خبر الشيخ جراح .. شرطة فوق القانون؟ .. يديعوت

الساعة 09:26 ص|18 يناير 2010

بقلم: تالي نير

محامية في جمعية حقوق المواطن في اسرائيل

ما يحصل في الاشهر الاخيرة في الشيخ جراح يجب أن يقلقنا جميعا. على مضمون المظاهرة يمكن الاختلاف، ولكن سلوك الشرطة علينا جميعا أن ندينه. هذه القصة لا تعود فقط لمجموعة صغيرة من المتظاهرين بل هي قصة تروي ما يحصل هذه الايام للقيم الديمقراطية في اسرائيل وتشير الى تدهور خطير في قدرة الاحتجاج السياسي لدينا جميعا.

يوم الجمعة الماضي اعتقل في حشد احتجاجي هادىء في الشيخ جراح 17 مشاركا، بينهم مدير عام جمعية حقوق المواطن حجاي العاد الذي جاء ليشاهد عن قريب سلوك الشرطة حيال المتظاهرين. ومثلما في الاسابيع السابقة، فرقت الشرطة بالقوة الحشد الهادىء والقانوني، بدعوى انه لم يصدر إذن للمسيرة.

 هذا التعليل يشير اكثر من أي شيء آخر الى تجاهل شرطة القدس القانون الصريح الذي يقضي بان مسيرة من خمسين شخصا فأكثر فقط، او حشدا بمشاركة خمسين شخصا فأكثر وفيه خطابات في موضوع سياسي، ملزم بالترخيص. بتعبير آخر: المظاهرة غير ملزمة بالترخيص حتى لو شارك فيها اكثر من خمسين شخصا طالما لا توجد فيها خطابات سياسية او مسيرة.

في الدولة الديمقراطية يفترض بالشرطة أن تحافظ على القانون وان تسمح بامكانية الاحتجاج الجماهيري وعدم احباطه. وبدلا من ذلك، في الشيخ جراح اختارت حتى اليوم الخطوة المعاكسة. رغم انه لم يكن هناك أي سبب حقيقي للاعلان عن المظاهرة بانها غير قانونية، فعلت الشرطة ذلك، دون ان تعرض أي اثبات على أن المظاهرات من شأنها أن تعرض احدا للخطر. لشدة الاسف، ترافق هذا الاعلان في الاشهر الاخيرة مع وسائل عنيفة: المظاهرات الهادئة فرقت بقوة شديدة واكثر من سبعين مشاركا اعتقلوا. واستخدمت الشرطة غاز الفلفل الحارق، الكمامات السوداء، و "المستعربين" ووسائل اخرى لقمع احتجاج شرعي جرى في منطقة لا يوجد فيها أي ازعاج للجمهور.

 الاحتجاج في الشيخ جراح يثير الخلاف، كونه يطرح مسألة عمق النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. فقد بدأ قبل اكثر من خمسة اشهر بعد اخلاء عائلتين فلسطينيتين من منزليهما كانتا تسكنان في المكان منذ 1948، لادخال عائلتين يهوديتين مكانيهما. اخلاء عائلتي غاوي وحنون صادقت عليه المحكمة الاسرائيلية التي قبلت ادعاءات "لجنة طائفة الشرقيين" في ان المنزلين كانا يعودان اليها قبل 1948.

ظاهرا، يدور الحديث عن نزاع قضائي، حسم في المحكمة، ولا مجال لادعاءات العائلات التي خسرت القضية. ولكن الامور اكثر تعقيدا من ذلك: القانون الاسرائيلي يمنع الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم في حربي 1948 و 1967 من المطالبة بها مرة اخرى. بالمقابل، فهو يسمح للاسرائيليين، مثلما في هذه الحالة، بان يطالبوا باستعادة الاملاك. الاحتجاج هو على عدم التماثل القضائي هذا.

ابناء العائلات الفلسطينينة لا يتنازلون. فمنذ اشهر وهم يسكنون في خيام امام منازلهم، المنازل التي اخلوا منها. الشجب الكبير الذي جاء من العالم بأسره، والاحتجاج الذي لا ينطفىء، يشيران الى أن هذه القضية فتحت فقط صندوق المفاسد لموضوع الاملاك الاسرائيلية والفلسطينية، والتي قد تحسم فقط بعد مفاوضات سياسية.

هذه الخلفية توضح لماذا تثير المسألة الخلاف. ولكن ما ينبغي أن يكون واضحا هو ان الاحتجاج لا يمكن اسكاته بالقوة. حرية التظاهر وحرية التعبير هما من المبادىء الاساس للديمقراطية الاسرائيلية ولا مكان لايقافهما في الشيخ جراح.

محكمة الصلح، التي قررت امس الافراج عن المعتقلين دون شروط، انتقدت سلوك الشرطة، وحسن فعلت ذلك، ولكن لماذا ينبغي للامور أن تصل الى هذا المستوى؟ الشرطة ملزمة بان تجري مراجعة داخلية وان تتبنى سياسة مغايرة تماما تحترم حرية الرأي والديمقراطية لدينا.