجئين مثير للصدقة وان شاس تدمر هنا كل أمر خير وان على النساء ان يغطين انفسهن برداء الصلاة في حائط المبكى. وبنفس المقياس يعتقد هؤلاء الناس ان الصهيونية امر جيد واننا على حق وانه بعد سبع سنوات من اطلاق الصواريخ على الاطفال يسمح للجيش الاسرائيلي بالدخول الى غزة وفعل هناك ما يفعله الامريكيون والبريطانيون والروس في اماكن مشابهة (وان لم يكونوا قد قصفوا لندن او واشنطن من تلك المناطق).

الخط الاحمر حسب رأيي هو التشكيك بشرعية الدولة اليهودية وتحويل اسرائيل الدولة اليهودية الوحيدة لدولة مارقة وجنودها الى طغاة. هذه المسألة تحتاج نقاشا شعبيا ومن الخسارة انه يتحول هنا كالعادة الى معركة تشويه للسمعة. قلت لشوفال ان الحملة ضد البروفيسورة نعومي حزان بلا جدوى حسب رأيي وتحويلها الى هدف يضيع جوهر الامر ويتسبب بمقاومة تناحرية لا داعي لها. عدا عن ذلك يمكن القول ان الجدل موضوعي وضروري وسيكون من الجيد ان نخوضه بصورة موضوعية.