خبر ميتشيل كمثال: توقعات مبالغ فيها.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:32 ص|17 يناير 2010

بقلم: دوري غولد

عني المحللون الاسرائيليون الاسبوع الماضي بالمقابلة التي منحها السناتور جورج ميتشيل، المبعوث الامريكي الخاص الى الشرق الاوسط لشبكة بي.بي.سي الامريكية. في المقابلة، كما زعم الكثيرون، هدد ميتشيل بممارسة ضغط على اسرائيل من خلال تقليص الضمانات. الحقيقة هي أن ميتشيل لم يبادر الى الموضوع وبالاجمال رد على سؤال من المذيع، تشارلي روز، تعلق بالضغوط التي مارستها ادارة بوش الاب.

المناقشات حول التحليل لتصريحات ميتشيل دفعت الكثيرين الى عدم الانتباه الى نقطة أكثر اهمية بكثير طرحت في المقابلة التي استغرقت خمسين دقيقة: من اللحظة التي سيجلس فيها الفلسطينيون والاسرائيليون الى طاولة المفاوضات، سيكون بوسعهم الوصول الى اتفاق في غضون سنتين بل واقل. يخيل أن ميتشيل تجاهل حقيقة أن ستة رؤساء وزراء عملوا على تحقيق اتفاق دائم على مدى 17 سنة.

ما الذي دفع ميتشيل الى التفكير بان مثل هذه المفاوضات ستنجح بالذات الان؟ يحتمل أنه طرح "موعدا نهائيا" من سنتين كي يغري ابو مازن في العودة الى طاولة المفاوضات لانه ليس بوسع الامريكيين ان يفرضوا على اسرائيل أي شروط مسبقة يطرحها ابو مازن.

الجدول الزمني الضيق لميتشيل يعكس سهما كان سائدا في العديد من معاهد البحث حول تلة الكابيتول في واشنطن في السنوات الثمانية الاخيرة وبموجبه "كلنا نعرف كيف سيبدو الاتفاق النهائي". الخبراء من خريجي ادارة كلينتون او اولئك الذين جندتهم ادارة اوباما، شعروا بان تفاصيل اتفاق السلام الاسرائيلي – الفلسطيني سبق ان بحثت وكل ما تبقى هو ربط الاطراف.

ما ساهم في هذه النظرية كان الفهم المغلوط للمتفاوضين في الماضي. فمثلا، عندما انتهت محادثات طابا قال وزير الخارجية في حينه شلومو بن عامي لمراسل صوت اسرائيل ان الطرفين لم يكونا أبدا قريبين بهذا القدر من الاتفاق. عندما طلب المراسل رد فعل الطرف الفلسطيني على هذا التقدير، اجابه محمد دحلان بشكل مباشر: "خربطة برطة".

رغم ذلك، فقد احدثت الفكرة امواجا وكأن الاتفاق كان في أساسه حقيقة ناجزة. في واشنطن كان هناك ميل لتبني الرواية الاسرائيلية للاحداث وتجاهل ما قاله الفلسطينيون.

كما أن تقديرات ابو مازن بالنسبة لمحادثاته مع ايهود اولمرت كانت متشائمة وفي روح اقوال دحلان من العام 2001. في مقابلة منحها لعكيفا الدار في صحيفة "هآرتس" في 12 ايلول 2008 قال ابو مازن: "لا يمكنني القول انه اتفق حتى على مسألة واحدة. الفجوة بين الطرفين بقيت كبيرة جدا".

في ضوء ذلك قال حسين آغا، الذي كان مشاركا في المفاوضات من الطرف الفلسطيني لسنوات عديدة الى جانب روبرت مالي من ادارة كلينتون، في مقال نشر في 3 كانون الاول ان اتفاقا على انهاء النزاع في هذه المرحلة غير قابل للتحقق. 74 في المائة من الامريكيين يعتقدون أن فرص اتفاق السلام في العشر سنوات القادمة طفيفة.

الفهم السليم لمحادثات الماضي حيوي للغاية. والا فان المندوبين الاسرائيليين والفلسطينيين سيلتقون مرة اخرى في محاولة لتربيع الدائرة: التطلعات الاقليمية للفلسطينيين، والتي لا تنسجم مع قدرة التنازل الاسرائيلية التي تراعي احتياجاتها الامنية وحقوقها في القدس. فقط نهج دبلوماسي جديد لا يقوم على اساس توقعات مبالغ فيها، بل على سياقات بعيدة المدى يمكنه ان يعفي اسرائيل من تاريخ طويل من المفاوضات التي ادت الى مأزق.