خبر نفير في غير أوانه!توفيق وصفي

الساعة 06:08 م|04 فبراير 2010

نفير في غير أوانه! .. توفيق وصفي

بإيجاز شديد، تحتاج نقابة الصحافيين الفلسطينيين إلى إعادة بناء شاملة، تبدأ بقراءة جريئة للضرورة النقابية والحاجة السياسية لهذا الجسد، الذي هو في الأصل إحدى أذرع (م.ت.ف)، وانظروا إلى هذه الذراع الآن، لم يبق منها إلا الكُمّ البالي الذي يستر نحولَها وندوبها وقتامةَ عروقها، لكنها لا تقدم ولا تؤخر منذ نحو عقدين من الزمان، سوى تأكيد ارتباطها بالجسد الفلسطيني الممزق، دون أن يكترث القائمون عليها بغياب أي رباط بين أعضائها وقياداتهم النقابية الهرمة..

 قدرٌ يُفترض أن يخجل الكهول المتصابون من معاندته، فيقرّون بأنهم لم يفعلوا شيئا للصغار، سوى توريثهم بعد عمر طويل "لا قدّر الله" الضحالة والعناد وعشق السطحية والتبعية التي هم عليها، ألا تباً لنا ولأبنائنا إن لم نحثهم على احترام الذات المهنية والشخصية، وإدراك ضرورة التجديد، ليس فقط في الوجوه والأعمار، بل في جدية الأفكار وجِدّتها، لبلوغ مدى آخر يُقرّبنا ويُقربهم من تخوم الحرية!.

لا تعنيني انتخابات 5/2 إن تمَّت، "فيالله حُسن الختام"، ما يعنيني مشهدُ تشظّي هذه النقابة، التي تمتد جذورها إلى زمن الرجال "المُعلّمين"، غسان كنفاني وكمال ناصر وماجد أبو شرار وحنا مقبل ومحمود درويش، وغيرهم كثيرون شهداء وأحياء مَنحوا أكثر من جيل من الصحافيين والكتاب الفلسطينيين الشجاعة والثقة لارتقاء سلم الكفاح الوطني والمهني، بحماسة واندفاع ليسا أقل من المقاتلين الأبطال، برومانسية العشاق وعنفوان الشعراء وجنونهم، فامتزجت دماء ناصر بدماء عدوان والنجار، كما امتزجت دماء كنفاني بدماء ابنة شقيقته لميس..

 ولا يعنيني في هذا الشأن رضا غزة أو رام الله، بل يعنيني ألا تتحول هذه اليافطة إلى جسم مشكوك في شرعيته، حتى لو مُهرت بأختام الشرعيات والمرجعيات كافة، فثمة مئات الصحافيين "غصبن عن اللي مش عاجبه" محرومون من المشاركة في عضوية النقابة، وما كان ينفع "أيام زمان" لا ينفع الآن، ثمة نحو نصف قرن من التجربة، تَغيَّر خلالها الجسم الصحافي والإعلامي عموما، وثمة متطلبات نقابية يدركها الصحافيون العاملون أكثر من سواهم، حتى لو كان بين الأخيرين النقيب نفسه، ما دام لم يمارس المهنة منذ أكثر من عقد، عدا تباين الهموم المهنية والنقابية بين العاملين في مهنة الصحافة، بعد تشعبها إلى مهن عديدة، واتساع القاعدة البشرية لها في القطاعات الحكومية والحزبية والأهلية والخاصة!.

المصيبة الآن أن تجري الانتخابات في الموعد المحتوم في الضفة من دون غزة، أو معها لو تم ترتيب إجراءات خاصة لمشاركتها، فالحال أن مئات من الصحافيين في القطاع غير منسبين، ولا أدري كم في الضفة مثلهم، رغم أن كثيرين منهم يستحقون العضوية، كما أن عشرات من الأعضاء السابقين لن يشاركوا، احتجاجاً على "الصربعة" على عقد الانتخابات كيفما اتفق، ما قد يدفع بالكتل الصحافية المختلفة إلى البحث عن تمثيل نقابي لهؤلاء المحرومين، حتى لو حُرموا من الاعتراف العربي والدولي بهم، فهذا لن يُغطّى بمزاعم واتهامات عمياء، كالقول إنها تحركات انشقاقية، أو لدوافع سياسية، إذ سيدرك النقابيون العرب والأجانب أن ثمة أزمة لا يمكن تجاهلها، فعدد المحتجين ليس مجرد عشرات..

 قد تكون دعوة ايدن وايت الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين مخرجاً مناسباً للحريصين على النقابة، خُلاصتها تأجيل الانتخابات بهدف الإعداد الجيد لها، في تلميح صريح إلى أن نفير معركة الانتخابات قد أُطلق في وقت غير مناسب!.