خبر المرأة العاملة .. معاناةٌ لا تنتهي لتحقيق الأحلام

الساعة 10:44 ص|27 يناير 2010

فلسطين اليوم : غزة

بين حلم بملامسة آفاق النجاح وتحقيق الذات، ومعاناة لا تنتهي كأم وزوجة وعاملة، تعيش المرأة في أيامنا، تقف حائرة أمام خيارين أحلاهما مُر: البيت أم العمل؟.

فالمجتمع يتهم المرأة العاملة دائماً بالتقصير نحو واجباتها المنزلية، ولذلك هي تعمل جاهدة لخلق التوازن، فيما تثبت بعض الدراسات أن "الحياة المزدوجة التي تعيشها المرأة العاملة، تجعلها واثقة بنفسها وتتحمل جميع مسؤوليات المنزل والزوج والأطفال".

وتؤكد الكثير من النساء اللواتي يعملن أنهن لاحظن أثناء فترة عملهن مفارقة، مفادها أن "الطلبة المقصرين دراسياً أمهاتهم ربات بيوت".

على الجانب الآخر، تكشف فاطمة أبو معمر أنها "قررت الاستقالة من العمل من أجل أولادها وبيتها، بعد أن عملت في التدريس لبعض الوقت".

وتعزو السبب في ذلك إلى أن "المرأة تأتي من عملها متعَبة ومنهكة، فإذا نالت رضا رؤسائها تكون سعيدة وينعكس ذلك على بيتها، وإذا تعرضت لمضايقاتهم عادت مهمومة لا تطيق أحداً"، لافتة إلى أن "ضغط العمل يؤثر في حياتها ويجعلها متوترة، تهمل نفسها ولا تتقبل أي مشكلة".

بدورها، تشكو منى حمدان من أنها "لم تجد عملاً يناسبها كأم وكزوجة"، مؤكدة أن "البيت هو مملكة المرأة الحقيقية"، وأنها "تفضل أن تثبت نجاحها في بيتها لأن المرأة هي الركيزة الأساسية للبيت الصالح".

في المقابل، تؤكد منى عبد الكريم أن "من المستحيل بالنسبة إليها أن تتخلى عن موقعها الوظيفي، حتى ولو كان زوجها مليونيراً"، لافتةً إلى أن موقفها هذا ينبع من إيمانها بأن "العمل تحقيق للذات بالنسبة للمرأة".

وتضيف: "العمل لا يشكل أدنى مشكلة بالنسبة إلي، وتحديداً في ما يتعلق بواجباتي المنزلية، لكن من المهم أن تنظم المرأة وقتها، فلا تقوم بشيء على حساب آخر".

ويختلف موقف دينا – خريجة القانون - عن موقف سابقتها ذلك أنها قدمت استقالتها من العمل فور زواجها وحملها بالطفل الأول، وتؤكد أنها "لا تفكر نهائياً في العودة إلى العمل"، لافتة إلى أن "المرأة خرجت للعمل بعد تخلي الرجل عن دوره داخل الأسرة فأنهكتها التجربة".

من ناحيتها، تَعتبر الدكتورة ريما أحمد أن البيت هو "مقبرة النساء"، معتبرةً أن العمل هو "المتنفس الوحيد" لها بعيداً من نكد وصراخ الأولاد.

وأما حميدة إبراهيم، التي تعمل في القطاع الخاص، فتعرب عن اعتقادها أن "العمل لا يرحم المرأة"، وتقول: "أمضي في عملي أكثر من 7 ساعات، وهذا يشكل عبئاً عليَّ، بحيث أنني لا أجد وقتاً لرعاية الأولاد".

"مهما وصلت المرأة في وظيفتها إلى درجات، فإنها تحتاج إلى دفء البيت والحب والحنان"، هذا ما تؤكده الدكتورة دعاء يحيى، رغم تأكيدها أن الوظيفة هي "صمام أمان حقيقي بالنسبة إلى المرأة".

وتضيف: "فكرت أكثر من مرة في الاستقالة، وبالفعل تركت العمل مدة 6 شهور، لرعاية ابنتي الصغيرتين، لكنني لم احتمل فعدت للعمل في مكانٍ آخر بعد أن ضيعت فرصةً ثمينةً"، في إشارةٍ لعملها السابق.

وتلتفت د. يحيى النظر إلى أن " النجاح في العمل يكون دائماً على حساب البيت"، موضحةً أنه "إذا ذهبت المرأة إلى عملها، وهي تحمل هموم البيت والأولاد، فإن تفكيرها يصبح مشتتاً وسيؤثر ذلك في عطائها ويقلل من إنتاجها".

من ناحيتها، تجد غادة إسماعيل- التي تعمل في أحد البنوك- أن الأولويات هي التي تحدد للمرأة أيهما تختار: "البيت أم العمل".

وتقول: "أنا أفضل أن أضحي بالعمل إذا تأثر البيت، لأنني سأكون كمن تكمل مسيرة أُخرى وتبني جيلاً آخر من خلال الأبناء، وفي ذلك إسهام مجتمعي فاعل"،. لكن غادة ترفض "أن تترك المرأة عملها لمجرد أن يطلب منها زوجها ذلك، إلاّ بعد أن يقنعها بالأسباب"،. وتقول :"عملي هو مستقبلي، معه أطور نفسي، وأثبت وجودي كامرأة منتجة".

وتتحدث فاطمة المغني عن مسيرة 27 عاماً في العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية، وتقول: "تزوجت مع بدء عملي، وعندما أنجبت ابني الأكبر، كان عليَّ أن أوازن بين التجربتين: الأمومة والوظيفة، كي أثبت أن التجربة الاجتماعية هي الطريق إلى النجاح".

وتتابع: "كانت قناعتي تقول أن اختار، أعطي الأولوية للأسرة إذا وجدت نفسي يوماً عاجزة عن التوفيق بينها وبين عملي، ففي الوظيفة قد يجدون من ينوب عني، لكن أولادي لن يجدوا من ينوب عن والدتهم في تربيتهم وأمومتهم".

وتقول: "وجدت أن مضاعفة الجهد، فيما يتعلق بالأسرة والعمل، يشكل الطريق إلى الهدف".

وفي إطار تسليطنا للضوء على التأثيرات النفسية التي تعانيها المرأة نتيجة عملها، يقول الدكتور عدنان الفضلي -استشاري في الأمراض النفسية-:" إن الهدف الأساسي من خروج المرأة للعمل، هو المشاركة في تحمل أعباء المنزل المادية".

ويكشف أن "طبيعة الضغوط التي قد يسببها العمل تختلف بين مهنة وأُخرى، فهناك أعمال مريحة لا تسبب أي ضغوط نفسية، تسمح للمرأة بأن توفق بينها وبين عائلتها، مقابل أعمال أُخرى تتعارض مع ظروف العائلة، وتجعل المرأة تعود متعبة تنشد الراحة في بيتها، ولا تستطيع أن تقوم بواجباتها الزوجية بشكل حسن، الأمر الذي ينعكس على الأسرة كلها".